أثار تلويح رئيسة وزراء مقاطعة ألبيرتا المصدر النفطي الأكبر في دولة كندا، بالانفصال عن البلاد جدلًا واسًعا في الشارع الكندي؛ نظرا لما يحيط بالبلاد من الجمارك المفروضة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمطالبة بضم كندا كولاية أمريكية "على لسان الرئيس الأمريكي"؛ لتواجه كندا تهديدات الانفصال وخسارة أكبر مصدرا نفطيا اعتمدت عليه كندا خلال 80 سنة ماضية؛ ليكون التهديد بالانفصال ضربة جديدة للعلاقات بين مقاطعة ألبيرتا ودولة كندا بعد عدة جولات من النزاعات القانونية على ملف مصادر الطاقة.
وتسرد جريدة "الشروق"، أهم الأسباب التي أوصلت العلاقة بين ألبيرتا ودولة كندا للتلويح بخيار الانفصال في وقت عصيب تواجه كندا خلاله جمارك أمريكية باهظة، وفقا لهيئة البث الكندية وقناة إي بي سي ورويترز وشركة ديلويت للمراجعات.
ألبيرتا تحت ضغط القوانين البيئية
واجهت ألبيرتا عام 2024، قرارا من رئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو يلزم سائر منتجي الغاز والنفط بتقليل انبعاثات الكربون بـ35% ما يعد ضربة قاصمة لاقتصاد ألبيرتا التي تصدر 4.2 مليون برميل نفط يوميا، وتستثمر العديد من الشركات الأمريكية في التنقيب عن النفط الخام بألبيرتا.
وسيؤدي تطبيق القانون لعزوف الشركات الأجنبية عن الاستثمار لغلاء تكلفة وسائل تقليل انبعاثات الكربون، وذلك بجانب أن النفط الألبيرتي هو أكثر نفط مسبب لانبعاثات الكربون في العالم ما يجعل تقليل استخراج ذلك النفط هو الحل لتقليل الانبعاثات، في خطوة تكبد ألبيرتا خسارة مليون برميل نفط يوميا تنعكس على دخل المقاطعة الذي تشير الترجيحات إلى أنه سيتراجع 5%، بجانب خسارة الآلاف من الألبيرتيين وظائفهم بعد تراجع الاستثمارات النفطية.
وردت ألبيرتا ممثلة في رئيسة وزراءها دانيال سميث، التي هددت بتفعيل قانون السيادة الألبيرتية؛ لتمنع بذلك القانون تعامل أي جهة من الحكومة الكندية مع مصادر نفط ألبيرتا، لتعود "سميث" في مايو 2025 بمزيد من التصعيد أكدت خلاله استعداد حكومة ألبيرتا قبول استفتاء شعبي بالانفصال عن كندا، في حال لم توفر الحكومة الاستقلالية الكافية لألبيرتا في التعامل مع مصادرها النفطية.
ألبيرتا والمصالح الأمريكية
تعد أمريكا، أكبر مشتري لنفط ألبيرتا وفي المقابل تعد ألبيرتا أكبر مصدر للنفط في أمريكا، والسبب هو تميز النفط الألبيرتي بقوامه شديد الثقل يقابله نوع نفط أمريكي شديد الخفة يحتاج الخلط بنوع أثقل؛ لتحسين جودته لذلك كانت كندا وخاصة ألبيرتا هي وجهة مستوردي النفط الأمريكيين، حيث تعمل 30 مصفاة نفطية أمريكية بينها الـ5 مصافي الأكبر بالنفط الألبيرتي، بينما تفوق صادرات ألبيرتا النفطية لأمريكا الـ3.5 مليون برميل يوميا، ولا تتوقف المصالح الأمريكية عند نوعية النفط، إذ يؤدي وجود مخزون من النفط الألبيرتي لتسهيل تصدير أمريكا نفطها الخاص للسوق الدولي، كما تعد ألبيرتا بديلا جيدا لمصدري نفط معادين لأمريكا مثل فنزويلا والمكسيك.
وأظهر الرئيس دونالد ترامب، تحمسه لألبيرتا حين طالب بإعادة العمل على مشروع أنبوب النفط الرابط بين ألبيرتا والولايات المتحدة، والذي كان جو بايدن ألغاه إبان رئاسته بعد احتجاجات بيئية ومظاهرات السكان الأصليين الذين يمر المشروع بأراضيهم، وأما عن ألبيرتا انسحبت الشركة المشرفة على المشروع بعد أن تكبدت 15 مليون دولار بسبب تراجع بايدن عن المشروع.
وتواجه ألبيرتا، دفع ثمن الحرب التجارية بين ترامب وكندا إذ لوحت كندا بقطع صادرات النفط عن الولايات المتحدة وفي ذلك تتكبد ألبيرتا خسائر فادحة؛ نظرا لأن نوع النفط الثقيل الذي تصدره لا يملك شعبية حول العالم؛ لغلاء سعره وامتلائه بالكاربون الملوث للبيئة، بينما الولايات المتحدة هي أكثر مشتري يهتم بذلك النوع من النفط وبجانب ذلك تبعد ألبيرتا عن السواحل الكندية بمسافة طويلة دون وجود خط أنابيب لنقل النفط عبر المناطق الجبلية الوعرة؛ ما يجعل الوصول للسوق العالمي غير الأمريكي أمرا صعبا لذلك خرجت تصريحات من رئيسة وزراء ألبيرتا تدعو الحكومة الكندية للتسوية مع ترامب في شأن المهاجرين وتجار المخدرات، وضبط الحدود تجنبا للصراعات التجارية.
على خطى كيبيك
ليس الاستفتاء على الانفصال عن كندا، أمرا جديدا حيث سعت ولاية كيبيك ذات الأغلبية الناطقة بالفرنسية لسنوات طويلة؛ لنيل الانفصال بداية مع الثورة الصامتة ثم تأسيس جمعية السيادة الكيبيكية وحزب كيبيكوس؛ لتكون نتيجة تلك الجهود استفتاء 1981 على الانفصال، ولكن رغم الحراك الانفصالي الواسع رفض 60% من سكان كيبيك الانسحاب من كندا.
ولم تنته مساعي الانفصال لتجدد عام 1995 مع عودة حزب كيبيكوس للبرلمان، وعمل استفتاء جديد عام 1995 والذي بالرغم من موافقة 45% من المصوتين فيه على الانفصال، إلا أن عدد الرافضين كان أكبر ما منع انفصال المقاطعة ذات الأغلبية الفرانكفونية والتي تمتعت بقوانين خاصة مثل اعتماد اللغة الفرنسية كلغة رسمية.