الإمبريالية الثقافية الأمريكية - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإمبريالية الثقافية الأمريكية

نشر فى : الثلاثاء 29 سبتمبر 2015 - 8:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 29 سبتمبر 2015 - 8:15 ص

نشرت صحيفة «ذى أمريكان كونسيرفيتيف»، مقالا لرود دريهر؛ المحرر بالصحيفة، يتحدث فيه عن الإمبريالية الثقافية الأمريكية، مستخدما مصطلح «الحقوق الجنسية» لتوضيح تلك النقطة، مبينا أنه إذا ما تمكنت الدول الغربية من إدراج الحقوق الجنسية فى القانون الدولى، فإن بإمكانها إذن أن تجبر الدول الفقيرة وتقيدها بضرورة اتباع لسياسات بعينها فى هذا الشأن، حتى تتمكن من الحصول على المساعدات التى تريدها؛ كأن تتحكم فى عدد السكان، والميول الجنسية وغيرها.

يبدأ دريهر، المقال بما قالته الحكومة الأمريكية، إنها سوف تعتمد مصطلح «الحقوق الجنسية» عند مناقشة قضايا الهويات النوعية والميول الجنسية.

وجاء البيان الذى ألقى فى اجتماع للأمم المتحدة، بعد أسابيع من الضغط الذى قامت به جماعات المثليين، للمطالبة بإظهار الولايات المتحدة الريادة بشأن هذه القضية.

وقالت وزارة الخارجية فى بيان؛ إن المصطلح الجديد يتضمن «حق الإنسان فى التحكم فى المسائل المتصلة بحياته الجنسية، واتخاذ القرارات فيها بحرية ومسئولية، بما فى ذلك الصحة الجنسية والإنجابية، والتحرر من الإكراه والتمييز والعنف».

وقبل أيام، كان ريتشارد إردمان، نائب السفير الأمريكى لدى الأمم المتحدة، قد أعلن أن تعبير «الحقوق الجنسية» يشير إلى تلك الحقوق التى ليست ملزمة قانونا.

فقال إن «الحقوق الجنسية ليست حقوق الإنسان، وليست مدرجة فى القانون الدولى لحقوق الإنسان؛ ولا يعكس استخدام هذا المصطلح وجهة النظر القائلة، بإن هذه الحقوق جزء من القانون الدولى العرفى». «غير أنه تعبير مهم عن دعم حقوق وكرامة جميع الأفراد، بغض النظر عن جنسهم أو ميولهم الجنسية أو النوع الجنسى».

ويرى دريهر، أن هذا خداع بالغ. ولذا يدعو للتمسك بتعهد الحكومة الذى يشير إلى أن «الحقوق الجنسية» لا تعتبر ملزمة من الناحية القانونية فى القانون الدولى. حيث يعتبر هذا تمهيدا للضغط من أجل إدراجها ضمن هذه الحقوق. وترجع أهمية ذلك إلى أنه إذا كان الغرب يستطيع إدراج «الحقوق الجنسية» ضمن نصوص القانون الدولى المكتوبة، يمكن أن يفرض على دول العالم الثالث المحافظة دينيا، قبول «الحقوق الجنسية» كشرط لتلقى مساعدات التنمية. هل تريد الطعام؟ للسود والملونين؟ هل تريد الحصول على مساعداتنا لمحاربة الفقر؟ إذن، لتنحنى أمام هذا الصنم الغربى.

