الخليج ــ الإمارات: مراسلات ودية بين خصمين - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخليج ــ الإمارات: مراسلات ودية بين خصمين

نشر فى : الجمعة 29 يوليه 2022 - 6:50 م | آخر تحديث : الجمعة 29 يوليه 2022 - 6:50 م

نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن بتاريخ 28 يوليو تناول فيه الخلاف الذى دار بين الكاتبين الروسيين ديستوفسكى وتورجنينيف كدليل على أن الصراع بين الغرب وروسيا ليس حديثا.. نعرض من المقال ما يلى.
هذا عنوان يمكن استخلاصه من قراءة مراسلات الكاتبين الروسيين، ديستوفسكى وتورجينيف. الاثنان عالمان مهمان فى تاريخ الأدب الروسى الكلاسيكى؛ لا بل فى تاريخ الأدب العالمى، لكنهما كانا نقيضين فى الموقف.
مقدمة كتاب المراسلات التى ترجمها إلى العربية محمد خميس، وصدرت عن «دار الرافدين»، عزت جذور الخلاف إلى اختلاف البيئة الاجتماعية والعائلية التى ينتسب كل منهما إليها، فديستوفسكى من خارج طبقة النبلاء، وكان أقرب إلى الفقر منه إلى الغنى، فى حين أن تورجينيف سيد ثرى وصاحب أراضٍ.
فى تقديرنا، سيكون تعسفا حصر سبب الخلاف فى هذا الجانب، فله أسباب أخرى، أحدها شديد الأهمية، ويعود إلى اختلاف نظرة الرجلين لثقافة بلدهما وعلاقته بمحيطه الأوروبى. الرجلان عاشا وماتا فى زمن لم يكن الاتحاد السوفييتى قد ظهر، ولم تكن هناك حرب باردة بين معسكرين كتلك التى عاشها العالم بعد الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك فإن التجاذب بين التمسك بالهوية القومية الروسية من جهة، والاندماج فى الثقافة الأوروبية الأشمل، كان محط سجال فى الوسط الثقافى والأدبى فى روسيا.
على الرغم مما بين ديستوفسكى وتورجينيف من اختلاف فى الرؤى، تبادلا الرسائل الودية لفترة من الوقت، قبل أن يبلغا مرحلة بات لا مفر فيها من القطيعة بينهما. ففى عام 1876 قرأ ديستوفسكى رواية «الدخان» لتورجينيف الذى كان يومها يعيش فى مدينة بادن الألمانية، ولما التقى الرجلان تشاجرا بسببها. وقد شرح ديستوفسكى لأحد أصدقائه أن سبب خلافه مع تورجينيف، هو ولعه بالألمان وثقافتهم وازدراؤه لوطنه روسيا.
أغاظت الفكرة الأساسية فى رواية «الدخان» ديستوفسكى، وهى الفكرة التى لخصها الأخير فى عبارة «إذا فشلت روسيا فلن تكون ثمة خسارة ولا اضطراب فى البشرية»، وهى الفكرة التى جاهر بها تورجينيف لديستوفسكى، قائلا له: إن هذه هى عقيدته بشأن روسيا.
علينا أن نتخيل، وقد ولجنا العقد الثالث من القرن الـ21، أن هذا السجال جرى فى نهايات القرن الـ19، بالضبط عام 1876، وها نحن شهود، وعلى خلفية الحرب الجارية فى أوكرانيا، التى هى فى الجوهر، نزاع بين روسيا وبين أوروبا والغرب عامة، لنرى أن لهذا التجاذب بين اعتداد الروس بقوميتهم وثقافتهم، ومكانة بلدهم عالميا وخصوصيتهم، والمسعى الغربى لتهميشهم، جذورا بعيدة.

التعليقات