إسرائيل .. معزولة ومنبوذة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 سبتمبر 2025 9:25 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لقمة الأهلي والزمالك المقبلة؟

إسرائيل .. معزولة ومنبوذة

نشر فى : السبت 27 سبتمبر 2025 - 8:00 م | آخر تحديث : السبت 27 سبتمبر 2025 - 8:00 م

كتبت كثيرا فى هذا المكان مقللا من حجم وتأثير «المجتمع الدولى» خصوصا فى لجم ووقف ومنع العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين وعلى عدد كبير من بلدان المنطقة.
لكن أحداث الأيام الأخيرة تقول إن هناك دورا وتأثيرا للمجتمع الدولى، حين يتم إدارته وتنظيمه بصورة صحيحة.
لكن وحتى لا نسرح فى الخيال كثيرا، فإن هذا الدور يظل محدودا ويحتاج إلى وقت طويل كى يؤثر ويكتمل ويقود إلى تغيير ملموس وليس مجرد بيانات وإدانات.
فى الأيام الأخيرة شهدنا حدثين مهمين جدا يقولان بوضوح إن الدبلوماسية والمجتمع الدولى والسياسة يمكنها أن تؤثر بصورة صحيحة وقوية.
الحدث الأول، تم مساء أمس الأول الجمعة حينما انسحبت غالبية وفود الجمعية العامة للأمم المتحدة من القاعة الرئيسية فى اللحظة التى بدأ فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو كلمته، ولم يتبق أمامه فى القاعة إلا الوفد الأمريكى ووفود قليلة، إضافة لشخصيات يهودية أمريكية دعاها نتنياهو للاستماع إلى خطابه، وتعويض الانسحاب المتوقع لغالبية الوفود.
الوفد الفلسطينى وهو بصفة مراقب فى الأمم المتحدة تمكن من هزيمة إسرائيل دبلوماسيا فى هذا المحفل الدولى الكبير. هو طلب ـــ وبمساعدة عربية ودولية ـــ اصطحاب أكبر عدد من الأشخاص المسموح بهم إلى قاعة الأمم المتحدة، حتى يكون مشهد الانسحاب أثناء بداية كلمة نتنياهو واضحا ومؤثرا وواضحا، وكاشفا للعزلة الدولية التى بدأت إسرائيل تعيشها فى الفترة الأخيرة، وبدأ العديد من كبار مسئوليها وإعلامييها يعترفون ويقرون بها، ويؤكدون أن ما حدث يمثل إحراجا علنيا لنتنياهو وموقفا عالميا من سياساته.
مشهد الانسحاب كان كاشفا أن إسرائيل شبه معزولة عالميا، رغم أن روايتها أو سرديتها الدولية كانت فى القمة حتى بداية عدوانها على غزة فى ٧ أكتوبر قبل الماضى، ورغم كل ذلك استمر نتنياهو فى إلقاء كلمته وتكرار أكاذيبه وإصراره على استمرار العدوان بل وتوسيعه ليشمل العراق.
المشهد الثانى حدث فى بدايات الأسبوع الماضى حينما انعقد مؤتمر «حل الدولتين» فى نيويورك برئاسة سعودية فرنسية، وخلاله اعترفت العديد من دول العالم بالدولة الفلسطينية، خصوصا الدول الأوروبية والغربية وأهمها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وبلجيكا والبرتغال.
موجة الاعترافات الأخيرة كانت مهمة للغاية لأنها من دول مؤثرة جدا، علما بأن عدد الدول التى اعترفت بفلسطين منذ عام 1988 وحتى الشهر الماضى وصل إلى أكثر من 140 دولة وارتفع الآن إلى ١٥١ دولة.
أهمية الحدث أيضا أن الولايات المتحدة بكل جبروتها لم تتمكن من منع الدول من الاعتراف بفلسطين، ومن المفارقات الصادمة لإسرائيل أن المشهدين وقعا فى نيويورك الأمريكية بكل رمزيتها الدولية، وليس فى مدينة عربية أو إسلامية أو عالمثالثية.
ومن المفارقات أيضا أنه فى اللحظة التى كان يتحدث فيها نتنياهو فى القاعة شبه الخالية، كانت العديد من المظاهرات تجتاح مدنا أمريكية تنديدا بالعدوان الإسرائيلى خصوصا على قطاع غزة، مقارنة بحجم الترحيب والتصفيق لكلمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والتى كانت «أونلاين» بعد أن منعت السلطات الأمريكية منحه تأشيرة الدخول.
مرة أخرى من المهم استمرار هذا الزخم وتعظيمه حتى يتوقف العدوان الإسرائيلى الذى تحدى العالم كله، طالما أنه يحظى بدعم الولايات المتحدة.
لكن وكما بدأت، فإن الدبلوماسية أو المجتمع الدولى وحده لا يوقف العدوان. فالإدانات والاستنكارات الدولية تتوالى ضد إسرائيل منذ بداية العدوان بل منذ عام 1948، ورغم ذلك لم يتوقف الاحتلال أو العدوان، وغالبية دول العالم تعترف بالدولة الفلسطينية منذ إعلانها فى الجزائر عام ١٩٨٨، لكن ذلك أيضا لم يجعل الدولة تتحول إلى واقع مادى ملموس.
من وجهة نظرى علينا أن نستمر فى العمل الدبلوماسى بكل قوة، ونزيد من عدد الدول المعترفة بفلسطين، لكن بشرط الإدراك بأن ذلك وحده لن يحل المشكلة.
نريد إجراءات عملية توقف العدوان الإسرائيلى وتجبره على الانسحاب وتجسيد الدولة الفلسطينية على أرض الواقع، وليس فقط على الورق.
شكرا لكل دولة اعترفت بفلسطين وشكرا لكل وفد انسحب أثناء إلقاء نتنياهو لكلمته. من المهم استمرار شعور إسرائيل بأنها معزولة ومنبوذة، فربما يقود ذلك إلى تغير على الأرض يوما ما.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي