أم تحترق في حضن طفلها.. طالبة جامعية تفقد جدتها أمام عينها.. والنيران تطول عمال بجهاز 6 أكتوبر
قبل مغيب شمس الثلاثاء 30 أبريل 2025، على طريق يعبره آلاف المواطنين يوميا بمنطقة السادس من أكتوبر، سمع دوي لم يكن مجرد انفجار، كان إعلانا لحادث مأساوي، تحولت على إثره بقعة هادئة من طريق الواحات في قلب أكتوبر إلى كتلة لهب، بعدما تصاعدت نيران وأدخنة كثيفة أعقبت تسربا كبيرا للغاز.
ثمانية مواطنين لقوا حتفهم احتراقا، و16 مصابًا بينهم سائقو ميكروباصات، وموظفون، ومواطنون، يرون في تحقيقات النيابة العامة مشاهد من الجحيم: صرخات استغاثة، سيارات تشتعل، أجساد تحترق، وأخرى تحاول الفرار.
تفاصيل عديدة ترصدها التحقيقات التي حصلت عليها "الشروق" في القضية رقم 4648 لسنة 2025 جنح 6 أكتوبر، والتي تضمنت أقوال المتهمين، وعدد من المسئولين في جهاز المدينة وشركة الغاز وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بالإضافة إلى تقرير اللجنة الهندسية وأقوال المصابين.
وتُصدر محكمة جنح أكتوبر في 14 يونيو الجاري حكمها على 6 متهمين من مهندسي وعمال شركة مقاولات خاصة ومكتب استشارات هندسية في هذه القضية، بعدما استمعت خلال جلستين إلى مرافعتي النيابة والدفاع.
- سائق "أوبر": أم وطفلها اشتعلا داخل السيارة
استمعت النيابة لأقوال محمد عبد رمضان شعبان، البالغ من العمر 36 عامًا، ويعمل سائقًا على سيارة تابعة لشركة "أوبر"، وبسؤاله عن معلوماته بشأن الواقعة محل التحقيق، أفاد بأنه كان يعمل في ذلك اليوم على سيارة "أوبر"، وقد اصطحب سيدة منتقبة وابنها من منطقة "دار مصر" قرب سوق الجملة، وكان في طريقه لإيصالهما إلى منطقة الحصري.
أثناء سير السائق على طريق الواحات، وقبل دخوله إلى "الصينية" المؤدية إلى المحور المركزي، فوجئ بصوت هواء شديد للغاية، وشاهد عددًا من الأشخاص يقفون ويحاولون دفع الآخرين إلى التراجع والابتعاد عن المكان. كانت أمامه سيارة ملاكي، وصاحبها قد ترجل منها. وفجأة، دون مقدمات، وقع الانفجار.
أوضح السائق أنه لم يتمكن من فتح باب السيارة المجاور له بسبب العطل، فخرج من الباب الآخر، ثم سارع إلى فتح الباب الخلفي لإخراج السيدة وابنها.
وأشار إلى أن أشخاصًا هرعوا إليه وسحبوه من المكان، ثم ازدادت النيران بشكل كبير، وتم إبعاده عن موقع الحادث. وبعد فترة قصيرة، علم بأن السيدة وطفلها البالغ من العمر حوالي 6 أو 7 سنوات لم يتمكنا من الخروج من السيارة وقد فارقا الحياة.
وبسؤاله عن توقيت ومكان الحادث، أكد أن الواقعة وقعت يوم 30 أبريل 2025، حوالي الساعة الخامسة مساءً، عند مدخل المحور المركزي من طريق الواحات بمدينة السادس من أكتوبر.
وذكر أن السيدة وطفلها كانا برفقته داخل السيارة لحظة وقوع الحادث، ولا تربطه بهما أية معرفة شخصية، حيث كانت السيدة عميلة على تطبيق "أوبر"، وكان يؤدي عمله كالمعتاد، موضحًا أن وجهته آنذاك كانت توصيل الراكبين إلى منطقة الحصري.
