«أوبك» تستشرف مستقبل النفط حتى عام 2050 - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 31 يوليه 2025 3:16 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

«أوبك» تستشرف مستقبل النفط حتى عام 2050

نشر فى : الأربعاء 30 يوليه 2025 - 7:45 م | آخر تحديث : الأربعاء 30 يوليه 2025 - 7:45 م

أصدرت منظمة «أوبك» تقريرها البحثى السنوى بشأن المستقبل المتوقع للنفط والغاز عند منتصف القرن. تشمل الدراسة الإمكانات والتحديات التى تواجه الصناعة النفطية بحلول عام 2050، الموعد الذى تم التفاهم عليه لتصفير الانبعاثات وإيقاف الاعتماد الواسع على النفط فى الاقتصاد العالمى.

 


ونظرًا إلى أهمية وخطورة هذه الأطروحة الشائعة خلال الأعوام الماضية، طرحت إدارة البحوث فى «أوبك» وجهات نظرها حول هذا الموضوع، فى كتابها السنوى لعام 2023 بعنوان «استشراف الوضع العالمى للنفط بحلول عام 2050».
يطرح هذا الأمر أهمية كبرى للاطلاع على وجهة نظر الدول المصدِّرة للنفط، وليس الدراسات الصادرة عن الدول المستهلكة للنفط فقط، وذلك للحصول على رؤية شمولية ومتوازنة لصناعة النفط المستقبلية، العامل الأهم فى الاقتصاد العالمى منذ أوائل القرن العشرين، ناهيك عن أهمية تقليص الانبعاثات، وطبعًا دور النفط فى اقتصاد الدول العربية المصدِّرة للنفط بحلول منتصف القرن، وضرورة العمل والاستثمار منذ الآن للتهيئة لمستقبل الطاقة الجديد بعد ربع قرن تقريبًا -وهو زمن قصير نسبيًا فى صناعة الطاقة- لأجل ضمان استقرار سوق الطاقة من جهة، والاقتصاد العربى من جهة أخرى.
تكمن أهمية دراسة «أوبك» السنوية المستقبلية لهذا العام، فى أمرين رئيسيين: كثرة «عدم اليقين» المحيط بالاقتصاد العالمى مرحليًا؛ وقرب المدة الزمنية المحيطة بسنة «تصفير الانبعاثات».
وتبرز أهمية العاملَين فى طبيعة دراسات «أوبك» السنوية هذه، فهى بحوث تنظر نحو المدى البعيد. كذلك، فإن دراسات الطاقة عمومًا، تمر فى مرحلة إعادة نظر مهمة. فبعد الدعوة إلى تهميش دور النفط المستقبلى، برزت وجهة نظر عالمية جديدة، اكتسبت صدقية واسعة.
تكمن أهمية وجهة النظر الجديدة والسائدة حاليًا فى صناعة الطاقة، فى أن تجربة «كوفيد» -وإن دلت على شىء فى مجال الطاقة- فقد أشارت إلى ضرورة الاعتماد على أوسع عدد ممكن من مصادر الطاقة، لتلبية الطلب السنوى المتزايد على الطاقة من جهة، ولعدم قدرة الطاقات المستدامة (الرياح والشمس) وحدها على تلبية الطلب العالمى. والسبب فى ذلك هو اعتماد الرياح والشمس على الأوضاع الطبيعية، وبما أن الأوضاع الطبيعية هذه غير مستقرة، فإن طاقتَى الرياح والشمس تواجهان فترات نقص فى الإمدادات، ومن ثم يتوجب وجود مصدر طاقة مستمر الإمدادات، وهو النفط.
كذلك تواجه الطاقات المستدامة من الرياح والشمس عائقًا مهمًا آخر فى ضآلة إمكانية التخزين، لم تتم معالجته بشكل وافٍ حتى الآن.
من اللافت للنظر، أيضًا، أنه رغم كل ما نسمعه عن السيارة الكهربائية وإمكانات توفير استهلاك الطاقة على المدى المنظور، فإن الطلب السنوى على الطاقة فى ارتفاع مستمر (باستثناء فترة الكوفيد). وتدل إحصاءات «أوبك» على أن الطلب العالمى السنوى سيستمر فى الارتفاع من 308 ملايين برميل يوميًا من النفط المكافئ حاليًا إلى 378 مليون برميل يوميًا من النفط المكافئ فى عام 2050.
ستأتى الزيادة فى الطلب على الطاقة من الهند، والدول النامية الأخرى فى آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. هذا، فى حين ستحافظ الدول المتقدمة على معدلاتها فى استهلاك الطاقة أو تتضاءل قليلًا.
ويتوقع بخصوص أنواع الوقود التى ستُستعمل مستقبلًا، أن يستمر ارتفاع استهلاك النفط والغاز، باستثناء الفحم. وأن تنخفض قيمة توليد الكهرباء، ذلك نظرًا للدعم الحكومى المتوقع لسياسات الطاقة المستدامة، ما سيخفض من تكلفة توليد الكهرباء.
ومن المتوقع ارتفاع الطلب على كل من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حتى عام 2050 إلى نحو 40.5 مليون برميل نفط مكافئ، وذلك فى الوقت نفسه لارتفاع الطلب على النفط، المصدر الطاقوى ذى الإمدادات المأمونة، الأمر الذى سيزيد الطلب على النفط حتى حلول منتصف القرن، نحو 10 ملايين برميل يوميًا من النفط المكافئ.
أما الطلب على النفط الخام، فالمتوقع أن ينخفض الطلب عليه خلال الفترة نفسها نحو 30.4 مليون برميل يوميًا من النفط المكافئ، وذلك لاعتباره مصدرًا طاقويًا ذا انبعاثات عالية، مضرًا بسياسات المناخ، وغير منافس لمصادر الطاقة الأخرى فى مسألة البيئة.
وفيما يخص النفط، فإنه رغم انخفاض هامشى فى حصته بالنسبة لمصادر الطاقة الأخرى، يتوقع أن يستمر النفط محافظًا على مكانته الأولى والأهم فى سلة الطاقة.
ومن المتوقع أن تستمر حصة النفط والغاز محافظة على نسبة أعلى من 50 فى المائة من مجمل سلة الطاقة بين عامى 2024 و2050.
فى الوقت نفسه، يتوقع أن تزداد نسبة حصة الطاقات المستدامة نحو 13.5 فى المائة بحلول عام 2050، ونحو 10 فى المائة ما بين عامى 2024 و2050.
وفيما يتعلق بالطاقة النووية، فبعد فترة إهمال طويلة، يتوقع أن تشهد الطاقة النووية نموًا كبيرًا، يقدر بنحو 10 ملايين برميل يوميًا من النفط المكافئ، خلال الفترة من 2024 إلى 2050.
إن الأمر الظاهر بشكل واضح فى دراسة «أوبك»، هو ازدياد الطلب العالمى على الكهرباء خلال الفترة 2024 ــ 2050. فمن المتوقع ازدياد الطلب على الكهرباء من نحو 31.500 تيراواط/ ساعة فى عام 2024 إلى نحو 500.57 تيراواط/ ساعة بحلول عام 2050. وسيزداد الاستهلاك الكهربائى فى كل من القطاع المنزلى والتجارى والصناعى ومراكز المعلومات (المستخدمة للذكاء الاصطناعى بالذات).
ويتوقع أن يشكل ازدياد الاستهلاك الكهربائى فى دول العالم النامية نحو 75 فى المائة من مجمل الازدياد الاستهلاكى الكهربائى العالمى. كما يتوقع أيضًا أن تشكل الدول النامية الآسيوية 60 فى المائة من هذا الارتفاع الاستهلاكى للكهرباء. وينوه تقرير «أوبك» فى الوقت نفسه بأن المصدر الطاقوى الأكبر فى توليد الكهرباء هو مجمل سلة الطاقة، والطاقات المستدامة بالذات، وأهمها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ إذ ولَّدت هاتان الطاقتان نحو 4.900 تيراواط/ ساعة فى عام 2024 مقارنة بنحو 26.600 تيراواط/ ساعة متوقعة فى عام 2050.
ويستمر التقرير فى شرحه الواسع والثاقب لصناعة الطاقة العالمية خلال الربع قرن المقبل الذى وزَّعته «أوبك» للمرة الأولى فى فيينا خلال «مؤتمر (أوبك) الدولى التاسع» خلال النصف الأول من الشهر الحالى.

 


وليد خدوري
جريدة الشرق الأوسط اللندنية

التعليقات