فى الثامنة والربع من صباح أمس الأول الأحد عبرت منطقة الأنفاق الموجودة أسفل قناة السويس فى بورسعيد لحضور افتتاح المحطات البحرية بالمنطقة الاقتصادية للقناة.
العبور من غرب القناة إلى شرقها استغرق ثلاث دقائق فقط بالسيارة، ومثلها فى رحلة العودة بعد انتهاء مراسم الافتتاح التى حضرها الرئيس عبدالفتاح السيسى وكبار المسئولين.
قد يسأل البعض وما هو الهدف من هذه المعلومة؟!
الهدف ببساطة أن يعرف القراء أن هذه الأنفاق واحدة من أهم المشروعات التى تستحق بالفعل أن يطلق عليها استراتيجية، وتستحق كل ما انفق عليها، لأن مردودها ببساطة لا يُقدر بثمن. ولمن لا يعرف فإن رحلة العبور بين ضفتى القناة كانت تستغرق أوقاتًا تتراوح بين ساعتين، وقد تصل إلى ست ساعات كاملة. وهى رحلة كانت تسبب إرهاقًا وآلامًا جسدية ونفسية للمواطنين العابرين بين ضفتى القناة خصوصًا أهالى سيناء الكرام.
فى المعلومات الأساسية فإن قناة السويس تم البدء فى حفرها فى 25 إبريل 1859، وتم افتتاحها فى 16 نوفمبر ١٨٦٩، وتكلف إنشاؤها بأسعار ذلك الزمان نحو 2.4 مليون جنيه، والتقديرات أن هناك نحو ما بين 120 و125 ألف مصرى ماتوا خلال عمليات الحفر.
أما القناة الجديدة التى بدأ العمل فيها فى أوائل أغسطس ٢٠١٤ وتم افتتاحها رسميًا ٦ أغسطس ٢٠١٥ فهى بطول ٣٥ كيلومترًا مع أعمال توسيع وتعميق لنحو ٣٧ كيلومترًا تقريبًا فى أجزاء من المجرى القديم أى أن إجمالى الأعمال وصل إلى ٧٢ كيلومترًا علمًا بأن طول القناة من السويس إلى بورسعيد يبلغ نحو 193 كيلومترًا، وعمقها يصل إلى ٢٤ مترًا.
معروف أن النفق الوحيد الذى كان موجودًا هو نفق الشهيد أحمد حمدى الذى تم إنشاؤه قرب السويس فى عام 1981.
أما النفقان الجديدان اللذان تم افتتاحهما عام 2019، فعبارة عن نفق أسفل القناة فى الإسماعيلية عام ٢٠١٩ يتضمن اتجاهين بطول يتراوح بين ٥٫٨ و٦ كيلومترات لكل نفق وبعمق ما بين ٥٠ و٦٠ مترًا والسرعة القصوى ٦٠ كيلومترًا فى الساعة.
أما نفقا بورسعيد أو «تحيا مصر» فالطول يبلغ ٣٫٨ و٤ كيلومترات والعمق بين ٤٥ و٥٥.
والقدرة الاستيعابية للنفقين ما بين 5000 و6000 سيارة فى الساعة، والنفقان يعملان بنظام أمنى إلكترونى على مدار الساعة.
التكلفة التقديرية للنفقين ما بين ٢٠ و٢٥ مليار جنيه، وهى ضمن إجمالى تكلفة إنشاء القناة الجديدة التى بلغت ٦٤ مليار جنيه تم جمعها من شهادات استثمار من المصريين بفائدة بلغت ١٢٪، ووقتها تسابق المصريون على شرائها ونفدت خلال 8 أيام.
نعود إلى فوائد هذه الأنفاق وأهمها بطبيعة الحال تسريع ربط سيناء بالوادى والدلتا، حيث صارت سيناء مرتبطة بريًا بالوادى لأول مرة منذ حفر القناة عام ١٨٦٩، واقتصاديًا زادت حركة نقل البضائع بين سيناء والوادى بنسبة تتعدى ٣٠٠٪، وكذلك تعزيز المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التى شهدت طبقًا لوليد جمال الدين، رئيس الهيئة، تدفق استثمارات وصلت إلى ١١٫٦ مليار دولار وتوفير ١٣٦ ألف فرصة عمل منذ عام ٢٠١٦.
ويحسب للأنفاق أيضًا أنها ربطت بين سيناء وكل من ميناء شرق بورسعيد ومحور قناة السويس ومطار البردويل والمنطقة الصناعية وسط سيناء، وكذلك زيادة حركة التصدير من الوادى والدلتا للخارج خصوصًا الدول العربية.
يحسب لها أيضًا خدمة المشروعات القومية فى سيناء، مثل التجمعات الزراعية الكبرى، ومحطة تحلية المياه شرق القناة وشبكات الطرق الرئيسية فى سيناء.
سياحيًا صارت هناك سهولة كبرى فى الوصول لشرم الشيخ وسانت كاترين والعريش وسائر مناطق سيناء بجنوبها وشمالها، واستثماريًا زادت حركة جذب الاستثمارات إلى سيناء.
لكن من وجهة نظرى وإضافة للفوائد السابقة فإن أهم ما حققته هذه الأنفاق أنها رفعت قدرة الجيش والشرطة على التحرك السريع بين ضفتى القناة، وتقليل الاعتماد على الكبارى العسكرية المؤقتة، وزيادة القدرة على مراقبة الحركة بدقة، لأن الأنفاق مزودة بنظام فحص آلى، وكل ذلك يسهل من حماية الأمن القومى المصرى فى مواجهة كل تحدياته.
وكذلك المساعدة فى المشروع الأكبر وهو تعمير سيناء لتحويلها إلى منطقة جذب سكانى واستثمارى وتنموى، والرد على المزاعم بأنها أرض خالية من السكان. وصولًا إلى منح مصر ميزة نسبية كبيرة فى الممرات العالمية المنافسة سواء ممر الشمال أو الجنوب الروسى أو المشروعات الاقتصادية التى تطرحها كل من الصين والولايات المتحدة.