انتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع فيديو يروج خلالها مقدمو المحتوى المعتمد على الطعام الصحي لوصفات "الخضار المخمر"؛ حيث يعتمد هذا النوع من الأغذية على وضع خضروات مختلفة في محلول ملحي وتركها لفترة معينة لحدوث التخمر الطبيعي، ما يؤدي إلى تكوّن بكتيريا نافعة تسهم في دعم صحة الأمعاء وتحسين وظائف الجهاز الهضمي.
ومع ازدياد انتشار المحتوى، اتجه كثيرون لإضافة الخضار المخمر إلى وجباتهم اليومية كمقبلات أو إضافات جانبية، باعتبارها خيارا صحيا يسهم في تعزيز التوازن البكتيري وتحسين الهضم.
ويبقى السؤال: هل تدعم الخضروات المخمرة صحة الأمعاء فعلا كما يروج لها؟.. إلى أي مدى يمكن تناولها بأمان؟.
مدى فعالية الخضار المخمر في دعم صحة الأمعاء
أوضحت أخصائية التغذية الدكتورة حسناء الدباوي، في تصريحات لـ"الشروق"، أن إدراج الخضار المخمر في النظام الغذائي بانتظام قد يسهم في زيادة البكتيريا النافعة لدى بعض الأشخاص، وتشير دراسات محدودة إلى إمكانية تحسن بعض مؤشرات الالتهاب وتنظيم مستويات السكر والدهون في الدم، إلا أن التأثير غالبا ما يكون معتدلا ويختلف من شخص لآخر.
وتتمثل فوائد التخمير في كونه مصدرا طبيعيا لـ"البروبيوتيك" الناتج عن تكوّن بكتيريا حمض اللاكتيك، إضافة إلى احتوائه على البريبيوتيك والألياف التي تغذي بكتيريا الأمعاء وتساعد في انتظام الإخراج، فضلا عن الأحماض العضوية ومضادات الأكسدة الناتجة أثناء عملية التخمير، ولذلك يمكن اعتبار الخضار المخمر عاملا مساعدا لصحة الأمعاء، لا علاجا شاملا.
الفرق بين التخمير والتخليل
أشارت الدكتورة حسناء إلى أن التخمير يعتمد على نشاط البكتيريا الطبيعية التي تتغذى على النشويات وتنتج حمض اللاكتيك، وهو ما يحفظ الخضار ويزيد في بعض الأحيان قيمته الغذائية، أما التخليل فيعتمد على إضافة أحماض مثل الخل، وقد يضاف إليه الملح، دون حدوث نشاط بكتيري حقيقي.
وبينت أخصائية التغذية، أن ما يروجه بعض مقدمي المحتوى عن كون التخمير أفضل صحيا صحيح إلى حدٍ ما، لكنه لا يناسب جميع الأشخاص، خاصةً أن معظم وصفات التخمير تحتوي على نسب مرتفعة من الصوديوم، كما قد يسبب التخمير مشكلات للذين يعانون من حساسية الهيستامين.
مخاطر الإفراط المحتملة
حذرت الدكتورة حسناء، من الإفراط في تناول الخضار المخمر، إذ تحتوي معظم وصفاته على كميات كبيرة من الملح، ما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة العبء على القلب والكلى.
وينبغي على المصابين بارتفاع الضغط أو فشل القلب أو أمراض الكلى توخي الحذر، كما أن الخضار المخمر يحتوي على نسبة عالية من الهيستامين، ما قد يسبب صداعا واحتقانا وعطسا وتسارع ضربات القلب، وطفحا جلديا لدى البعض، فضلا عن الغازات والانتفاخات والإسهال لدى آخرين.
الخضروات المناسبة للتخمير وطريقة تناولها
أوضحت الأخصائية، أن أفضل الخضروات المناسبة للتخمير تشمل الكرنب الأبيض والأحمر، والجزر، والخيار، والفجل، واللفت، والقرنبيط، والطماطم، والبصل؛ لاحتوائها على ألياف وعناصر تدعم نمو البكتيريا النافعة.
وأكدت ضرورة تناول الخضار المخمر باعتدال كإضافة للوجبة، لا كعنصر أساسي، محذرة من الإفراط فيه لدى المصابين بحساسية القولون أو اضطرابات الهضم.
كما شددت على أهمية التحضير والتخزين بطريقة صحية لضمان السلامة الغذائية.
عادات بسيطة لحماية صحة الأمعاء
وأضافت الدكتورة حسناء، أن تحسين صحة الجهاز الهضمي يعتمد بدرجة كبيرة على الالتزام بعادات يومية، من أهمها تناول الألياف من مصادر طبيعية كالخضروات والفواكه الكاملة والحبوب الكاملة والشوفان والكينوا والبرغل، إضافة إلى البقوليات لمن لا تسبب لهم مشكلات هضمية.
وتنصح أيضا بتناول الأطعمة الغنية بالبريبيوتيك، مثل البصل والثوم والكرات والموز والبطاطس المسلوقة الباردة، إلى جانب إدخال الأطعمة المخمرة باعتدال مثل الزبادي واللبن الرائب.
وشددت على ضرورة تقليل السكر المضاف وتجنب الوجبات السريعة، وإضافة الدهون الصحية كزيت الزيتون والمكسرات وبذور الكتان والشيا، إضافة إلى تنظيم الوجبات وعدم تناول الطعام على مدار اليوم دون فواصل، لمنح الجهاز الهضمي فرصة للعمل بكفاءة.