المهمة الأساسية لا تتغير: تقديم المعلومات والأفكار - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:54 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما يجب أن تعرفه عن الصحافة (2)

المهمة الأساسية لا تتغير: تقديم المعلومات والأفكار

مقدمة قصيرة عن - الصحافة إيان هارجريفز  دار الشروق
مقدمة قصيرة عن - الصحافة إيان هارجريفز دار الشروق
إسماعيل الأشول:
نشر في: السبت 11 يوليه 2020 - 5:58 ص | آخر تحديث: السبت 11 يوليه 2020 - 6:03 ص

شارل ديجول: «أعدائى عندهم الصحافة.. لذا فأنا أحتفظ بالتلفزيون»
ــ «وصفة النجاح: دهاء الفئران.. وسلوك مقبول.. والقليل من القدرات الأدبية»

عن التأثير الكبير لتطور وسائل الاتصال على العمل الصحفى بمختلف أشكاله، وعن علاقة الصحافة بالدولة، وارتباطها بالديمقراطية، نمضى مع كتاب «ما يجب أن تعرفه عن الصحافة» لمؤلفه الصحفى البريطانى وأستاذ الصحافة بجامعة كارديف بالمملكة المتحدة إيان هارجريفز، والصادر عن دار «الشروق» (2011) من ترجمة بدر الرفاعى.
«إن ما لا يمكن إنكاره هو أن التقنيات الرقمية الجديدة بدأت تحدث تغييرات جذرية فى الطرق التى يتلقى بها الناس الأخبار». يخبرنا المؤلف.
ووفقا لبعض المعلقين، فإن هذا الإمداد المزدهر من الخدمات الجديدة يدل على أن الصحافة بعيدة كل البعد عن أن تصبح لا قيمة لها، إذ إنها أصبحت تتمتع بحال من الصحة والتأثير غير مسبوقين.
وبعد استعراض ما يسمى بـ«صحافة الاستهلاك السريع»، التى تعد النقيض لـ«صحافة العمق»، يشير المؤلف إلى رثاء الراحل بول فوت، المخبر الصحفى المعروف، موت صحافة التقصى، ويشكو جون بيلجر صحفى الحملات الأسترالى، من السهولة التى ينخدع بها معظم الصحفيين وتجعلهم يتبنون «الأجندة الخفية» للسلطة السياسية أو فى مجال التجارة والأعمال.
ويحذر صحفيون آخرون من تعطش الصحافة الحديثة أحيانا لدماء الساسة المنتخبين، والتحول، حسب تعبير آدم جوبنيك، من العشاء مع الرؤساء إلى التعشى بهم. وكما يقول جون لويد الكاتب فى فايننشيال تايمز: إن المقولة الشهيرة لهارولد إيفانز الذى كان يترأس تحرير «صنداى تايمز» اللندنية فى السبعينيات من القرن العشرين، الذى يرى أن الصحفى حين يحاور سياسيا عليه أن يسأل دائما: «لماذا يكذب على هذا الوغد؟»، «تحولت من تحرر جذرى من الخوف إلى استراتيجية تجارية ذات آثار كبيرة على سلامة حياتنا العامة». ويدعو لويد إلى آليات جديدة لـ«استجواب من تقوم باستجوابه».
ووفق الكتاب نفسه، فإن خدعة أن الصحفى هو «رجل محل ثقة» كما قالت جانيت مالكوم هو عنصر ضرورى من عناصر قدرة المجتمع على التمحيص وتطهير نفسه؛ ويتطلب التعقيد المتزايد للحكومات والشركات المزيد من الضراوة الصحفية، وليس أقل.
ومن هذا المنظور، فلا مجال للقلق بشأن الطريقة التى يشكل بها الصحفيون قواعدهم الأخلاقية، ويتم تدريبهم وتنظيمهم. وينصح نيكولاس تومالين محرر «صنداى تايمز» البارز الذى قتل فى أثناء حرب يوم كيبور (عيد الغفران) فى 1973، الصحفيين الطموحين بأن «الصفات الوحيدة المطلوبة للنجاح الحقيقى فى مهنة الصحافة هى دهاء الفئران، وسلوك مقبول، والقليل من القدرات الأدبية».