وعن أبرز ما استرعى انتباهه أثناء سيره، أوضح أنه أثناء قيادته السيارة على طريق الواحات، وفي أثناء الدوران ناحية مدخل المحور المركزي، سمع صوت هواء قوي جدًا، ولاحظ وجود أناس يقفون في المكان، ويحاولون توجيه الآخرين إلى الرجوع. وكانت أمامه سيارة ملاكي، نزل سائقها، وفجأة حدث الانفجار.
وبشأن ما إذا كان قد شعر بأي رائحة غريبة، أجاب بالنفي، موضحًا أنه لم يشم أي روائح لأنه كان يقود السيارة والنوافذ مغلقة والمكيف يعمل، غير أن صوت الهواء كان عاليًا جدًا.
وعن أول لحظة أبصر فيها الحريق، قال إن الانفجار وقع بشكل مفاجئ، وتزايدت ألسنة اللهب بسرعة كبيرة، ثم تم سحبه من موقع الحريق، ولذلك لم يتمكن من رؤية باقي تفاصيل الحريق بعد ذلك.
وقدر المسافة التي كانت تفصله عن مركز الحريق بحوالي خمسة أمتار تقريبًا، مشيرًا إلى أنه شاهد "لودر" بعد وقوع الانفجار، وكان يقف أمام موقع الحادث، وقد رآه يُركن على جانب الطريق لاحقًا.
وأكد أنه شاهد بعد الحريق وجود عمال تابعين لشركة "ناتجاس" في المكان، كما رأى أعمال حفر تُجرى على الجهة اليسرى من الطريق، لكنه لم يتمكن من تحديد طبيعة ما كانوا يفعلونه بدقة.
وأشار إلى أنه لم يصب بأي أذى جسدي من الحادث، وأن حالته الصحية سليمة. غير أن سيارته تعرضت لاحتراق كامل، مقدرًا ثمنها بحوالي سبعمائة ألف جنيه وهي ملكه الشخصي، لافتًا إلى أنه رأى العديد من السيارات الأخرى قد احترقت بالكامل نتيجة الحريق.
وفي ختام أقواله، وجه اتهامًا صريحًا إلى المتسبب في الحادث، دون أن يحدد جهة بعينها، معتبرًا أن المسؤول عن التسرب والانفجار هو المسؤول عن الخسائر البشرية والمادية التي وقعت.
- موظف بجهاز 6 أكتوبر: النار أحرقت جسدي بالكامل
استمعت النيابة إلى أقوال أحمد مصطفى صابر، البالغ من العمر 23 عامًا، ويعمل بجهاز مدينة السادس من أكتوبر، وذلك أثناء تلقيه العلاج بمستشفى إمبابة العام، حيث يخضع للعلاج من حروق متفرقة في أنحاء جسده.
وقال أحمد إنه يعمل في قطاع صيانة مواسير المياه، وفي يوم 30 أبريل 2025، تلقى إخطارًا من الجهاز يفيد بوجود كسر في ماسورة مياه عند مدخل طريق الواحات، فتوجّه إلى هناك برفقة زملائه على متن سيارة ربع نقل تتبع الجهاز.
وأوضح أنه بمجرد وصوله إلى الموقع، لاحظ على الفور وجود رائحة غاز قوية منتشرة في المكان، وتبيّن له أن الأمر لا يتعلق بمياه إطلاقًا، بل أن هناك تسريب واضح من ماسورة غاز.
وأضاف أنه أبلغ على الفور إدارة الجهاز بأن المشكلة لا تخصّهم ولا تقع في نطاق تخصصهم، مشيرًا إلى أن المكان كان يشهد أعمال حفر تابعة لشركة تُدعى "المليجي للمقاولات"، ورأى عددًا من عمالها في الموقع.
وقال أحمد: "كنت أنا وزمايلي لسه بنركب العربية عشان نرجع، وفجأة حسّيت إن الأرض بتتهز، وسمعت صوت عالي جاي من تحت، وبعدها على طول حصل انفجار ضخم، والنار مسكت فينا وإحنا جوه العربية".
وأكد أن النيران أمسكت بجسده بالكامل، بينما احترقت السيارة تمامًا، ولم يشعر بشيء بعدها إلا وهو داخل سيارة الإسعاف، ليُنقل أولًا إلى مستشفى الشيخ زايد التخصصي، ثم يُحوّل إلى مستشفى إمبابة العام بسبب حالته.
وعن تفاصيل لحظة الانفجار، قال إنه كان يقف على مسافة لا تزيد عن 3 أمتار من موقع الحادث، وكان في مواجهة مباشرة مع مكان التسريب، مشيرًا إلى أن الانفجار وقع بعد دقائق معدودة فقط من ملاحظته لرائحة الغاز.
وأضاف: "أنا شوفت ماسورة الغاز وهي بتسرّب، وقلت للجهاز إن ده مش شغلنا، ولما حسّيت بالخطر كنت خلاص بركب العربية، بس النار سبقتني".
وقال إن اثنين من زملائه كانا برفقته، هما محمود رجب وشعبان أبو كريم، وقد اشتعلت النيران فيهم أيضًا، وتم نقلهم للمستشفى، لكنه لا يعرف حالتهم حتى الآن.
وعن طبيعة إصاباته، قال أحمد إنه أصيب بحروق شديدة في عموم جسده، وأنه لا يشعر بأطرافه، ولا يستطيع تحريكها بسبب الضمادات والعقاقير الطبية.
بسؤاله عمّا إذا كان يوجّه اتهامًا لأحد، قال إنه لا يعرف من المسؤول عن الحادث، لكنه يطالب بمحاسبة المتسبب: "أنا مش عارف مين السبب، بس أنا عايز آخد حقي".
- طالبة جامعية: "كنت بسيح ومفيش حد بيساعد.. كله بيصوّر"
استمعت النيابة لأقوال سما عادل أمين، تبلغ من العمر 23 عامًا، والتي قالت إنها كانت عائدة من جامعتها بالقصر العيني، في طريقها إلى الحصري، واستقلت ميكروباص أجرة يسلك محور 26 يوليو، مرورًا بجوار مول مصر.
وأضافت: "بعد ما عدينا مول مصر بشوية، الميكروباص دخل من البطيء، والطريق كان بدأ يقف، وكنا تقريبا في الصف التالت من العربيات. فجأة شفت عمال بيرفعوا إيديهم وبيصوّتوا بيقولوا اقفوا.. مفيش حد واخد باله، وأنا حسّيت إن في حاجة وحشة هتحصل".
وتابعت: "قلت للناس اللي حواليا إن في حاجة غلط، لكن محدش سمعني. وفجأة حصل انفجار كبير من الناحية الشمال، وكانت واحدة قاعدة جنب الباب فتحت الباب بسرعة، وكل الناس بدأت تنط من العربية وهي بتولع".
وأكدت سما أنها قفزت من الميكروباص فور وقوع الانفجار، وركضت على الرمال المجاورة محاولة إطفاء النيران التي أمسكت بجسدها: "جريت بسرعة على الرمل وطفيت نفسي فيه، كنت مولعة، والنار مسكت فيّ وأنا لسه في العربية".
وأضافت أن الناس كانت في حالة من الفزع، لكن معظم من حولها كانوا منشغلين بالتصوير بدلاً من المساعدة: "الناس كانت سلبية ومحدش بيساعد، كله بيصوّر".
وأوضحت أنها تمكنت من الاتصال بعائلتها وأخبرتهم بأن يلتقوها عند نادي وادي دجلة، وبدأت تسير وحدها من مكان الحادث حتى النادي وهي لا تزال مشتعلة، خوفًا على أهلها من الاقتراب من موقع الانفجار.
