نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب يوسف أبو لوز، يدعو فيه لاستبدال لغة الحرب والخوف بلغة الحب والشعر، باعتبار الحب قوة تطهير وتجميل للروح والوجود، وقادر على إعادة الإنسانية إلى جوهرها الحقيقى.. نعرض من المقال ما يلى:
بعيدا عن لغة الحرب، وبعيدا عن مصطلحات المحلّلين السياسيين وقواميس الرعب وأبجدية الموت العالمى المتدرّج فى الجوّ وفى الأرض، اذهب معى إلى الحب وإلى شعراء القلب حيث اللغة خضراء، ويوم الإنسان أخضر بلا شوك ولا حديد ملتهب.
هكذا يتحدث أوكتافيو باث إلى امرأة خضراء: «أحدّثك بلغة الحجر، فتردّين بنبرة خضراء، أحدّثك بلغة الثلج، فتردّين بمروحة من النحل، أحدّثك بلغة الماء، فتردّين بزورق من البرق. أحدّثك بلغة الدمّ، فتردّين ببرج من الطيور». (ترجمة: حيدر الكعبى).
أما ماكس بيكارد، فيفلسف الحب على هذا النحو: «فى الحب، لا يتحرك شخص نحو آخر من نفسه ذاتها، بل من مستوى أعلى هو ذلك المستوى المُعطى سلفاً كأب، أو أمّ، أو محب، أو غافر». (ترجمة: عبدالوهاب المقالح).
الحب فعل تطهير وتطهّر، لكن لكى يصبح بهذا المستوى الوجودى الرفيع، لا بدّ من قلب جميل يحمله. الشاعرة فروغ فرخ زاد تحمل مثل هذا القلب. تقول: «يا من تلوّن ليلى بسبب رؤياك فى أحلامى. وثقل صدرى بتأثير عطرك وعبيرك. يا مَنْ بَسَطتَ نفسك أمام عيني، ومنحتنى السعادة أكثر من الحزن. مثل الأمطار التى تغسل جسد الأرض، وطهّرت كيانى من كل الأدران». (ترجمة: محمد نور الدين عبدالمنعم).
الحب ليس له عدّاد أرقام. إنه رقم لا نهائى. وقلب الإنسان لا يجرى تصفيره مثل ماكينة بنزين. يقول رسول حمزاتوف: «لو أعدّ ألف رجل فى هذا العالم، ليُرسلوا إليك طالبين يدك. اعلمى من بين أولئك الرجال سأكون أنا رسول حمزاتوف، ولو عشقك عشرة من الرجال الحقيقيين الذين لا يخافون نار قلوبهم، بينهم أنا، متلويا متحسرا سأكون، أنا رسول حمزاتوف». (ترجمة: مسوّح مسوّح).
إليك، أيضا، هذا الهمس الناعم الذى يرسله أحمد شاملو إلى امرأة ريفيّة مولودة من الشمس: «قولى أجمل ما لديكِ. اكشفى تعذيب صمتك الخفى. ولا تخافى ممّا يقولون، لأن الحب ليس حرفا عبثيا، لأن الحب هو الغد، لأن الحب هو الامتداد، أجلب لكِ أعظم حب فى العالم». (ترجمة: مريم العطار).
بابلو نيرودا معجون بالحب من رأسه حتى أخمص قدميه، وفى الوقت نفسه هو شاعر إنسانى عظيم حوّل ثقافة الحرب إلى شعر مولود من القلب. «أعطنى جوادك وعينيك. أعطنى الظلمة المنحرفة. أعطنى أم الذُّرة. أعطنى لسان الفرس. أعطنى الوطن بلا أشواك». (ترجمة: صالح علمانى).
لويس أراغون هو الآخر معجون بالحب، كما لو أن شعراء القلب فى العالم ينحدرون من ظهر رجل واحد. «بلا حراك، أنتظر فجرك بعد الفجر. أمسك إلى ما لا نهاية بذراعك الحلوة فى يدى. آنئذ يزهر فىّ شىء لا يوصف». (ترجمة: د. سامى الجندي).
أيها العالم، جرّب وصفة الحب، فربما تشفى من مرض الحرب.