***
ودريهر لا يدهشه أن تفعل ذلك حكومة يقودها باراك أوباما؛ مشيرا إلى أن الحرب الثقافية التى يشنها البيت الأبيض فى مواجهة البابا فرانسيس:
فمن بين ضيوف حفل الاستقبال الذى أعده البيت الأبيض للبابا فرانسيس فى 23 سبتمبر، العديد من مثليى الجنس والمتحولين جنسيا، وراهبة مثيرة للجدل، وواعظ متشدد وأسقف مطرانية مثلى الجنس. وقد قدم فيفيان تايلور عدة دعوات لهذا الحفل، وهو جزء من جولة للبابا فى ثلاث مدن أمريكية من 22 إلى 27 سبتمبر. ويعتبر تايلور «30 عاما» نفسه من العابرين للنوع الجنسى، بمعنى أنه يرى نفسه ينتمى لجنس مختلف عن حالته البيولوجية. فهو ينتمى لعالم الذكور من الناحية التشريحية، لكنه يرتدى ثياب الإناث ويقدم نفسه باعتباره أنثى. وحتى مارس من هذا العام، كان تايلور المدير التنفيذى لمؤسسة «النزاهة» بالولايات المتحدة، وناشط يهتم بشئون مثلى الجنس والمتحولين جنسيا وتابع للكنيسة الأسقفية. تايلور يعيش فى بوسطن، وهو الآن يعمل كاتبا حرا.
قال تايلور فى مقابلة صحفية، إنه تلقى قبل بضعة أشهر دعوة من البيت الأبيض، لحضور حفل استقبال للبابا فرنسيس وسمح له بأن يحضر عدد من أصدقائه. واختار تايلور خمسة أشخاص من بينهم: نيكول سانتا ماريا، سكرتيرة رابطة كوليكتيفو أليجاندريا، وعدد من المتحولين جنسيا وثنائيى الجنس، الساعين لتعزيز الوعى وتوفير التدريب والتعليم، ومناصرة مجتمعهم. ويؤكد دريهر، أن البابا فرانسيس سيتعامل مع هذا الأمر بثقة النفس المعهودة، ولكن اللافت للنظر، أن البيت الأبيض قد اختار أن يتحدى زعيم الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. فهل كان أوباما يدعو منشقى التبت للقاء الرئيس الصيني؟ لا يمكن تصور ذلك كتصرف دبلوماسى. وهل كان ليدعو نشطاء أوكرانيا إلى حفل استقبال لبوتين؟ فى كلتى الحالتين، سيكون الخلاف الدبلوماسى الناجم عن التحدى كبيرا. ولكن أيمكن معاملة البابا بهذه الطريقة؟ حقا؟

***
يوضح دريهر، أن مثل هذه الأخبار مجرد تذكرة أخرى، بسبب استياء المتدينين والتقليديين فى جميع أنحاء العالم من الإمبريالية الثقافية لحكومة الولايات المتحدة. وليس هناك ما يمكن لومهم عليه. وقد أرسل قارئ كاثوليكى يكشف للأمريكيين عن مفتاح شخصية البابا فرانسيس، ويمكن تحديدها فى نقطتين:

الاستعمار الأيديولوجى
نظرا لأن البابا فرانسيس أول بابا فى التاريخ من العالم النامى، فهو مهتم للغاية بالخلل فى توازن القوى بين الغرب وما عداه. وهو يرى أن هذا الخلل يظهر على سبيل المثال فى الجهود التى تبذلها الحكومات الغربية والمنظمات غير الحكومية، وكذلك الأمم المتحدة والهيئات العالمية الأخرى، لإجبار الدول الفقيرة على التخلى عن قيمها التقليدية، مع ارتفاع تكلفة الحصة على المساعدات الإنمائية. وهنا يطرح الكاتب مثالا على ذلك، بأن فرانسيس يعنى بمصطلح «الاستعمار الأيديولوجى»، أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة تشترط لتقدم تمويل لحملات مكافحة الإيدز فى دول أفريقية، أن يتم تقليل عدد السكان بنسبة مئوية معينة، أو السماح بتوزيع الواقى الذكرى فى العيادات العامة، أو تعديل الكتب المدرسية العامة، لتعزيز تنظيم الأسرة، أو إضفاء الشرعية على زواج المثليين. ولعل هذا ما كان فى ذهن فرانسيس، عندما قال فى الفلبين فى يناير، على سبيل المثال، إن «هناك استعمارا أيديولوجيا علينا أن نكون حذرين منه، لأنه يحاول تدمير الأسرة».

نظرية النوع
يرى دريهر، أنه بالنسبة لمعظم الأمريكيين، ربما تبدو «نظرية النوع» وكأنه اسم ندوة للدراسات العليا فى برنامج دراسات المرأة. وغير أن البابا يعنى بالجهود الرامية إلى القضاء على الاختلافات البيولوجية بين الرجال والنساء، أو لتكييف هذه الخلافات ثقافيا وبالتالى اعتبارها اختيارية. ولعل هذا مثلا هو ما كان يدور فى ذهنه أثناء خطاب عام ألقاه فى أبريل، عندما قال إنه يتعجب إذا لم يكن ما يسمى نظرية الجنس تعبيرا أيضا عن الإحباط والاستسلام، الذى يهدف إلى محو التمايز الجنسى لأنه لم يعد يعرف كيفية التوافق معه، فالتخلص من التمايز هو المشكلة وليس الحل.
واختتم دريهر قائلا، إنه فى مقابلة فى فبراير مع اثنين من الصحفيين الإيطاليين، أطلق فرانسيس على نظرية النوع الجنسى «الخطيئة» التى فشلت فى «إدراك نظام الخلق».

التعليقات