لفت النجاح الذي حققه الفيلم الفرنسي Anatomy of a Fall، والجوائز التي حصدها، أنظار النقاد حول العالم، ورأى البعض أنه حقق نشاطا للسينما الفرنسية المتراجعة منذ سنوات خاصة على المستوى الجماهيري.
وفاز الفيلم، الاثنين الماضي، بجائزة جولدن جلوب لأفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية وأفضل سيناريو 2024، كما حصل على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي في مايو 2023.
يعرض الفيلم في سينما "زاوية" في مصر، ويعرض في عدد من دول العالم، حتى إنه حقق إيرادات تقترب من 4 ملايين دولار أمريكي، ليصبح الإصدار الأعلى ربحًا بلغة غير أجنبية منذ 2020 وتراجع الإقبال على شباك التذاكر حول العالم بسبب جائحة كورونا، وفقًا لشركة نيون.
وتدور أحداث الفيلم في قاعة المحكمة للمخرجة جوستين تريت، حول كاتبة متهمة بقتل زوجها في الشاليه الجبلي المعزول الذي يسكنان فيه، ويستعرض وجهة نظر كل شخص من الزوجين وكيف تدهورت حياتهما، قبل جريمة القتل أو الانتحار.
ورغم ما حققه الفيلم من نجاحات إلا أنه خارج الترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي هذا العام، وتم رفض الفيلم من قبل لجنة ترشيح المنافسة على جوائز الأوسكار في فرنسا، حيث أشار البعض إلى أنه "من المحتمل أن يتم معاقبة تريت بسبب انتقادها الحكومة الفرنسية في خطابها السياسي الناري في مهرجان كان"، وفقًا لمجلة فارايتي.
ويناقش هو.دي جونز السبب الذي جعل فيلم "تشريح السقوط" يحقق نجاحا على مستوى جماهيري ونقدي، على الرغم من الهبوط الذي حدث للسينما الفرنسية على مستوى شباك التذاكر، قال: "الأفلام الفنية الفرنسية - الأعمال الدرامية منخفضة الميزانية التي تتميز بالواقعية والغموض والأسلوب الإخراجي المتميز والتي غالبا ما يتم عرضها في المهرجانات ودور السينما المتخصصة - واجهت صعوبات في شباك التذاكر الدولي في السنوات الأخيرة، وكما هو مفصل في كتابي الجديد السينما الأوروبية العابرة للحدود الوطنية: التمثيل والجماهير والهوية، صدرت فرنسا بين عامي 2005 و2016، 13 فيلما فنيا استمرت في جذب مليون جنيه إسترليني من رواد السينما في أوروبا ومع ذلك، منذ عام 2016، لم يحقق أي فيلم فرنسي هذا"، وفق موقع ذا كونفيرزيشن.
كافحت شركات الانتاج في كثير من الأحيان لجذب الجماهير العالمية، على سبيل المثال رشح فيلم البؤساء 2019 لجائزة الأوسكار، ولكنه باع أقل من 400 ألف تذكرة سينما فقط في أوروبا، وفقًا لقاعدة بيانات أفلام لوميير.
يُرجع جونز السبب الرئيسي لنجاح "تشريح السقوط" إلى فوزه بالسعفة الذهبية، حيث تؤكد استطلاعات الرأي التي أجريت على أعمال سابقة من معهد الفيلم البريطاني على أهمية الجائزة، أن 44% من رواد السينما الذين حضروا عرض فيلم Amour و46% في عرض فيلم " Blue Is the Warmest Colour" إنهم جاءوا لمشاهدة هذه الأفلام لأنهم فازوا بجائزة السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي.
يقول جونز: "من المؤكد أن السعفة الذهبية ليست الضمان الوحيد لشباك التذاكر ولكن عاملا مهما، كما أن الفيلم يغازل الجمهور من خلال قصته الجذابة عن العلاقات البرجوازية المضطربة التي تتوتر بسبب التنافس المهني والغيرة والشعور بالذنب كآباء وعلاقاتهم المعقدة مع أبنائهم، كما تكشف مجموعات التركيز في كتابي، فإن العلاقات المضطربة هي موضوع يلقى صدى جيدًا بشكل خاص لدى جماهير السينما في صالات العرض"، ويؤكد على أن الفيلم نجح في إشعال الشغف بالسينما الفرنسية الفنية مرة أخرى.
حظى الفيلم بمقالات نقدية على الصفحات الرئيسية لمجلات ومواقع كبرى حول العالم وزاد الحديث عن السينما الفرنسية، حيث قالت الناقدة ستيفاني زاكارك في مقالها لمجلة التايم: "هو فيلم تشويق قليل الحوار ومبني دراميا بذكاء بحيث لا يفصح عن أي شيء بسهولة، وحتى في النهاية، قد لا تشعر أنك متأكد بنسبة 100% من أنك تعرف ما حدث، ولكن يبدو أن هذا كان عن قصد من مؤلفي الفيلم تريت وآرثر هراري، يحتوي الفيلم على تفاصيل مثيرة للاهتمام وضعت فوق بعضها بمهارة، مثل تراكم تساقط الثلوج الصامت".
كما كتب عن الفيلم موقع الناقد روجر إبرت: "إنه ليس فيلما عن سقوط /انتحار رجل في ظروف غامضة، إنما يتعلق الأمر بتدهور الشراكة وعدد المرات التي يمكن أن تحدث فيها حالات السقوط الزوجي بالحركة البطيئة، على مدار سنوات من الاستياء والخيانات، بالإضافة إلى أداء مذهل من الشخصية الرئيسية ساندرا هولر".