ويرى «هـ.ل.منكن»، من «بالتيمور» وهو الثائر الكبير على المعتقدات التقليدية، أن الصحافة «حرفة يمكن إتقانها فى أربعة أيام، وهجرها عند ظهور أول علامة على توفر عمل أفضل». ويعلق المؤلف: ووراء تعليقات منكن الساخرة، هناك نقطة جادة. فالصحافة، حسب رأيه، لا يمكن المقارنة بينها وبين مهن مثل الطب والقانون؛ لأن الصحفى «غير قادر، حتى الآن، على التحكم فى السماح له بممارسة مهنته».
وبعد استعراض عدة أمور تؤثر فى مناخ عمل الصحافة، يتابع: ويجب تذكير الصحفيين بأنهم لا يمكنهم ضمان امتيازات «الصحافة الحرة» والحفاظ عليها والتى تعتمد عليها فاعليتهم، إلا من خلال مجتمع مدنى ديمقراطى وفى المقابل، من حق الجمهور أن يتوقع تحمل الصحفيين للمسئوليات المصاحبة لامتيازاتهم بجدية. فالصحفيون ليسوا رعاة بقر تمتلئ جيوبهم بطلقات فضية؛ إنهم أفراد يعملون فى إطار اقتصادى وثقافى وسياسى معلوم. وهذا يفسر، فى رأيى ــ والكلام للمؤلف ــ لماذا يجب على الصحفيين الترحيب بالاتجاه الجديد من التساؤل بشأن قيمهم، ومعاييرهم، وممارساتهم المهنية، بينما يدافعون بشدة عن أهمية حرية الصحافة من أجل أداء أى مجتمع مفتوح لوظيفته.
ويتناول الكتاب الإقبال المتراجع من الجمهور على الصحافة بخلاف ما كان فى السابق، كما يقارن بينها وبين الراديو والتلفزيون. وفى ذلك ينقل عن الرئيس الفرنسى الأسبق الجنرال شارل ديجول قوله: «أعدائى عندهم الصحافة؛ لذا فأنا أحتفظ بالتلفزيون».
ويرى المؤلف أن تأثير موجات التغير التقنى (فى مجال وسائل الاتصال)، على الثقافة، والأخلاق، والممارسة الصحفية عميقا بالفعل، لكنه يعود ويوضح أن القانون البريطانى، على سبيل المثال، لا يزال يلزم جميع الخدمات الإخبارية الإذاعية والتلفزيونية بأن تكون غير منحازة ودقيقة سياسيا. ويملك المنظمون سلطة التدخل فى حال المخالفة.
وعن رؤيته فى ضوء تجربته الشخصية يقول المؤلف: لا يمكن للصحافة غير المتنوعة، بطبيعتها، أن تنال ثقة قطاعات الرأى العام الذى تتنوع أوضاعه الاقتصادية والطبقية والعرقية والجنسية والإقليمية وغيرها. ولا يمكن كذلك للصحافة التى يعوزها التنوع والتعددية التكيف مع التغيرات التى لا تتوقف. فإذا لم تتحقق للصحافة الثقة والقدرة على التكيف، فستفشل حتما.
والصراع بين الدولة ومواطنيها، والصحافة، وإعادة صياغة شروط العلاقة بين الأطراف، هى ديوراما (صورة ينظر إليها من خلال ثقب فى جدار حجرة مظلمة) مستمرة. وحسب قول جون كين، أحد أفضل كتابنا فى موضوع الديمقراطية فإن «حرية الاتصالات مشروع متواصل ليس له حل نهائى. إنه مشروع يخلق دائما أوضاعا ومعضلات ومتناقضات جديدة».
لكن المهمة الأساسية للصحافة ذاتها لا تتغير. فهى دائما تقديم المعلومات والأفكار التى تمكن المجتمعات من العمل فى ظل الخلافات؛ لتأسيس حقائق متفق عليها وإدراك أولوياتها، وفق المؤلف.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك