الحل في إفريقيا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 26 يوليه 2025 1:02 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

الحل في إفريقيا

نشر فى : الجمعة 25 يوليه 2025 - 9:35 م | آخر تحديث : الجمعة 25 يوليه 2025 - 9:35 م

بعد زيارة ستة أيام لست دول إفريقية صرت مقتنعًا تمام الاقتناع أن أحد أهم مخارج مصر من أزماتها الاقتصادية، يتمثل فى التوجه بقوة إلى القارة الإفريقية.

الزيارة كانت لتغطية جولة وزير خارجيتنا الدكتور بدر عبدالعاطى إلى كل من تشاد ونيجيريا وبوركينا فاسو والنيجر ومالى والسنغال، وهدفها الأساسى فتح مجالات جديدة أمام المصدرين والمستثمرين المصريين فى هذه البلدان.

كانت لنا تجربة ذهبية فى العلاقات المصرية الإفريقية من بداية الخمسينيات حتى نهاية السبعينيات تقريبًا.

بالطبع الأجواء والظروف تغيرت، وصار هناك نفوذًا هائلًا للعديد من القوى الكبرى والإقليمية.

صحيح أن مواردنا محدودة وأموالنا قليلة مقارنة ببعض الدول الكبرى، لكن ومن خلال هذه الجولة، اكتُشفت أن لدينا العديد من الخبرات والمهارات والعلاقات الإنسانية التى يمكن أن تعوض نقص الموارد. المهم أن تكون هناك إرادة سياسية ووطنية كاملة متبوعة بخطط واضحة للتنفيذ. وقد سمعت أكثر من مرة خلال الجولة من الدكتور بدر عبدالعاطى أن تعليمات وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى هى التوجه بقوة إلى إفريقيا.

عبدالعاطى وخلال كل اللقاءات كان يتحدث مع المسئولين والمستثمرين الأفارقة، بلغة عملية هى «لنعمل بمبدأ الكل رابح». وفى نفس الوقت لغة عاطفية جيدة عنوانها نحن إخوة وأشقاء أبناء قارة عظيمة واحدة.

أحد المبادئ الأساسية التى يتبعها بدر عبدالعاطى أن يكون تركيز السفارات المصرية على كيفية خدمة الاقتصاد المصرى وفتح الأسواق الإفريقية أمام المصدرين والمستثمرين.

فى ظنى ليس مطلوبًا من أى سفير فى دولة إفريقية أن ينشغل بأى قضايا باستثناء العلاقات الثنائية بين البلدين، على أن يكون هدفه الرئيسى هو كيفية إفادة اقتصاد بلده.

مصر يمكنها أن تستثمر فى الزراعة هناك وبدلًا من تصدير المياه المصرية فى صورة الأرز مثلًا، فيمكن زراعته ومحاصيل أخرى فى العديد من دول القارة، ومنها مثلًا نيجيريا ومعظم مناطقها الشمالية مغمورة بالمياه طوال العام. وبالمناسبة فبعض الدول العربية بدأت هذا النوع من الاستثمار منذ سنوات فى إفريقيا.

التوجه إلى إفريقيا لم يعد ترفًا، خصوصًا بعد عاصفة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الخاصة بالرسوم الجمركية ضد معظم دول العالم، ومصر لن تستطيع المنافسة فى أوروبا وأمريكا، وأملنا أن ننجح فى إفريقيا وفى الوطن العربى، وبالتالى فالاستثمار فى القارة الإفريقية سيكون خيارًا حتميًا، والأهم أنه الأقل تكلفة والأكثر ربحية، ليس ذلك فقط، بل إنه ذو أهمية استراتيجية. والمسألة ببساطة أنه لا يمكن فهم أن نستورد لحومًا من بعض دول أمريكا اللاتينية، فى حين يمكننا أن نستورد ما نحتاجه من دول إفريقية خصوصًا حوض النيل، ولحومها أكثر جودة وأقل سعرًا، وهى ستمثل ورقة مهمة فى تقوية علاقاتنا مع القارة الإفريقية.

لم يعد ترفًا أن ندير ظهرنا للقارة الإفريقية وسامح الله المسئولين الذين تبنوا هذا النهج منذ عام 1995، وولوا وجوههم شطر أمريكا وأوروبا.

يقول بدر عبدالعاطى خلال لقائه مع الجالية المصرية فى أبوجا: اقتصادنا مرتبط عضويًا بالقارة الإفريقية، ولدينا شركات على مستويات عالمية، ولديها خبرات أكثر من نظيرتها من الشركات الدولية الكبرى. والعديد من الدول الإفريقية تقول لنا إن أداء الشركات المصرية فى إنشاء الطرق أفضل مما تنفذه شركات عالمية. 

وعرفت من الدكتور عبدالعاطى أن هناك تفكيرًا فى عمل شركة كبرى للزراعة بمشاركة من الحكومة والقطاع الخاص للاستثمار فى إفريقيا والوطن العربى فى  العديد من الأنشطة، خصوصًا المزارع النموذجية. ولدينا إمكانية أكبر فى صناعة الأدوية فى إفريقيا إضافة إلى المعدات الطبية والاتصالات، وقد نفذنا أهم نموذج للاستثمار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، وهو سد جوليوس نيريرى فى تنزانيا، وكله إنتاج مصرى ما عدا التوربينات.

وهناك جانب مهم أن تجذب مصر المزيد من الدارسين الأفارقة فى مصر أو إنشاء  جامعات مصرية هناك، إضافة إلى الاستثمار الطبى عبر إقامة مستشفيات أو مراكز طبية محددة هناك. وهناك أيضًا دور الأزهر الكبير الذى يمكن استثماره فى كل المجالات.

هل معنى ما سبق أن الأمور وردية فى إفريقيا؟

الإجابة لا، والتحديات والمشاكل كثيرة، خصوصًا الفساد والصراعات والحروب والمنافسين الحاليين والحاجة إلى عملات صعبة كبيرة فى البداية، ورغم كل ذلك لا مفر ولا بديل عن طرق أبواب إفريقيا بقوة، خصوصًا للقطاع الخاص على أن تدعمه الدولة بكل إمكانياتها.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي