بعد أن أعلنت الصين خلال الأشهر الماضية تمكنها من القضاء على فيروس كورونا، بين السكان البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، من حلال الاختبار وتعقب العدوى، فضلاً عن إغلاق أماكن التجمعات، عادت تعني من كارثة تفشي كبيرة أغلقت مدن بكاملها، تعتبر الأسوأ منذ بداية التفشي في 2019.
أكبر تحدٍ منذ ظهور الفيروس
الآن تواجه الصين أكبر تحدٍ لها منذ ظهور الفيروس لأول مرة في مدينة ووهان الصينية العام الماضي، وهو نوع دلتا شديد العدوى وينتشر بسرعة في جميع أنحاء البلاد، حيث أقر المسؤولون الصينيون بأن كبح هذا التفشي سيكون أصعب بكثير مما مضى، بسبب الانتشار السريع وغير المصحوب بأعراض.
إغلاق مدن بكاملها وصعوبة السيطرة
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه في حين أن عدد الحالات لا يزال منخفضًا نسبيًا مقارنة بالولايات المتحدة وأماكن أخرى، فإن التفشي الجديد الذي يحدث في مدن مثل نانجينغ ووهان ويانغتشو وتشانغجياجيه، يُظهر قيود نهج الصين الذي لا يتسامح مطلقًا مع إعادة انتشار الفيروس.
وعلى الرغم من أن الحكومة اضطرت إلى القضاء على تفجر دلتا في يونيو في مقاطعة جوانجدونج، فإن السلطات هذه المرة تتعامل مع انتشار أكبر بكثير، منذ أن بدأ تفشي المرض الحالي في منطقة دلتا في 21 يوليو، حيث ارتفع عدد الحالات إلى 483 حالة، أي أكثر من إجمالي عدد الإصابات في الأشهر الخمسة الأولى من العام، لينتشر يوم الثلاثاء في 15 من 31 مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم في الصين.
وفي جميع أنحاء البلاد، أصدرت الحكومة تعليمات للناس بعدم السفر إلا إذا لزم الأمر، في مدينتي "زانججياجي" و"سوجو" مُنع 5.4 مليون شخص من مغادرة منازلهم، فيما اضطر ما يقرب من 13 مليون شخص في مدينة تشنغتشو، موقع الفيضانات القاتلة في يوليو، إلى الوقوف في طابور لاختبار الفيروس الذي بدأ يتفشى في نهاية الأسبوع الماضي.
وأما في مدينة نانجينغ، حيث ظهرت حالات دلتا الأخيرة لأول مرة، اضطر ملايين السكان للمشاركة في أربع جولات من الاختبارات.
يقول "تشين شي"، الأستاذ المشارك في الصحة العامة بجامعة ييل، "بمجرد وصول دلتا إلى العديد من المقاطعات يصعب التخفيف منه أعتقد أن هذا سيكون مفاجئًا وصادمًا لبقية العالم لقد انتهكت دلتا مثل هذه الحكومة القوية وسيكون هذا درسًا مهمًا للغاية".
ما السبب؟
قالت وسائل إعلام صينية محلية إنه في الأسبوع الماضي، ألقى سون تشونلان نائب رئيس الوزراء الصيني، باللوم على التراخي الأيديولوجي في تفشي المرض في منطقة دلتا، وحث المسؤولين على تكثيف جهودهم الوقائية.
وقال يانتشونغ هوانغ، كبير زملاء الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية، إن استراتيجية الصين "القائمة على الاحتواء" لن تنجح على المدى الطويل، لا سيما مع استمرار ظهور متغيرات جديدة، معبرا: "سيصبح الحفاظ على مثل هذا النهج مكلفًا للغاية".
فيما يرى بعض خبراء الصحة العامة في البلاد إن الوقت قد حان للصين لإعادة التفكير في استراتيجيتها الخاصة بفيروس كوفيد.
ضرب موسم السياحة الصيفي
وقالت صحيفة "ساوث شاينا مورنينج بوست" أنه جرى إلغاء الحجوزات ودفع المبالغ المستردة بعدما طلبت جميع مقاطعات الصين من السكان عدم السفر الداخلي، مما يوجه ضربة أخرى لصناعة السياحة المحلية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه حتى في حال لم تفرض الحكومة قيودا على السفر بين المقاطعات، فإن الكثير من الناس ما زالوا يتجنبون السفر لمسافات طويلة.
وترتب على ذلك إحباط أي انتعاش للأعمال التجارية التي كان يأمل في تحقيقها العاملون في مجال السياحة في الصين خلال موسم العطلة الصيفية.