المؤشّر الإسرائيلى فى انتخاب زهران ممدانى - مواقع عربية - بوابة الشروق
الخميس 6 نوفمبر 2025 9:56 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من يحسم السوبر المصري؟


المؤشّر الإسرائيلى فى انتخاب زهران ممدانى

نشر فى : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 7:00 م | آخر تحديث : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 7:00 م

نشر موقع درج مقالا للكاتب اللبنانى حازم الأمين، يؤكد فيه على أن النتائج المترتبة على الحرب فى غزة بدأت تظهر فى الرأى العام الغربى، ممثلة فى مؤشرات رمزية قوية مثل انتخاب حاكم مناصر للحق الفلسطينى فى نيويورك (ثانى أكبر تجمع يهودى)، مما يشير إلى تدهور صورة إسرائيل عالميًا وتزايد إدانة أفعالها، فى حين تواصل النخبة الإسرائيلية ممارسة «النكران» التام لهذه الانعطافة فى الرأى العام.. نعرض من المقال ما يلى:
ليس تفصيلا أن تنتخب ثانى عاصمة لليهود فى العالم بعد تل أبيب، ونعنى نيويورك، حاكمًا لها أعلن على نحو صريح إدانته حرب الإبادة التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، وتأييده حلّ الدولتين، وانحيازه إلى الحق الفلسطينى! إنها نيويورك، التى تقع فى وسط العالم الثقافى والمالى والاقتصادى، قالت، يوم الثلاثاء الماضى، إن زهران ممدانى يمثّلها، بكل ما أطلقه من شعارات، ومن بينها انحيازه إلى أهل غزة.
إنها من المؤشرات الكثيرة التى بدأت تظهر فى العالم فى أعقاب المجزرة. ولم يسبق أن شهدت صورة إسرائيل هذا القدر من المشاعر الغربية، التى أذهلها ما شهده قطاع غزة من مذابح وصفتها أكثر من هيئة دولية بأنها إبادية.
إسرائيل ما زالت تعيش حالا من النكران. تصلها طبعا أصداء الذهول، لكنها ما زالت تشيح بوجهها عن ذلك المشهد القبيح. والمذهل أكثر أننا لا نتحدث عن السلطة فى إسرائيل، ولا عن الحكومة أو الجيش، فمن يشيح بوجهه عن الإبادة هو إسرائيل كنموذج وكبنية اجتماعية وسياسية.
لن يستقبل أحد فى إسرائيل الرسالة القادمة من نيويورك
ستمارس الأطياف السياسية فى إسرائيل نكرانًا. من أقصى اليمين الدينى والقومى، ويمين الوسط والمعارضة، كلهم غارقون فى النكران. المشاعر القومية أعمت أبصارهم، والانتقام تحوّل إلى سياسة وإلى وجهة وحيدة للدولة والمجتمع.
وفى إسرائيل قلّة قليلة بدأت تشعر بما جنت يدا بنيامين نتنياهو على صورة الدولة التى صُنعت لتخاطب الغرب. لكن أصوات هذه القلة القليلة ضائعة وسط صراخ بن غفير وسموتريتش. حال إسرائيل اليوم تشبه إلى حد كبير حال صربيا حين سيطرت النخب القومية والفاشية فى ذلك البلد على مشاعر الصرب، فانقاد معظمهم وراء «جزار البلقان» سلوبدان ميلوسوفيتش، والصرب يمارسون إلى اليوم نكرانًا موازيًا، وآثار العزلة الدولية ما زالت تحاصر الدولة رغم تغير نظام الحكم، ووصول نخب جديدة إلى السلطة. الصرب إلى اليوم يعيشون أنماطًا من العزلة، وتشعر نخبهم (غير القومية) بعدم ترحيب ضمنى بها وبعزلة فى منظومة القيم الأوروبية. فارتكابات نظام ميلوسوفيتش كانت جزءًا من منظومة قومية واجتماعية لم تتعرض للمساءلة حتى بعد سقوط النظام ومحاكمة رموزه.
الأقلية الإسرائيلية الخائفة على إسرائيلييها تكاد تقتصر على أعضاء كنيست لا يتجاوزون عدد أصابع اليد، وعلى نخب تل أبيبية وعلى صحيفة هاآرتس. أما المنتشون بالمجزرة فهم الغالبية، وهم أنشأوا جدارا «قوميا» لصد الهجمات الأخلاقية التى بدأ العالم يبادر إليها. يحيلون عشرات آلاف الأطفال القتلى إلى 7 أكتوبر.
لا جواب لديهم إلا 7 أكتوبر، ويجهدون لمماهاة ما ارتكبته حماس بالهولوكوست، غير مكترثين لما جهد إليه الصهاينة الأوائل لجهة تثبيت فرادة الهولوكوست. ولا يبدو أن ثمة من التقط مؤشر فشل هذه المساعى حتى الآن. فالرابطة القومية والدينية أعمت الجميع.
فوز ممدانى بمنصب عمدة نيويورك، حيث يقيم ثانى أكبر تجمّع لليهود فى العالم، بعد إسرائيل، رسالة من الصعب ممارسة نكران حيالها. وللشاب مقترعون يهود قالوا كلمتهم ليس ضد إسرئيل، إنما ضد نموذجها الصاعد والذى يصعب معه على أهل نيويورك، وعلى جزء كبير من يهودها أن يهضموه. ربط النموذج بالإبادة سلك طريقه إلى شرائح واسعة من الرأى العام الغربى، ونيويورك مركز رئيسى لهذا الرأى العام، وهى تتعدى أمريكا فى تمثيلها له، وإسرائيل لطالما استثمرت فى موقع المدينة لترسل صورة إلى العالم الغربى بوصفها جزءًا منه. وها هى اليوم تتلقى الصفعة الأولى من المدينة التى انبعثت صورتها منها بوصفها «جزيرة الديموقراطية» فى شرق غير ديموقراطى.


النص الأصلى:

التعليقات