مادلين.. صيادة من غزة تتحول إلى رمز لصمود المرأة الفلسطينية - بوابة الشروق
الثلاثاء 15 يوليه 2025 10:49 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لمصير وسام أبو علي في المرحلة المقبلة؟

مادلين.. صيادة من غزة تتحول إلى رمز لصمود المرأة الفلسطينية

آلاء يوسف
نشر في: الجمعة 11 يوليه 2025 - 2:38 م | آخر تحديث: الجمعة 11 يوليه 2025 - 2:39 م

"نفسنا نأكل، نعيش، نرجع لحياتنا، أطفالنا نفسهم في الطعام النظيف"، أحلام بسيطة تتمناها الصيادة الفلسطينية مادلين كُلّاب، التي لم تفكر في الهجرة في أي لحظة وقت الحرب: "لن أترك غزة، أرضي وبلادي وبلاد أجدادي".

تحكي الشابة الفلسطينية لـ"الشروق" رحلتها مع البحر، التي بدأتها في السادسة من عمرها صحبة والدها، حتى بلغت الثالثة عشرة، وأقعده المرض، فتركها للبحر وحيدة تواجه أمواجه بحثًا عن صيد وفير.

لم يكن الصيد مجرد هواية، تقول مادلين: "إنه المهنة الوحيدة لأسرتي ومصدر رزقنا الوحيد؛ لم أملك رفاهية الاختيار، فاضطررت للاستمرار من أجل عائلتي".

حملت الابنة الكبرى بين إخوتها المسؤولية، وخاضت عدة تحديات؛ فواجهت انتقادات المجتمع الذي لم يعتد على عمل الفتيات في مهنة قاصرة على الرجال. تقول مادلين: "واجهت تحديات المجتمع، ينتقد بنت تشتغل وتطلع البحر، لكن المهنة هاي كانت مصدر رزقنا، ما بدي أستمع لأي حدا، وقدرت أتخطى كل مشاكل المجتمع وكلام الناس، واستمريت حتى قبل الحرب".

ولم يخفِ التعب الذي غلّف صوت مادلين شغفها بالبحر: "يعني لي كل شيء، قضيت فيه طفولتي ومراهقتي وشبابي، هو الحياة والنبض والنفس الذي أتنفسه. السباحة فيه والصيد هوايتي التي أجد فيها نفسي".

الحرب سرقت كل شيء

بعد 7 أكتوبر، تغيرت حياة مادلين بالكامل؛ فنزحت مع أسرتها من مدينة غزة إلى الجنوب: "تركنا كل إشي ورانا، وعدنا بعد سنة ونصف، وجدنا كل شيء مدمر. واليوم قاعدين ماعناش أي مصدر رزق، مافيش أي مقومات للحياة".

لم تكن تتصور مادلين، التي تصارع من أجل البقاء في ظل حرب الإبادة، أن تصبح في ليلة وضحاها أيقونة شهيرة بعد تسمية آخر سفينة من سفن كسر الحصار باسمها.

"خبرني أحد الأصدقاء عن سفينة كسر الحصار اللي بتحمل مواد غذائية، وحفاضات، وحليب أطفال، وأطراف صناعية، وعلاجات، ويريد المنظمون تسميتها مادلين"، تقول الصيادة الفلسطينية، "رأوا فيَّ رمزًا للمرأة القوية وللصمود؛ سعدتُ جدًا لأنه هناك أحد مهتم بي وبقصتي".

وجّهت مادلين رسالة للنشطاء، تشكرهم على اختيار الاسم وتعريف العالم بشابة فلسطينية قدمت أكثر من 20 عامًا من عمرها في الصيد. "اليوم كثيرون حول العالم يعرفون قصتي، ويعرفون كيف ضحّت مادلين بطفولتها وشبابها لكي تعيل عائلتها وتربي أطفالها".

لكن السفينة التي حملت اسمها لم تصل؛ هاجمها جنود الاحتلال في عرض البحر، واختطفوا من كان على متنها، ورحّلوهم قسرًا.

خذلوا السفينة كما خذلونا

تقول الشابة الغزية: "كنا نتمنى أن تصل السفينة، وأن تقف الحرب والإبادة علينا وعلى غزة؛ السفينة كان المفروض أن تصل غزة، لكن العالم كله خذلها، مثلما خذلونا".

انشغل العالم بالسفينة المخطوفة لمدة لم تتجاوز الأسبوع؛ ثم نُسيت تمامًا، وبقيت مادلين التي تيمنوا باسمها حبيسة الحرب والحصار. "في غزة ليس هناك مكان آمن، حيثما كنت أنت مستهدف. الحياة اليومية صعبة جدًا، لا يوجد مصدر رزق أو دخل، لا يوجد أكل حرفيًا، الموجود في الأسواق أشياء نادرة وغالية جدًا جدًا، لا يستطيع المواطن العادي توفيرها".

تبدو أحلام مادلين بسيطة: "نفسنا نأكل، نعيش، نرجع لحياتنا، أطفالنا نفسهم في الطعام النظيف".

- إصرار على البقاء

رغم كل ما مرت به، تصر مادلين على البقاء: "لم أفكر في الهجرة طوال فترة الحرب، ولن أترك أرض غزة وبلدي؛ ولن أترك مهنة الصيد، مهنتي ومهنة أجدادي وآبائي. والدي استُشهد في الحرب، وأخي استُشهد من قبل في 2018 على يد العدو نفسه، لذلك لن أنسى ذكراهم".

مادلين، التي تحمل دبلومًا مهنيًا في تصميم الأزياء، وآخر في السكرتارية التنفيذية، لم تجد في الحياة سوى البحر ملاذًا، والصيد طريقًا للبقاء. واليوم، لا تزال حبيسة في غزة، تتقاسم القهر والجوع مع أطفالها الثلاثة، والجنين الذي تحمله في أحشائها وتطلُع لوقف إطلاق النار قبل أن يأتي للحياة.

تتمنى مادلين، التي رفرف اسمها على السفينة التي تابعها العالم، ألا ينساها العالم، ولا ينسى غيرها من الفلسطينيين، آملة في لحظة تنهي فيها هذه الحرب.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك