حديث المصالحة - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 6:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حديث المصالحة

نشر فى : الجمعة 18 مارس 2016 - 11:20 م | آخر تحديث : الجمعة 18 مارس 2016 - 11:20 م
شكل الحديث عن المصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان، منذ فض رابعة فى 2013، وحتى فترة قريبة، نوعا من «التابوهات» أو المحرمات التى يحظر على أى منتم للمعسكرين، الاقتراب منها أو حتى الهمس بها، واذا ما حاول أحد التفكير فيها، فانه يوضع على الفور فى خانة «العمالة والخيانة» بالنسبة للمعسكر الأول، أو الخانع والمستسلم لـ«الحاكم المتغلب» بقوة السيف، والفار من المواجهة وقت الزحف، من وجهة نظر المعسكر الثانى.

هذه «التابوهات» التى سيطرت على المشهد، وأضحت بمثابة بحيرة راكدة، وجدت من ألقى فيها الكثير من الاحجار، فى محاولة لتحريك مياهها الآسنة، وهو الدكتور سعدالدين ابراهيم، الذى لم يمل خلال الاسبوعين الماضيين، من الحديث عن ضرورة اجراء مصالحة بين الطرفين، ولم يكتف بهذا، بل قال أخيرا لـ«هافينجتون بوست عربى»،: «طرفا الخلاف المتمثلين فى الإخوان ونظام الحكم المصرى يرغبان فى المصالحة، ولابد من حدوثها، وأتوقع أن تتم خلال أشهر من الآن».

وبعيدا عن حملات الهجوم العنيفة على الرجل، ورؤية المنتمين للمعسكر الأول أنه «مبعوث العناية الأمريكية، ومنفذ الأجندات الخارجية الهادفة إلى اعطاء قبلة الحياة للإخوان»، أو وصفه من قبل المصطفين فى المعسكر الثانى، بأنه «صاحب وطنية زائفة يستهدف شق عصا الجماعة»، فإن دعوة المصالحة تستوجب المناقشة الهادئة، لتبيان امكانية تحقيقها أم لا؟، وهل كل طرف من طرفى الأزمة، قادر فى الوقت الراهن، على الإيفاء بمتطلباتها أو «ثمنها السياسى»؟.

اذا بدأنا بـ«الإخوان»، فنجد ان قبول رغبتهم فى التصالح مع الدولة، يتطلب منهم الاعتراف بثورة 30 يونيو وشرعيتها القائمة الآن، والتوقف عن ترديد نغمة «الانقلاب»، وإدانة حقيقية للعمليات الإرهابية التى تتم فى جميع ربوع الوطن، وعدم توفير أى غطاء شرعى لها، ووقف الاستقواء بالدول المعادية للدولة المصرية، وسحب عناصرهم التى انضمت إلى جماعات العنف، مثل ما يسمى بـ«أنصار بيت المقدس» و«أجناد مصر»، وتفكيك اللجان النوعية التابعة للجماعة، والتى تحمل السلاح ضد الجيش والشرطة، وهى شروط يعجز «الإخوان» عن امكانية الوفاء بها، لاسيما أن الجماعة تبدو مفككة من الداخل، ويوجد بها صراع على السلطة بين«العواجيز والشباب»، كما انها لا تستطيع اقناع عناصرها بالمصالحة، بعدما زرعت فيهم الكراهية والعداء الشديدين للدولة ومؤسساتها.

أما بالنسبة للطرف الثانى من الأزمة وهو الدولة، فان عليها اذا ما ارادت انجاز المصالحة، التوقف عن وضع الجماعة فى قائمة «أهل الشر والإرهاب»، واطلاق سراح عناصرها المحتجزين فى السجون غير المتورطين فى العنف والارهاب، وإلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحق قادتها، والسماح لها بالعودة إلى العمل السياسى، ووقف التحريض ضدها فى وسائل الإعلام، وهى شروط لا تريد دوائر مؤثرة فى صناعة القرار، من أجهزة ومؤسسات دولة ومراكز النفوذ المالى والإعلامى، تحقيقها على أرض الواقع، لأنها تعتقد ان الوقت الحالى هو الأنسب لإبعاد هذه الجماعة عن المشهد لمدة 100 عام، وبالتالى فان من يتحدث عن«لم الشمل»، تواجهه على الفور بعبارة «لا تصالح»، وتلاحقه بسؤال استنكارى «هل افتقدتم مرسى»؟.

هذان الطرفان لا يمكنهما انجاز مصالحة، وأغلب الظن انها لن تتحقق خلال حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأقصى ما يمكن توقعه من سيناريوهات، فى ظل استمرار الضغوط الإقليمية والدولية، هو دخول الطرفين فى «تهدئة غير معلنة»، يتم على أثرها تخفيف لهجة التشدد تجاه الطرف الآخر، فالمصالحة لن تتحقق الا اذا كانت الدولة مقتنعة بضرورة استيعاب الجميع، حتى لو كانوا مختلفين معها، لكن هذا لا يعنى احتضان الذين يحملون السلاح ضدها، بل يجب مواجهتهم بقوة وضراوة.. المصالحة لن تتحقق، الا اذا أدرك «الإخوان»، انه لا يمكنهم اعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو مواصلة خلط الدين بالسياسة، لفرض ارادتهم على الدولة، أو لىّ ذراعها وتهديد استقرار شعبها من أجل «كرسى الحكم».
التعليقات