حجم التبادل بين مصر وإفريقيا.. ضعيف جدا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 31 يوليه 2025 12:02 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

حجم التبادل بين مصر وإفريقيا.. ضعيف جدا

نشر فى : الثلاثاء 29 يوليه 2025 - 7:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 29 يوليه 2025 - 7:10 م

هل يعقل أن حجم التبادل التجارى بين مصر وكل الدول الإفريقية أى 53 دولة، لا يتجاوز عشرة بلايين دولار؟!

تذكرت هذا الرقم الصغير جدًا، وأنا فى جولة وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى فى ست دول إفريقية، الأسبوع الماضى، هى: «تشاد ونيجيريا وبوركينا فاسو والنيجر ومالى والسنغال»، وكان معه 30 من رجال الأعمال، يرأسهم شريف الجبلى، رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب. طبقًا لآخر الإحصائيات الرسمية من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن حجم التبادل التجارى بين مصر والقارة الإفريقية بلغ 9.8 مليار دولار قبل سبعة شهور أى فى نهاية عام 2024، بنسبة نمو بلغت 6.5٪، وهو تطور جيد مقارنة بقيمة 9.2 مليار دولار فى عام 2023 و6.86 مليار دولار فى 2022.

والملاحظة هنا أن هناك نموًا مطردًا فى التبادل التجارى بين الطرفين، لكنه فى المحصلة النهائية ضعيف جدًا، ولا يليق بحجم الكلام الكثير والمتكرر عن الاتجاه نحو إفريقيا، سواء على مستوى التبادل التجارى أو الاستثمارات، والأخيرة سوف نناقشها لاحقًا إن شاء الله.

البيانات تقول أيضًا إن الصادرات المصرية لإفريقيا ارتفعت عام 2024 إلى 7.7 مليار دولار بنسبة 4.7٪ مقارنة بعام 2023، حيث سجلت 7.4 مليار دولار، فى حين بلغ حجم الواردات 2.1 مليار دولار عام 2024 مقارنة بـ1.8٪ فى عام 2023 بزيادة بلغت 14.5٪.

وإضافة إلى أن حجم التبادل التجارى مع إفريقيا ليس كبيرًا فإن الملاحظة الأخطر هى أن معظم التبادل التجارى موجود مع الدول العربية فى القارة الإفريقية، فمن بين 7.7 من الصادرات المصرية، يذهب منها 2 مليار لليبيا، ومليار للمغرب و966 مليون دولار للجزائر و866 مليون دولار للسودان و372 مليونا لتونس، ولو جمعنا هذه المبالغ سوف نكتشف أنها تمثل نحو 70٪ من حجم التبادل، فى حين أن إجمالى صادراتنا لكل من ساحل العاج وكينيا وغانا ونيجيريا ومدغشقر بلغت نحو المليار دولار.

وبالنسبة للواردات فإن الكونغو تأتى فى مقدمة المصدرين لمصر بحوالى 622 مليون دولار والسودان 293 مليونًا وكينيا 260 مليونًا ونيجيريا 150 مليونًا ارتفعت هذا العام للضعف، بسبب استيراد شحنات غاز مسال، وجنوب إفريقيا 154 مليونا وزامبيا 64 مليون دولار وليبيا 57 مليونًا وتونس 50 مليون دولار.

أهم صادرات مصر لإفريقيا، الأسمنت والجبس والحديد والفولاذ وبقية مواد البناء وملح الطعام والأدوات الكهربائية والمعدات ومنتجات الطحين والمنتجات البلاستيكية.

أما أهم الواردات فهى النحاس ومنتجاته، والقهوة والشاى والوقود والزيوت المعدنية والبذور الزيتية والقطن والجرارات.

هذه هى الحقيقة بالأرقام، ورغم النمو المستمر فى حجم التبادل التجارى وحجم الصادرات المصرية لإفريقيا، فإن هذا الحجم لا يتناسب مع الطموحات المصرية. بل إن تطلع مصر لزيادة حجم التبادل بنهاية 2025 إلى 15 مليار دولار أى نسبة 50٪ تقريبًا، لا يمثل أيضًا الطموح الحقيقى رغم أننى أراه أيضًا صعب المنال بالنظر إلى التحديات المختلفة.

المفترض أننا نقول ونكرر دائمًا إنه ينبغى علينا أن نتوجه إلى إفريقيا، باعتبارها القارة البكر، ومن البديهى أننا لا نستطيع المنافسة فى أوروبا وأمريكيا ومعظم آسيا.

ويتعجب المرء من أن مصر عضو فاعل فى معظم الاتفاقيات الإقليمية الإفريقية، مثل الكوميسا، وهى السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، وتضم 21 دولة وعضوًا فى اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية التى دخلت حيز التنفيذ عام 2021، وتضم 54 دولة.

لكن بطبيعة الحال هناك معوقات كثيرة مثل عدم استقرار الأوضاع الداخلية فى العديد من بلدان القارة، وانتشار الحروب والصراعات الأهلية والطائفية والعرقية، وانتشار الفساد، واللوبى الغربى والصينى المسيطر فى العديد من دول القارة، وضعف خطوط النقل البحرى والبرى المباشر، ومشكلات آليات الدفع وتدبير العملة الصعبة.

ومصريًا هناك الإرادة السياسية القوية من الرئيس عبدالفتاح السيسى وجهد هائل من وزارة الخارجية والدكتور بدر عبدالعاطى، لكننا نحتاج إلى مزيد من التنسيق بين كل الجهات والمؤسسات المصرية والتكامل فيما بينها، حتى نتغلب على بعض هذه المعوقات وننطلق إلى الأمام إفريقيًا، لأنه لا بديل عن ذلك فى كل الأحوال.

هذا عن التبادل التجارى، وغدًا إن شاء الله نتحدث عن الاستثمارات المصرية فى إفريقيا وكيفية تشجيعها.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي