كتب وكراسات.. فى السينما - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 10:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كتب وكراسات.. فى السينما

نشر فى : الجمعة 10 أكتوبر 2014 - 8:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 10 أكتوبر 2014 - 8:40 ص

غير صحيح ما يشاع عن أزمة أو ندرة النقد السينمائى، لكن الصحيح أن الدراسات والأبحاث السينمائية، برغم جمهورها العريض، المتوافر والمحتمل، لا يجد لها مكانا فى دور النشر، ولا تلقى ترحيبا من مجلات وصفحات الفن، حيث الاهتمام بالنجوم وأخبارهم، أوسع من الاكتراث بإنتاجهم.. توقفت مجلة «السينما»، الرفيعة المستوى، التى كانت تصدر فى السبعينيات من القرن الماضى، والكتب القليلة التى تقدمها على فترات متباعدة دور النشر، لن تجد لها متابعات ومراجعات فى الجرائد اليومية والأسبوعية.. لكن الصورة ليست معتمة تماما، فثمة نافذتين ينبعث منهما الضياء: الكتب التى تصدرها المهرجانات، عن المكرمين، التى يتجاوز الكثير منها، التقيد بضرورة الاحتفاء، ليقدم رؤية تنفذ إلى عمق الأعمال التى حققها هذا أو ذاك.. النافذة الثانية تتمثل فى سلسلة «آفاق السينما» التى تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة، الجهة الوحيدة، المنتظمة، أو شبه المنتظمة، فى تقديم كتب السينما، ويتلقفها عشاق الفن السابع، وتشكل بالثمانين عددا من إصداراتها، ركنا ثريا، فى مكتبة كل مثقف.

منذ أسابيع، انتهت الدورة الثلاثين من مهرجان الإسكندرية، وبينما تلاشت أصوات المهاجمين له، وخفتت أصداء المصفقين له، بقى منه الكتب الخمس، التى وإن جاءت متفاوتة المستوى، فإنها حقيقة تعتبر إضافة لمكتبة الأطياف، تلقى ضوءا على المحتفى بهم، أيا كان هذا الضوء، ساطعا أو شحيحا، فضلا عن كونها تنبئ بقدوم جيل جديد من نقاد، يسير فى هذا المجال، بخطوات ثابتة.

أحمد شوقى، الشاب الدءوب، الذكى، المشاهد اليقظ للأفلام، يراها من زاويته الخاصة. غالبا، تخرج من كل مقال يكتبه، بفكرة لامعة.. فى هذه المرة، حالفه الحظ مرتين، مرة بموضعه البالغ الثراء، والثانية باختياره الموفق لمادة الكتاب وشكله.

الموضوع: داود عبدالسيد، العلامة الواضحة، المميزة، على خارطة السينما المصرية، فكل فيلم من أفلامه يعتبر حدثا ثقافيا، بل تأريخا، اجتماعيا وسياسيا ونفسيا للفترة التاريخية التى يتعرض لها.. ومن الناحية الفنية، ثمة إنجازات مرموقة، فى لغته السينمائية، لا تنتمى إلا له، وتحتاج لمن يكتشف ويكشف أسرارها.. أحمد شوقى، حمل أسئلته الجوهرية، ليطرحها على داود، ويناقشه فى عموميتها وتفاصيلها، ولاحقه، بالمزيد منها.. وجاءت إجابات المخرج، فى العمق، وعلى نحو يكشف أسرارها. الكتاب، نموذج رفيع لفن الحوار، حين يكون المحاور مستوعبا لفن مخرج فى قامة.. داود عبدالسيد.

كتابان، فى هذه الدورة، صدرا عن محمد منير، المعشوق، المغنى الهائل، والممثل السيئ ـ فى تقديرى ـ لذا، أشفقت، بل تخوفت من أن يجرى التعامل معه كموهبة فى التعبير بالوجه، توازى موهبة الحنجرة.. لكن الكاتبتين، رانيا يحيى، وناهد صلاح، كل على حدة، خرجت، بطريقتها، من المأزق. أولهما، فى كراستها «علِّى صوتك بالغنا»، اتجهت نحو تحليل أغنيات محمد منير، موسيقيا، مبينة دور الملحنين فى إبراز القدرة التعبيرية لصوته، وأنواع المقامات التى يستجيب لها صوت المغنى، بأصوله النوبية التى لم يغادرها لحظة واحدة.

أما ناهد صلاح، فى كراستها «حدوتة مصرية»، صاحبة الأسلوب الشائق، فإنها اختارت، بفطنة، مدخلا سينمائيا.. قدمت جردة، لها شأنها، لصورة «النوبى» التى يشوبها الاستعلاء إن لم يكن التجنى، لهذا القطاع من أبناء الوطن.. ثم، تبين بجلاء، اختلاف صورة المغنى، عند محمد منير، عن الصورة النمطية للمغنى، فى الأفلام المصرية، التى يبدو فيها «المطرب» رومانسيا رقيقا، ناعما، تضنيه علاقة حب تعوقها الظروف.. محمد منير، قام بدور الفتى الشرير، فى «يوم مر.. يوم حلو» لخيرى بشارة.. وضع محمد منير، فى هذه السياقات، أنقذ الكراسى من آفة التبجيل، بلا حدود.

بعد «13» صفحة، عن مشوار نادية الجندى، يجرى محمد قناوى حوارا معها، يجمع بين الخاص والعام، ويتسم بطابعه الصحفى السطحى، شأن الكلام المكرر عن مراحلها الفنية.. الكراسى، لا يجيب عن أسئلة: ما الذى تمثله شخصية المرأة الساعية للانتقام، اجتماعيا ونفسيا.. وما الفارق بينها والجيل السابق واللاحق والمواكب لها.. ولماذا حققت أفلامها ذلك الرواج.. وكيف أصبحت «نجمة الجماهير».. ربما يجيب قناوى فى كتاب لاحق.

صديقى، خالد محمود، اختار عنوانا كبيرا لكراسته عن نور الشريف «سينما نور الشريف.. الذات والوطن»، لكن ما تضمنته الصفحات التى لا تتجاوز الثلاثين، أقل وأصغر من العنوان، ونور الشريف، وخالد محمود نفسه، فهى مجرد خواطر عشوائية لطائر ينظر سريعا، لتضاريس وأعماق، تحتاج لتأمل وتحليل وربط بين الأشياء، لعله يقوم بها، فيما بعد.

بدورى أعترف: هذه نظرة طائر على إنجاز مهرجان الإسكندرية، فى مجال إصدار كتب مهمة، يستفيد منها الجميع، سواء الجيد منها أو المتواضع، لكن لا أحد يكترث، فى صحافتنا، بها، بمن فى ذلك من يصر على اقتنائها.

أما كتاب «الطريق إلى سينما 25 يناير»، لمحمد بدر الدين، الصادر فى سلسلة «آفاق السينما»، فإنه يحتاج لوقفة، قد تأتى لاحقا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات