ترتيبات خطرة - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترتيبات خطرة

نشر فى : الجمعة 4 ديسمبر 2020 - 9:45 م | آخر تحديث : الجمعة 4 ديسمبر 2020 - 9:45 م

الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حافلة بكثير من المفاجآت، خصوصا فى ملف المصالحة الخليجية وتحديدا بين السعودية وقطر، وكذلك التقارب المحتمل بين الرياض وأنقرة، الأمر الذى يراه البعض «تفكيكا» للجبهة التى ساندت مصر فى مواجهة التدخلات التركية والقطرية بالمنطقة.
التطور الأول فيما يخص ملف المصالحة الخليجية، كشفت عنه وكالة «بلومبرج» الأمريكية للأنباء، حيث قالت نقلا عن مصادر مطلعة إن «السعودية وقطر تقتربان من التوصل إلى اتفاق أولى لإنهاء الخلاف المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، يشمل إعادة فتح المجال الجوى والحدود البرية بين البلدين، ووضع نهاية للحرب الإعلامية بينهما، والقيام بالمزيد من الخطوات لبناء الثقة، ضمن خطة مفصلة لإعادة العلاقات تدريجيا»، وأشارت إلى أن «الاتفاق الأولى لن يشمل الدول الثلاث الأخرى التى قطعت، إلى جانب السعودية، العلاقات مع قطر عام 2017، وهى مصر والإمارات والبحرين».
أما التطور الثانى والمتعلق بالعلاقات السعودية التركية، فتمثل فى الاتصال الهاتفى «النادر» الذى جرى بين العاهل السعودى والرئيس التركى، قبل استضافة الرياض للاجتماع الافتراضى لمجموعة العشرين فى أواخر نوفمبر الماضى، حيث ذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس» أن الاتصال شهد بحث العلاقات الثنائية، فيما ذكرت وكالة الأناضول التركية أن «القائدين اتفقا على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بين بلديهما»، وبحثا «تحسين العلاقات وحل المشاكل العالقة».
هذان التطوران اللافتان يمثلان بالتأكيد تحديا وقلقا للقاهرة، التى لا تزال تسعى للجم التدخلات التركية والقطرية فى شئونها الداخلية عن طريق دعم جماعة الإخوان، وكذلك فى المناطق التى تعد امتدادا طبيعيا لأمنها القومى، خصوصا ليبيا والمياه الاقتصادية فى شرق البحر المتوسط.
هذا القلق المصرى الذى يبدو طبيعيا ومشروعا، حاولت لجنة التشاور السياسى المصرى السعودى برئاسة وزيرى خارجية البلدين، تطويقه فى اجتماعها الأخير فى الرياض بداية الشهر الجارى، حيث أكدت على «رفض التدخلات الإقليمية فى الشئون الداخلية العربية، ومحاولات زعزعة أمن واستقرار المنطقة»، كما شددت على «أهمية الاستمرار فى آلية التنسيق والتشاور السياسى بين البلدين».
على أية حال، هناك ترتيبات للأوضاع تجرى على قدم وساق فى الإقليم حاليا، إما استباقا لقدوم إدارة جو بايدين الجديدة، أو استجابة لإدارة ترامب التى تستعد للمغادرة، لكن هذه الترتيبات تحمل تحديا للسياسة الخارجية المصرية، وقد تصل فى بعض الأحيان لمستوى «الخطر»، سواء فيما يتعلق برغبة البعض فى إنهاء مقاطعة قطر أو إعادة العلاقات مع تركيا، دون مراعاة لشواغل ومصالح القاهرة ورغبتها فى وقف تدخل هاتين الدولتين فى شئونها الداخلية، وكذلك هرولة البعض الآخر لإقامة علاقات مع إسرائيل، وما يستتبع ذلك من خطط ومشاريع تمثل ضررا بالغا للاقتصاد المصرى.
هذا الوضع يتطلب من مصر ترتيب أوراقها بشكل جيد، استعدادا للتعامل مع الواقع الجديد، وأولى الخطوات فى هذا الاتجاه، تتمثل فى إجراء «وقفة» جادة مع الأشقاء العرب، تبلغهم فيها عدم قبولها بأى إجراءات أو سياسات من شأنها إضعاف موقفها فى مواجهة الدول التى تكن لها عداءً شديدًا وتسعى لتخريب استقرارها ومصالحها الاستراتيجية.
الخطوة الثانية بناء تحالفات قوية مع أطراف دولية مؤثرة، تعوض أى فتور محتمل فى العلاقات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وتدعم المواقف التى تتخذها للحفاظ على أمنها ومصالحها الاستراتيجية، سواء فى الغرب أو الجنوب.
أما الخطوة الأخيرة فتتمثل فى تقوية أوضاعها الداخلية، ومعالجة الثغرات المتعلقة بملف حقوق الإنسان والحريات، والتى قد تستغلها أطراف خارجية لممارسة ضغوط قوية عليها، تشتت ذهنها عن مواجهة التحديات الخطيرة التى تهدد أمنها ومصالحها، وهذا الأمر لن يتحقق سوى بالانفتاح على الجميع المعارضين قبل المؤيدين، والاستماع للآراء المختلفة طالما تستهدف الصالح العام.

التعليقات