انتهاكات وصمت دولى .. تقرير «المفوضية السامية لحقوق الإنسان» عن حال «الغزّاويين» - قضايا فلسطينية - بوابة الشروق
الأحد 26 يناير 2025 2:43 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

انتهاكات وصمت دولى .. تقرير «المفوضية السامية لحقوق الإنسان» عن حال «الغزّاويين»

نشر فى : الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 7:35 م | آخر تحديث : الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 7:35 م


أصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بتاريخ 8 /11 /2024، تقريرها النصف سنوى المحدث عمّا حدث بغزة منذ أكتوبر 2023، وشددت على تحقيق العدالة فيما يتعلق بانتهاكات القانون الدولى الجسيمة التى ارتُكبت فى قطاع غزة. حيث بين التقرير أن ارتكاب الجرائم كان جزءًا من هجوم واسع النطاق أو منهجى ضد السكان المدنيين، وهو ما يعد جرائم ضد الإنسانية، وكذلك ارتكابها جرائم بقصد التدمير الكلى أو الجزئى لجماعة قومية، وهو ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية.
وأكد التقرير على ضرورة امتثال إسرائيل الكامل والفورى للالتزامات الواقعة عليها من محكمة العدل الدولية، مع الأخذ فى الاعتبار العمليات الإسرائيلية فى شمال غزة، وتشريعات إسرائيل التى تؤثر على أنشطة وكالة الأونروا، وكذلك التأثيرات طويلة الأمد على حقوق الإنسان التى خلفها الاحتلال الإسرائيلى الممتد منذ 57 عامًا للأراضى الفلسطينية والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، والحصار الخانق لقطاع غزة الذى دام أكثر من 17 عامًا.
ورغم ما جاء بالتقرير لا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلية حتى الآن تمعن فى هذا القصف تحت مزاعم واهية، فى ظل حقيقة أن الجانب الأكبر من قطاع غزة دمر أو خرج عن الخدمة ولا يصلح للحياة.
وقد قسم التقرير حجم الانتهاكات التى حدثت وما زالت تحدث فى غزة إلى عدة نقاط، وفيما يلى بعض الجرائم التى ذكرها التقرير:

قتل المدنيين


حيث بلغت أعداد القتلى الذين تحققت منهم المفوضية حتى سبتمبر 2024 (8119) قتيلًا، منهم 2036 سيدة، و3588 طفلًا.

حالات القتل غير القانونى


استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلى فى غزة أشخاصًا مدنيين وقتلتهم عن طريق الإعدام بقرارات موجزة، فضلًا عن قتل عمال فى المستشفيات.

الهجمات على العاملين فى المجال الإنسانى


أرجع التقرير فى ذلك الشأن إلى تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) أن ما لا يقل عن 196 من طواقم المساعدات قد قتلوا فى غزة، وكذلك تم قتل ضباط الشرطة المدنية بغزة، وهو ما يرقى لجريمة حرب.

استخدام الفسفور الأبيض


استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلى الفسفور الأبيض فى غزة بما فى ذلك مخيم جباليا للاجئين، وهو أكبر مخيم للاجئين فى غزة. ويعد الفسفور الأبيض مادة حارقة تسبب إصابات متنوعة ومعاناة، وتؤدى إلى الموت البطىء والمؤلم، ويسبب عواقب طويلة الأجل على الفلسطينيين المصابين به.

القيود على تقديم المساعدات الإنسانية مما يؤدى إلى التجويع


أدت القيود التى تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلية على دخول المساعدات الإنسانية اللازمة لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة إلى خطر المجاعة نتيجة الحصار الكامل على غزة، بما فى ذلك منع المياه عن شمال غزة.

الهجوم على المستشفيات وقتل الأطقم الطبية


هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلى جميع المستشفيات فى قطاع غزة بطريقة منهجية، وهو ما أدى إلى شل نظام الرعاية الصحية فى غزة.

قطع الاتصالات


بسبب الحصار على غزة وانقطاع التيار الكهربائى المتكرر والغارات الإسرائيلية على منشآت الاتصالات، وهو ما يشكل انتهاكًا للقانون الدولى الإنسانى من هجمات على الأعيان المدنية، وهو ما يؤدى إلى عدم رصد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى وعدم الإبلاغ عنها فى الوقت المناسب.

الهجوم على المواقع الثقافية والتعليمية


هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلى عددًا كبيرًا من المؤسسات التعليمية، ومنها تدمير 412 مدرسة وجامعة حتى إبريل 2024، فضلًا عن تدمير البنية التحتية، وكذلك تدمير المساجد فى جميع أنحاء غزة.

التحريض على ارتكاب انتهاكات وجرائم حقوق الإنسان


حيث قام المسئولون الإسرائيليون بنقل رسائل تحريضية وانتقامية، والادعاء بتبرير الخسائر فى أرواح المدنيين فى غزة بأنها أضرار جانبية، وادعاءات بأن نهاية الصراع مرهونة بتدمير غزة بالكامل وخروج الشعب الفلسطينى منها.
وذكر التقرير بالنسبة للجماعات المسلحة الفلسطينية إطلاقها القذائف العشوائية تجاه إسرائيل مما تسبب فى قتل مدنيين، وهو ما يحظره أيضًا القانون الدولى الإنسانى. كذلك شملت فترة التقرير الرهائن الإسرائيلين المحتجزين، حيث لا يزال 133 رهينة محتجزين فى غزة، وهو ما يشكل انتهاكا جسيما لاتفاقيات جنيف، ودعا التقرير إلى إطلاق سراحهم.
• • •
وانتهى التقرير إلى عدة نتائج منها:
ــ لا يغطى التقرير جميع الانتهاكات المبلغ عنها.
ــ التجاهل المتعمد للقانون الدولى الإنسانى من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلية والجماعات المسلحة الفلسطينية، وكل ذلك أدى إلى أقصى درجات المعاناة الإنسانية الحالية.
ــ كثير من الحالات التى وثقها التقرير ترتقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية.

