الفارق بين انتخابات ٢٠١٠ و٢٠٢٥ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 2 ديسمبر 2025 9:18 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

الفارق بين انتخابات ٢٠١٠ و٢٠٢٥

نشر فى : الثلاثاء 2 ديسمبر 2025 - 6:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 2 ديسمبر 2025 - 6:40 م

 

فى انتخابات شتاء ٢٠١٠ الشهيرة كانت هناك تجاوزات جوهرية قبل وأثناء الانتخابات، أغمض الحكم عينه عنها تماما، وحينما أعلنت المعارضة رفضها لنتائج الانتخابات وشكلت ما سمته بالبرلمان الموازى، قال الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك قولته الشهيرة فى افتتاح الدورة البرلمانية: «خليهم يتسلوا»، ونعلم بعدها ما كان وما صار.

وفى انتخابات المرحلة الأولى لمجلس النواب قبل أيام كانت هناك أيضا تجاوزات جوهرية بعضها شديد الفجاجة، لكن الرئيس عبدالفتاح السيسى تدخل بحسم فى ١٧ نوفمبر الماضى لتصويب الأخطاء، وطالب الهيئة الوطنية للانتخابات بأن: «تدقق فى الأحداث والطعون المقدمة وأن تتخذ القرارات التى ترضى الله وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين، وأن تعلى من شفافية الإجراءات من خلال التيقن من حصول كل مرشح على صورة من كشف حصر الأصوات من اللجنة الفرعية حتى يأتى أعضاء مجلس النواب ممثلين فعليين عن شعب مصر، وألا تتردد الهيئة فى اتخاذ القرار الصحيح عند تعذر الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية سواء بالإلغاء الكامل أو الجزئى لهذه الانتخابات فى دائرة أو أكثر، وألا يتكرر ذلك فى الجولات الانتخابية الباقية».

ونعلم أيضا أن الرئيس السيسى وحينما زار أكاديمية الشرطة بعد ذلك بأيام والتقى مع بعض المتقدمين لاختيارات كلية الشرطة، طلب من جمهور الناخبين فى مصر أن يفكروا مائة مرة قبل اختيار من يمثلهم فى البرلمان، وألا يبيعوا أصواتهم لأى مرشح، لأنهم مهما حصلوا على مقابل مادى، فلن يكون مساويا لحجم الخسارة التى سيتحملونها لاحقا، من جراء اختيار مرشح يشترى أصواتهم».

بعدها بأيام أيضا وخلال زيارته للأكاديمية العسكرية، قال الرئيس إن ما فعله بشأن الانتخابات كان بمثابة فيتو على ما حدث فى الجولة الأولى.

الترجمة الفعلية لهذه التطورات أن الهيئة الوطنية للانتخابات ألغت الانتخابات فى ١٩ دائرة. وبعدها بأيام حكمت المحكمة العليا للقضاء الإدارى بإلغاء الانتخابات فى ٣٠ دائرة بالمرحلة الأولى، وهو ما يعنى أنه تم إبطال الانتخابات فى ٤٩ دائرة من إجمالى ٧٠ دائرة هى مجمل دوائر الانتخابات الفردية فى المرحلة الأولى.

أما أغلب الدوائر الـ 31 التى لم يتم إلغاء نتائجها فإن المحكمة الإدارية العليا أحالت النظر فيها إلى محكمة النقض لأنه تم إعلان نتائجها وبالتالى يصبح النظر فى صحة العضوية من أعمال محكمة النقض.

إذن فغالبية من فازوا بطرق غير صحيحة فى المرحلة الأولى سيعودون لخوض الانتخابات فى جولة الإعادة الكاملة طبقا للقواعد الصارمة الجديدة. وبالتالى لن يستفيدوا من الأموال التى أنفقوها أو التسهيلات والوعود التى حصلوا عليها.

النقطة المحورية أيضا أن تدخل الرئيس قد أثر بصورة كبيرة على أجواء انتخابات المرحلة الثانية، ورأينا أن كل الرهانات السابقة بأن الفوز مضمون لبعض المرشحين الفرديين أو الحزبيين لم يحدث، وشهدنا عدم توفيق لكثير من مرشحى الأحزاب الثلاثة الرئيسية، وهم «مستقبل وطن» و«حماة وطن» و«الجبهة الوطنية» مقابل صعود نجم المستقلين ودخولهم الإعادة بـ١١٦ مرشحا مقابل ٧٢ مرشحا تقريبا للأحزاب الثلاثة المذكورة.

فى ظنى أن أهم ما حدث فى جولة الانتخابات الثانية تطبيقا لتدخل الرئيس هو أن كل مرشح تمكن من الحصول على صورة من كشف حصر الأصوات بكل اللجان الفرعية ناهيك عن حقه فى وجود وكيل له داخل كل لجنة فرعية، وبالتالى يستطيع معرفة الأصوات التى حصل عليها بالفعل فى الحصر العددى، ولا يمكن لأى جهة أن تزيف أو تغير هذه الأرقام، وبالتالى فإن هذه النتائج هى تعبيير صحيح الى حد كبير عن إرادة الناخبين فى هذه الدوائر.

بالطبع سيحتج البعض ويقول إن إرادة الناخبين الكاملة لا يمكن لها أن تتحقق إلا فى ظل قوانين انتخابية متوافق عليها وحرية التعبير، ومحاربة المال السياسى، وهى ملاحظات صحيحة، ينبغى أن تكون محور اهتمام الجميع فى المرحلة المقبلة.

وأخيرا فلا ينكر أحد أن هناك تجاوزات جوهرية حدثت بالفعل، لكن المهم أن إرادة سياسية على أعلى مستوى تدخلت وتمكنت من تصويب هذه الأخطاء ومعالجتها بصورة كبيرة نسبية.

وبالتالى فالمتوقع إذا تمكن المستقلون من تحقيق نتائج طيبة أن يزيد عددهم بصورة كبيرة فى البرلمان المقبل، مما يمكن معه فتح ملف النظام الانتخابى بأكمله ومعالجة أى ثغرات يتم التوافق عليها من أجل المصلحة العليا لمصر بل ضرورة النقاش حول أهمية فتح المجال العام.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي