كيف يمكن للصحافة ووسائل الإعلام المصرية ومعها الجهات المختصة التصدى للذين يحترفون تزييف وتزوير وفبركة منشورات «بوستات» أو بطاقات «بانرات» أو فيديوهات، عبر سرقة «لوجوهات» مواقع صحفية وإعلامية رسمية ومحترمة؟
أطرح هذا السؤال ــ الذى تعودت طرحه بصفة منتظمة فى السنوات الأخيرة ــ لأن عملية الفبركة والتزييف زادت عن حدها.
مناسبة إعادة طرح هذا الموضوع هى انتشار بانر يحمل لوجو وشعار «الشروق» صباح يوم أمس الثلاثاء يقول الآتى:
«إسراء تدلى بصوتها على نقالة بعد ساعات من اغتصابها فى الشرقية»!!، وهذا الكلام الأبله كان مصحوبا بصورة لفتاة على نقالة وحولها خمسة أشخاص ينقلونها.
وبمجرد انتشار هذا البانر على وسائل التواصل الاجتماعى فوجئت باتصالات من كثيرين من الأصدقاء والمعارف يسألون بدهشة كيف تنشرون مثل هذا النوع من الأخبار، هل تبحثون عن الترند، حرام عليكم ما تفعلونه بالناس!!.
بعض الذين قرأوا هذا البانر تشككوا وكانت أسئلتهم هل أنتم فى «الشروق» من نشرتم هذا الخبر، أم أنه مضروب؟!!
وبالطبع فإن عددا كبيرا من المتابعين على بعض المواقع تعامل مع هذه البطاقة أو «البانر» باعتبارها حقيقة واقعة، وبدأ يصب غضبه على «الشروق» والترند والصحف التى تريد هدم البلد!
هذا ما حدث، وتلك هى ملاحظاتى:
أولا: ليست هذه هى المرة الأولى التى ينسب فيها منشور أو فيديو أو بانر مزيف لـ«الشروق» ولغيرها من الصحف خصوصا تلك التى تتمتع ببعض أو كل المصداقية، وبالتالى فالأمر ليس مفاجئا.
ثانيا: للأسف فإن عددا كبيرا من الناس ليس لديه الخبرة الكافية لكى يتأكد من المنشورات المزيفة: بل إن هذا ينطبق على كثير من المسئولين، وقد حدث أن تلقيت اتصالات من مسئولين كبار - صاروا سابقين الآن - عاتبين على وجود بانرات مشابهة.
ولو أن أى شخص طالَع مثل هذا النوع من البانرات وضغط على الرابط أو العنوان أو الصورة المرفقة، فلن يصل إلى موقع «الشروق».
والمشكلة الآن أن وسائل وطرق التزييف صارت متقدمة وشديدة التعقيد بحيث إن كثيرين قد لا يفرقون بين ما هو حقيقى وما هو مزيف، خصوصا بعد أن دخل الذكاء الاصطناعى على الخط، وصارت هناك إمكانية لاستنساخ أصوات الناس بكلام فى منتهى الخطورة. ويمكن لمنشور أو بانر أو فيديو واحد مضروب أن يؤثر بصورة شديدة الخطورة على الأمن بمعناه الشامل.
وليس بعيدا عن ذلك أن موقعا ومنصة إرهابية أعادت تنشيط خبر يوم افتتاح المتحف الكبير يقول: «وقوع انفجار حول المتحف» فى حين أن الخبر حدث بالفعل ولكن قبل سنوات طويلة. وعدد كبير من المواطنين الذين قرأوا الخبر لم يدققوا فى توقيت النشر القديم.
ثالثا: فى المرات السابقة كانت معظم «البانرات المزيفة» طريفة وكوميدية وتعتمد على فكرة المفارقة، بمعنى أن تنسب لرجل دين كبير جدا ووقور فتاوى صادمة ومكتوبة بلغة فجة وفاضحة، أو لوزيرة سابقة وهى تشتم عموم المصريين لأنهم لا يهتمون بنظافتهم وصحتهم!
رابعأ: البانر الأخير ليس بريئا ولا أعتقد أنه من صنع وفبركة شخص غاضب أو معارض، بل هو فى تقديرى من صنع جهة أو جهاز أو تنظيم كبير يهدف إلى تكفير المصريين بكل شىء.
أفهم وأدرك اعتراض بعض المصريين على الانتخابات الحالية وقوانينها وطريقتها، وقد عبر البعض عن ذلك بالفعل فى «الشروق» وغيرها فى إطار القانون والدستور، لكن مثل هذا البوست أو البانر، هدفه أخطر من مجرد اعتراض على طريقة الانتخابات، بل يتعداه إلى وصول البلد بأكمله إلى حالة من اليأس والفوضى والانقسام وحتى يصبح مثل غيره من دول المنطقة.
فهذا البانر يلعب ويعزف على وتر اعتراض بعض المصريين على بعض الممارسات الانتخابية بطريقة شديدة الخبث.
أخيرا: هذا المقال بلاغ إلى كل الأجهزة المختصة لملاحقة مثل النوع من الأشخاص أو الجهات أو التنظيمات الذين يقفون خلف هذا النوع من المنشورات، أو على الأقل يتم معرفة أماكن تواجدهم حتى لو كانوا خارج مصر.
الملاحقة سوف تجعلهم يتوقفون أو على الأقل يصبحون مفضوحين وبالتالى يمكن محاصرة هذه الظاهرة شديدة الخطورة.