ثمانية وخمسون عامًا بعد وحدة 58 - محمد أنيس سالم - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 12:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثمانية وخمسون عامًا بعد وحدة 58

نشر فى : الإثنين 22 فبراير 2016 - 9:05 م | آخر تحديث : الإثنين 22 فبراير 2016 - 9:05 م

هذا الأسبوع تمر 58 سنة على وحدة مصر وسوريا عام 1958. كانت التجربة، التى انتهت عام 1961، زلزالا فى الجغرافيا السياسية للمنطقة، وينبوعا للأمل يجسد حلم الوحدة العربية، ونموذجا يصعب تجاهل جاذبيته وتأثيره.

كانت هناك محاولات لإعادة إحياء الوحدة بين القاهرة ودمشق ثنائيا وفى إطار ثلاثى بمشاركة بغداد، ثم كانت هناك تجارب أخرى بين مصر وليبيا والسودان، وفى مراحل تالية امتدت المبادرات الوحدوية إلى الأردن واليمن ودول المغرب العربى. وبالتوازى انطلق مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981 ليصبح أبرز تجربة وحدوية عربية، رغم المشكلات والعثرات. وبالمقابل ظلت جامعة الدول العربية – على مدى 70 عاما – إطارا حكوميا قائما رغم تحديات ونواحى قصور عديدة.

نظرة طائر على هذه المسيرة الطويلة تستدعى لحظة تأمل فى فكرة الوحدة العربية فى القرن الـ 21.

• يمكن القول بأن فكرة الوحدة الاندماجية بين دولتين عربيتين أو أكثر قد توارت بحيث لا يتصور طرحها فى سياق الخمسين عاما القادمة. مضى زمن الزعامات التاريخية. وتغيرت أدوار وأوزان دول المنطقة.

• مع تواتر الحديث عن إعادة رسم الخريطة العربية، وسقوط خريطة «سايكس – بيكو»، لابد من استرجاع مواقف عديدين من الذين آمنوا بالقومية العربية وظلوا يرفضون التقسيم الاستعمارى للمنطقة ويطالبون بمراجعته. وبالمقابل لابد من التوقف عند مفارقة التمسك بخرائط «سايكس بيكو» الآن والصراخ حول مؤامرة إعادة تقسيم الدول العربية.

• يبرز تهديدان يواجهان الدول العربية فى الحقبة الحالية أولهما واقع ظهور تحديات وجودية لسلطة الدولة، ناهيك عن سقوطها بالكامل فى أكثر من مكان بالمنطقة (ليبيا، السودان، الصومال، اليمن، العراق، سوريا، لبنان). وثانيهما، استيقاظ هويات فرعية تهدد الانتماء الوطنى وتطالب بقدر من الاستقلال أو إعادة توزيع السلطة فى دول «سايكس – بيكو» (أكراد العراق وسوريا، الشيعة فى لبنان والبحرين والسعودية، السنة فى العراق، الخ).

• يتواصل الحديث عن «التكامل العربى» وخاصة فى المجالات العسكرية والاقتصادية والتجارية والثقافية. تعقد مؤتمرات للقمة، وتصدر قرارات، ولكن واقع الحال يقول إن حجم التبادل التجارى فيما بين الدول العربية لا يتعدى 10% من حجم التجارة الخارجية لهذه المجموعة. ثم إن حساسيات العمل العسكرى المشترك تتغلب على النوايا المرة تلو المرة. وقضايا المنطقة وأزماتها يتم تدويلها هروبا من تحمل الدول العربية مسئولية معالجتها.

• تظل جامعة الدول العربية التنظيم الإقليمى الأطول عمرا والأكثر شمولا رغم تعثر كثير من مبادرات الإصلاح التى عرضها الأمناء العامين للمنظمة. غير أن تعطل مشاريع إنشاء مجلس عربى للأمن والسلم، وقوة عربية مشتركة، ومحكمة عدل عربية أو محكمة لحقوق الإنسان، وآلية للتعامل مع دول الجوار، ومنظمة للإغاثة الإنسانية كلها تشير إلى غياب التوافق على تعزيز مسيرة التكامل الإقليمى. فلا عجب أن تعتذر المغرب عن استضافة القمة العربية فى الشهر القادم.

• تبرز تجربة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التى مضى عليها 35 عاما، رغم ما واجهته من صعوبات، باعتبارها حققت خطوات ملموسة فى التكامل والتنسيق، خاصة عن طريق توفير دعم مالى لبعض أعضاء المجلس، وقيام ثم توسيع قوات «درع الجزيرة» ومحاولات التنسيق فى السياسات الدفاعية والحركة الدبلوماسية. ومن حين لآخر تطرح أفكارا حول الخطوة التالية للمجلس: أن يصبح اتحادا أو أن تنضم له دول أخرى مثل اليمن، والأردن والمغرب.

• الفكرة العربية أصبحت تنافسها فكرة إسلامية تظهر فى أطر مختلفة. فعلى المستوى الرسمى تطرح مبادرات لتكوين حلف إسلامى، وعلى النقيض تطرح «داعش» مشروعا لإمارة إسلامية تذوب معها حدود «سايكس بيكو» ويتولاها خليفة يدير منظومة تبث الإرهاب والرعب. وبالتوازى نرى أحزابا إسلامية فى السلطة أو قربها أو فى موضع منافسة فى عدد كبير من الدول العربية، مقابل تراجع الأحزاب التى ترفع شعارات عروبية.

الجيل الذى عرف وحدة مصر وسوريا يتوارى عن المشهد. شهادات التاريخ ووثائقه معظمها غائب. وسوريا تدخل عامها الخامس من القتل والأسى والدموع. ومصر – الإقليم الجنوبى – تبدو بعيدة.

 

التعليقات