تابعت: "روحت مشي لوحدي وأنا مولعة، وخفت أهلي يقربوا من الحريقة. لما جمّ خدوني على طول على مستشفى الصفوة، وهناك عملوا الإسعافات الأولية، وبعد كده حاولوا يتواصلوا مع الإسعاف عشان ينقلوني لمستشفى أهل مصر، لكن قالوا مفيش عربيات فاضية، فجبنا عربية إسعاف خاصة".
وأشارت إلى أنها خضعت منذ الحادث لأربع عمليات جراحية، ولا تزال بحاجة إلى عمليتين إضافيتين لاستكمال علاجها.
وأضافت أن والدها تلقى لاحقًا اتصالًا من شخص ادّعى أنه من اتحاد مقاولي أكتوبر، وسألهم إذا كانوا يريدون تعويضات، ثم تبين أنه من شركة "المليجي" المنفذة لأعمال الحفر في الموقع، والتي ترى أنها السبب في ما حدث.
وعن آثار الانفجار على ركاب الميكروباص، قالت سما إن أغلب من كانوا معها تعرضوا للإصابة، وبعضهم كان يحترق أمام عينيها، مؤكدة: "العربية كانت مليانة ركاب، وكل اللي نزلوا كانوا مولعين، والدنيا حوالينا كانت جحيم".
وأكدت في ختام أقوالها اتهمت كل من شركة الغاز، وشركة المليجي، وجهاز مدينة 6 أكتوبر بالإهمال الجسيم الذي تسبب في إصابتها، وطالبت بالحصول على حقها القانوني.
- طالبة جامعية تفقد جدتها وتحترق
أدلت منة الله أيمن محمد محمود، البالغة من العمر 21 عامًا، بشهادتها حول حادث انفجار خط الغاز بطريق الواحات يوم 30 أبريل 2025، والذي تسبب في إصابتها بإصابات بالغة ووفاة جدتها أمام أعينها.
قالت منة إنها كانت متجهة إلى مدينة 6 أكتوبر لحضور كورس جامعي، حيث تدرس طب الأسنان بجامعة أكتوبر، ورافقتها جدتها في السيارة. وأوضحت أن هذه ليست المرة الأولى التي يسلكان فيها الطريق، إذ اعتادتا المرور من طريق الخدمة (البطيء).
وروت لحظات ما قبل الكارثة قائلة: "دخلنا من البطيء كالعادة، وكان فيه عربيات كتير واقفة، وحسينا إن فيه حاجة غلط، العربية بتاعتنا كمان بطلت فجأة ومابقتش تشتغل، وجدتي كانت بتحاول تشغلها لكن مافيش استجابة".
وتابعت: "ببص من الشمال لقيت واحد بيزعق وبيقول انزلوا بسرعة. وأنا لسه بفتح الباب، حصل انفجار ضخم، والنار ولعت في كل حتة".
قالت منة إن عدم ارتدائها لحزام الأمان أنقذها، حيث تمكنت من القفز من السيارة فورًا: "طلعت أجري والنار مولعة فيا، وجدتي كانت مربوطة بالحزام ومش عارفة أساعدها، كانت بتولع قدامي ومقدرتش أعمل لها حاجة".
وتابعت منة روايتها بصوت مكسور: "جريت لحد ما وصلت لسور مسدود، مش عارفة أهرب من النار، وبعدين لقيت زرع على الناحية التانية، قعدت أطفي نفسي فيه، هدومي كانت بتولع وقلعتها وشفت جسمي بيسيح قدامي، والنضارة ساحت على وشي".
انهارت منة وقالت: "وقعت على وشي في الرمل، وقلت لواحد يلحقني، قالي اهدي وطلب الإسعاف، وأنا قلت له العضم باين، جابلي سجادة خفيفة وغطاني، وفضل يكرر: استروها".
أكدت منة أنها لم تكن تحفظ أرقام أهلها في مصر، لكنها تذكرت رقم والدها القطري، وتم الاتصال به، وقالت له باكية عبر الهاتف: "أنا بموت، مش عايزة أموت عشان خاطر بابا وماما".
قالت إن الإسعاف تأخر كثيرًا رغم خطورة حالتها: "قعدوني على كرسي واستنيت حوالي ساعة إلا ربع، كنت عطشانة قالولي مش هينفع تشربي، وبعدها نقلوني بالعربية".
وأثناء محاولة نقلها، أخبرتهم أن جدتها لا تزال في موقع الانفجار داخل سيارة "ماتريكس"، فذهب أحد الأشخاص للبحث عنها، لكنها كانت قد فارقت الحياة.
وعن حالتها الصحية، أكدت أن جسدها بالكامل تعرض لحروق شديدة، وأنها لا تزال تحت العلاج المكثف. وقالت باختصار: "أنا جسمي كله اتحرق، وبشوف المنظر كل لحظة".
وفي نهاية أقوالها، أكدت أنها تتهم شركة الغاز، وشركة المليجي المنفذة لأعمال الحفر، وجهاز مدينة 6 أكتوبر بالإهمال الذي أدى إلى الكارثة، وتطالب بحقها القانوني دون تهاون.
يشار إلى أنه سوف تُصدر محكمة جنح أكتوبر في 14 يونيو الجاري حكمها على 6 متهمين من مهندسي وعمال شركة مقاولات خاصة ومكتب استشارات هندسية، بعدما استمعت خلال جلستين إلى مرافعتي النيابة والدفاع.
- مهندس ينجو بحياته بعد اشتعال النيران في جسده
أدلى محمد السعيد علي شحاتة، البالغ من العمر 29 عامًا، ويعمل مهندسًا للكهرباء، بأقواله في واقعة إصابته جراء انفجار خط الغاز، موضحًا أنه كان يستقل سيارة ميكروباص في طريق عودته إلى منزله، وكانوا يسيرون على طريق الواحات. وقبل أن يصلوا إلى مدخل طريق المحور بحوالي دقيقة، شعر برائحة غاز، وهو ما أثار قلقه، خاصة مع ازدياد حدة الرائحة، وبدء سماع أصوات واضحة لتسريب الغاز.
أضاف أنه عندما دخلت السيارة إلى الممر المؤدي إلى المحور، زادت الأصوات، وشعر بالخوف الشديد، خاصة وأن السيارة توقفت بسبب وجود عدد من السيارات الأخرى متوقفة أمامها.
وأشار إلى أنه قرر النزول من السيارة والابتعاد عنها كإجراء احترازي، وما إن فتح باب الميكروباص حتى وقع الانفجار بشكل مفاجئ، فشعر بحرارة النار على وجهه ورأسه ويديه، واندفع جريًا مبتعدًا عن مكان الحادث.
وأضاف أنه شاهد أشخاصًا يركضون بجواره، وقد أمسكت بهم النار من الخلف، فواصل الجري حتى وصل إلى أقرب سور، وهناك التفت خلفه ليشاهد النيران مشتعلة في جميع السيارات المتوقفة بالمكان، فتابع الابتعاد مسرعًا.
وعن عدد الركاب داخل السيارة قبيل الانفجار، قدّرهم بنحو 10 أشخاص تقريبًا. أما عن أثر الانفجار عليه شخصيًا، فأشار إلى أنه شعر فورًا بأن النار أمسكت برأسه ويديه، مما دفعه للفرار مباشرة.
وحول اتجاهه في تلك اللحظة بالنسبة لمصدر الانفجار، أوضح أن الانفجار كان خلفه، وأنه لم يتردد في الجري محاولًا الابتعاد قدر الإمكان عن موقع الحادث.
وعن ما رآه تحديدًا، أكد أنه أبصر النيران وهي تمسك بكل السيارات التي كانت موجودة في المكان. وأوضح أن بعض الأشخاص كانوا ملقين على الأرض، وكانت ملابسهم مشتعلة، وتظهر على أجسادهم آثار حروق، إلا أنهم لم يكونوا قد فارقوا الحياة.
وعند سؤاله عن كيفية نقله إلى المستشفى، أفاد بأن أحد المارة توقف بسيارته بعد أن رآه، وقام بنقله هو وعدد من المصابين الآخرين الذين كانوا ملقين على الأرض، إلى المستشفى.
وبخصوص الإصابات التي لحقت به، أوضح أنه يعاني من حروق في كلتا يديه، وفي وجهه، ورأسه، وكتفه الأيمن.
وفي ختام أقواله، وبسؤاله عمّا إذا كان يتهم أحدًا بالتسبب في الانفجار أو إصابته، سواء عن عمد أو إهمال، أجاب بأنه يتهم من كان سببًا في حدوث الانفجار.
- مندوب مبيعات: السيارات كلها اشتعلت
قال طارق محمد عبدالموجود، البالغ من العمر 28 عامًا، ويعمل مندوب مبيعات، إنه كان في طريقه لتسليم طلب إلى أحد العملاء بالحي الأول في مدينة السادس من أكتوبر، وكان يقود سيارة ربع نقل.
أضاف أنه أثناء مروره عند مدخل جهاز أكتوبر، وتحديدًا في حوالي الساعة الرابعة والنصف من مساء يوم 30 أبريل 2025، شمّ رائحة غاز قوية تملأ المكان، ثم لمح شخصًا يلوّح للناس بضرورة الابتعاد.
استطرد الشاب في أقواله بالتحقيقات: "ما هي إلا لحظات، حتى دوّى انفجار هائل، وتصاعدت ألسنة النيران التي أمسكت مباشرة في ميكروباص كان مجاورًا له، وكذلك في سيارة ملاكي كانت بجانبه، بينما كانت أمامه سيارة سوزوكي ووراءه سيارة ملاكي أخرى، مما جعله محاصرًا من كل جانب".
وأوضح أنه كان يقف بالصف الثاني في الزحام تقريبًا، ولم يتمكن من تحريك السيارة أو الهروب بها، فلم يجد أمامه سوى أن يترجل منها سريعًا ويجري مبتعدًا عن النيران.
وأكد أن السيارة الخاصة بالشركة اشتعلت بالكامل وتحولت إلى ما يشبه "فحمة"، بحسب وصفه، ولم يتمكن من إنقاذ أي من محتوياتها.
وعن وجود رائحة غريبة، أكد أنه شمّ بوضوح رائحة غاز، وأن الأمر لم يكن طبيعيًا على الإطلاق، بل إن أحد الأشخاص كان يصرخ في المارّة محاولًا إبعادهم، في لحظات سبقت الانفجار مباشرة.
وأضاف أن المسافة التي كانت تفصله عن مكان نشوب الحريق لم تكن تتجاوز الأربعة أمتار، وأنه لم يستطع اتخاذ أي رد فعل سوى الخروج السريع من السيارة والابتعاد جريًا.
وأكد أنه لم يُصب بأي أذى جسدي من جراء الحادث، إلا أن السيارة التي كان يستقلها احترقت بالكامل، وكانت محملة ببضاعة تقدر قيمتها بحوالي 130 ألف جنيه، إلى جانب 170 ألف جنيه نقدًا كانت بحوزته.
وعن الخسائر التي لحقت بالآخرين، قال إنه رأى عددًا كبيرًا من السيارات وقد احترقت بالكامل، كما شاهد أشخاصًا التهمتهم النيران أمام عينيه.
وفي ختام أقواله، وجّه اتهامًا صريحًا إلى "المتسبب في الانفجار والحريق"، محمّلًا إياه المسؤولية عن الحادث وتبعاته المأساوية.