• • •
أصدر التقرير عدة توصيات
أولًا: توصيات لأطراف النزاع
ــ تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل فورى.
ــ قمع ومعاقبة جميع الانتهاكات للقانون الدولى وإجراء تحقيقات سريعة فى تلك الانتهاكات.
ــ دعوة حكومة إسرائيل لإعمال حقوق الإنسان الفلسطينية، بما فى ذلك حق تقرير المصير والمساواة وعدم التمييز.
ــ دعوة حماس للإفراج الفورى غير المشروط عن الرهائن، وضمان معاملتهم بطريقة إنسانية.
ثانيًا: توصيات لأعضاء الأمم المتحدة
ــ دعوة أعضاء الأمم المتحدة للالتزام بالقانون الدولى، ووقف الدعم اللوجيستى والمالى وتقييم مبيعات الأسلحة لأطراف النزاع.
ــ دعم عمل المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بالوضع فى الأراضى الفلسطينية للوصول لمحاكمات عادلة.
ــ دعم حماية الفلسطينيين أينما كانوا، وتأمين وقف فورى لإطلاق النار، وتمكين تقديم المساعدات الإنسانية.
• • •
بعد عرض ما جاء بالتقرير يمكننا القول إن تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان يعتبر دليلًا مؤكدًا على العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وانتهاك جميع القوانين الدولية وخاصة القانون الدولى الإنسانى، وهو ما بينه التقرير فى عرضه للانتهاكات وذلك خلال فترة التقرير من أكتوبر 2023 حتى أبريل 2024 رغم أن ما حدث بعد ذلك يُعد أشد وأكثر عدوانية وقسوة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى، وهو ما يمكن الرجوع إليه وتقديمه كأدلة دامغة لمحكمة العدل الدولية، وكذلك تأكيده على تقرير المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية المرفوع للدائرة الأولى للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة لنظرها للجرائم الدولية المرتكبة بقطاع غزة.
وسلط تقرير المفوضية الضوء على مبدأين لا بد من العمل بهما، وهما مبدأ التمييز ومبدأ التناسب، حيث يعد مبدأ التمييز حجر الزاوية بلا منازع لأحكام القانون الدولى الإنسانى، وهو ما يهدف إلى حماية السكان المدنيين من آثار العدوان، فلا بد من التمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وهو ما ورد نصًا بالمادة 48 من البروتوكول الإضافى الأول. ويعد من أهم مصادر التمييز فى القانون الدولى الإنسانى حظر الهجمات المباشرة ضد المدنيين، وكذلك الهجمات العشوائية، وهى الهجمات التى تصيب الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين والأعيان المدنية دون تمييز.
مبدأ التناسب، حيث حظر مبدأ التناسب الهجوم الذى يتوقع منه أن يسبب خسائر فى أرواح المدنيين وإصابتهم، فكل ما تقوم به قوات الاحتلال محظور أصلًا. فالتناسب يكون مهمًا فقط عندما تكون الهجمات موجهة ضد أهداف مشروعة، وهو ما لم يحدث فى أى هجمات لقوات الاحتلال الإسرائيلى.
وبالنسبة لاستخدام الفسفور الأبيض فى هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلى، فقد اعتبرت محكمة العدل الدولية حظر استخدام الأسلحة التى تسبب ضررًا بالغًا وآلامًا لا مبرر لها من المبادئ الأساسية للقانون الدولى الإنسانى، وكل ذلك ما حدث فى الانتهاكات الإسرائيلية فى قطاع غزة. فدولة الاحتلال الإسرائيلى تعد الحالة النموذج فى انتهاك جميع القوانين والمواثيق الدولية، فما يحدث فى غزة هو انتهاك واضح لقرارات الشرعية الدولية فى ظل قواعد القانون الدولى بصفة عامة وقواعد القانون الدولى الإنسانى بصفة خاصة والقانون الدولى لحقوق الإنسان وهو ما خرقتهم دولة الاحتلال الإسرائيلى جميعًا.
كما يضع التقرير الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الأول لدولة الاحتلال الإسرائيلى فى وضع حرج أمام الرأى العام العالمى إزاء دورها فى حرب غزة ومساندتها لإسرائيل بجميع الطرق، وهو ما سينعكس على عملية السلام فى الشرق الأوسط ويعرقل أى إجراء فى ذلك.
وختاما، إن المفوضية مختصة بحقوق الإنسان بصفة أساسية تحقق فى الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان، فاعتبارات الإنسانية دائمًا أقوى من اعتبارات الضرورة العسكرية، فالقانون الدولى لحقوق الإنسان يطبق فى كل زمان، سواء وقت السلم أو وقت الحرب، فلا ارتباط بين الإنسان وحقوقه المكتسبة وبين واقع متغير سلمًا وحربًا، وجميع القوانين الدولية تستهدف حماية الإنسان أيًا كان فى كل زمان ومكان.

محمد حربى


المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية
النص الأصلى:
https://ecss.com.eg/49295/

 

قضايا فلسطينية قضايا فلسطينية
التعليقات