جريمة فى الأعماق - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 27 ديسمبر 2025 12:02 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

بعد تأهل المنتخب لدور الـ16.. تؤيد خوض مباراة أنجولا بـ:

جريمة فى الأعماق

نشر فى : الجمعة 26 ديسمبر 2025 - 9:05 م | آخر تحديث : الجمعة 26 ديسمبر 2025 - 9:05 م

من فترة إلى أخرى يخرج علينا فيلم يصنع ظاهرة عقب نجاحه، وسرعان ما يسعى المنتجون إلى عمل فيلم على نفس الطراز، سواء من ناحية القصة أو الاستعانة بالممثل نفسه الذى صار نجمًا مطلوبًا وأحيانًا يحدث ذلك مع مخرج، وأيضًا مع كلمة فى عنوان الفيلم مثل كلمة «الطريق» فى فيلم «امرأة فى الطريق»، واليوم ونحن نتحدث عن هذه الظاهرة، بصرف النظر عن قسمة الفيلم الذى نتناوله وهو فيلم «جريمة فى الأعماق» إخراج حسام الدين مصطفى وتمثيل يحيى الفخرانى وهالة صدقى ويوسف شعبان، عن سيناريو كتبه إبراهيم مسعود الذى اختفى بعد ذلك، وهو الذى تخصص فى أواخر الثمانينيات فى كتابة العديد من الأفلام المستوحاة من قصص الاستخبارات المصرية، بعد أن تمت الاستعانة به واستبعاد الكاتب صالح مرسى، أى أنه فى هذه الفترة كانت هناك ظاهرات عديدة، منها أفلام التجسس وأيضًا مجموعة أفلام تدور أحداثها فى أعماق البحر الأحمر حيث سياحة الغوص.

وهى الظاهرة التى بدأها المخرج نادر جلال فيلم «جحيم تحت الماء» 1989 من بطولة سمير صبرى وعادل أدهم وليلى علوى، حيث إنه تم إنتاج الفيلم الثانى باسم «جحيم 2» إخراج محمد أبوسيف، بطولة سمير صبرى ومعالى زايد. وقد اجتمعت لهذه الأفلام عدة أسباب منها وجود مدير التصوير سعيد شيمى الذى يعتبر الأوحد من بين مصورى السينما المصرية الذين أجادوا الغوص والتصوير فى أعماق البحار، وقد أتاح للمشاهدين فى أفلامه فرصة للاطلاع على عالم البحر ومخلوقاته، كما أكد لنا أن سمير صبرى، مثلًا، يمكنه الغوص بالفعل وفى أحد مشاهد فيلمه اقترب من الكاميرا ثم رفع غطاء رأسه لنرى وجهه ونتأكد أنه هو الغواص، وليس هناك بديل، لكن فى فيلم اليوم لا نستطيع أن نؤكد أن يحيى الفخرانى الذى بدا بدينًا فى بدلة الغطس قادر على القيام بتجربة الغوص فى الأعماق، وكذلك الأمر بالنسبة لهالة صدقى.
أغلب هذه الأفلام مأخوذ عن قصة قصيرة كتبها المسرحى الأمريكى ثورنتون وايلدر صاحب العديد من المسرحيات الشهيرة مثل «بلدتنا»، أو «هالو دوللى»، وعنوان النص الأصلى هو «الذهب المبتل»، وهو عنوان طريف يعنى أن الذهب مهما غرق فى قاع المحيطات لن يبتل أبدًا، ولن يصاب بالصدأ مثل بقية المعادن اللامعة. ومن هذه الأفلام أيضًا فيلم «جزيرة الشيطان» إخراج نادر جلال أيضًا وبطولة عادل إمام ويسرا وأحمد راتب. كل هذه الأعمال تدور حول أشخاص يغطسون فى أعماق البحر الأحمر بحثًا عن كنز من الذهب تم إلقاؤه فى الأعماق، ويسعى فى الحصول عليه عدد من الخارجين على القانون، أى أننا أمام عصابات تطارد بعضها البعض من أجل المال، وأجزم بأن هذه الأفلام لم تكن لتخرج لنا إلا من خلال كاميرا متطورة، استطاع سعيد شيمى أن يصور بها أحداث فيلمه، أى أنه كان يغوص بقدر ما تتاح له مقدرته أو كفاءته ومعه الممثل الذى قام بالبطولة، وفى فيلم «جريمة فى الأعماق»، الذى قام بتصويره مأمون عطا، وهو تلميذ للمخرج حسام الدين مصطفى، فإن هالة صدقى فى شخصية عفاف طلبت من زوجها أن تغوص وحدها لتنزل إلى أعماق المركب الغارق من أجل أن تصعد مرة أخرى حاملة سبيكة الذهب المفقودة، إلا أن السيناريو يوحى بأن الزوج قد غاص وراءها وقتلها وفاز وحده بالذهب، ما جعل صديقه الضابط أدهم (يوسف شعبان) يبتكر له أكثر من خطة ليوهمه أن زوجته لا تزال على قيد الحياة كى يدفعه إلى الاعتراف بقتلها، وفى الدقائق الأخيرة من الأحداث يدخلنا الفيلم فى حكايات شبه خيالية أقرب إلى الهلوسة وأضغاث الأحلام حتى يعترف الزوج بما فعل.
لا أستطيع تحديد قيمة الفيلم الفنية، لكن المعلومة تقول إن ظاهرة أفلام الغوص فى البحر الأحمر قد تلاشت تمامًا بعرض هذا الفيلم لأسباب عديدة منها أن السن زحفت على مدير التصوير، وأنه لم يعد هناك جديد لإضافته على حكاية الذهب الذى غرق ولم يبتل.

التعليقات