فى الثامنة من صباح يوم الجمعة الماضى سافرت من القاهرة إلى قريتى التمساحية بمركز القوصية فى أسيوط لزيارة أمى المريضة، شفاها الله، جلست هناك ٤ ساعات، ثم عدت إلى القاهرة مساء.
هذه مقدمة لا صلة لها بموضوع المقال، بل بالطريق الصحراوى الغربى الذى سلكته فى الرحلة ذهابا وعودة، وهو الطريق الأقرب إلى بيتى، مقارنة بالطريق الصحراوى الشرقى.
السطور القادمة هى رسالة استغاثة لكل من يهمه الأمر حتى لا يتعرض هذا الطريق الحيوى والمهم للتخريب والتدمير المتعمد، وضياع مليارات الجنيهات تم صرفها لتطوير هذا الطريق قبل سنوات.
الحكومة مشكورة طورت ورممت هذا الطريق بحيث صار ينافس إلى حد ما طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى، أو القاهرة الإسماعيلية الصحراوى أو القاهرة - العين السخنة، لكن ما يحدث حاليا يهدد هذا الطريق بالخطر الشديد.
أكتب ما رأيته بعينى، وليس نقلا عن أى مصدر. ففى المسافة بين القوصية وحتى نهاية الطريق المتقاطع مع طريق القاهرة - الفيوم، صارت الشاحنات والتريلات وسيارات النقل الثقيلة والخفيفة، تستخدم الطريق الرئيسى، بدلا من طريق الخدمة المخصص لها.
حينما شاهدت هذا المشهد لدى خروجى من القوصية وحتى حدود محافظة المنيا ظننت أن الأمر يعود لإجراء بعض الإصلاحات فى بعض مقاطع حارة الخدمة، لكن مع مرور الوقت تأكدت أن عددا كبيرا من سيارات النقل تستخدم الطريق الرئيسى.
لا أعرف السبب فى ذلك، رغم أن طريق الخدمة تم إنشاؤه أساسا بصورة خاصة، بحيث يتحمل سيارات النقل الثقيل. المادة الخرسانية فى طريق الخدمة مصفحة، ومصممة للنقل الثقيل. وبالتالى فإن هذه السيارات حينما تسير على الطريق الرئيسى المخصص للسيارات الملاكى، فضررها لا يقتصر فقط على إمكانية التسبب فى حوادث وإزهاق أرواح الناس، بل فى تدمير الطريق بصورة منهجية. فى بعض أجزاء الطريق يمكن ملاحظة تأثير سير النقل الثقيل على الطريق الرئيسى حيث أصبح مكسرا و«مشلفطا» بفعل الحمولة الثقيلة التى تتفاعل خصوصا مع درجات الحرارة الشديدة، فتحول الطريق ليصبح «مموجا» وقد يتسبب فى حوادث دامية.
السؤال: ما هى القوة الجبارة للوبى أصحاب التريلات والنقل الثقيل، الذى يجعل الحكومة بكل أجهزتها غير قادرة على مواجهة هذا اللوبى؟!
منذ سنوات طويلة خصوصا منذ عام 2009، وهناك محاولات دائمة من الحكومة لإقناع أصحاب وسائقى هذه السيارات بالالتزام بالحمولة المقررة والسير فى الطريق المخصص، لكن معظم هذه المحاولات تبوء بالفشل للأسف الشديد.
تنشط الحملات المطالبة بضبط سير النقل الثقيل عقب كل حادثة كبيرة دامية يروح ضحيتها العشرات من البشر، لكنها تهدأ بمرور الوقت.
صاحب السيارة يريد أن يكسب مالا أكثر، فيجعل حمولة السيارة مضاعفة، وحينما تسير على الطريق بهذه الحمولة الثقيلة، خصوصا على الطريق الرئيسى، فإنها تتسبب فى تخريبه، وهكذا فإن مالك السيارة قد يكسب بضعة آلاف من الجنيهات، لكن الدولة تخسر فى المقابل مليارات الجنيهات، تم إنفاقها بالفعل على إنشاء ثم تطوير هذا الطريق أكثر من مرة.
بعض السائقين قد لا يدرك مدى خطورة ما يفعله حينما يسير على الطريق الرئيسى، فى حين أن الدولة وفرت له طريقا ممهدا بثلاث حارات ومصممًا بصورة حضارية، وبالتالى فإن الجهات المختصة ينبغى أن تتحرك بكل قوة لإجبار هؤلاء السائقين على الالتزام بالسير فى طريق الخدمة المخصص لهم، ولا أعرف لماذا لا تكون هناك حملات متحركة طوال الوقت لمراقبة تطبيق حركة سير سيارات النقل فى حارة الخدمة، ومدى التزامها بالحمولة المقررة.
ثانيا: ينبغى أن يكون هناك حل جذرى لحجم حمولة النقل الثقيل، فلا يعقل أن تضحى الدولة بمليارات الجنيهات كل فترة من أجل إرضاء هذا اللوبى المتجبر. ثالثا: من المهم أن تكون هناك حملات توعية للسائقين وحملات توعية للعاملين فى المرور أو أى جهة تتولى مراقبة هدف الطرق، حتى نحافظ عليها.
الهدف من الكلمات السابقة ليس فقط طريق أسيوط الصحراوى الغربى، بل كل الطرق المماثلة، لأنه لا يعقل أن تنفق الدولة المليارات ثم تأتى مجموعة من السائقين غير الملتزمين لتهدر كل ذلك.