عثمان: إلغاء الحجوزات لن يؤثر في أسعار العقارات أو جاذبية القطاع للاستثمار
نور: انخفاض الدولار وحرق الأسعار بين الشركات شجع العملاء على الإلغاء
كشف عدد من الخبراء العقاريين، استطلعت "الشروق" آراؤهم، عن زيادة معدلات إلغاء حجوزات الوحدات السكنية في كل المشروعات المطروحة بنسبة وصلت إلى 40% منذ بداية العام الجاري (2025)، وبرروا ذلك بانسحاب العملاء "السماسرة"، أو المستثمرين قصيري الأجل من السوق، لعدم قدرتهم على تحمل سداد الأقساط، إضافة إلى توقعات بتراجع الأسعار وسط انتشار سياسات "حرق الأسعار" بين المطورين العقاريين.
وأعلن عدد من الشركات العقارية ارتفاع نسبة إلغاء الحجوزات في مشروعاتها، من بينها شركة مدينة مصر، التي كشفت عن زيادة في معدلات إلغاء التعاقدات خلال النصف الأول من عام 2025، لتصل إلى نحو 1.3 مليار جنيه، مقارنة بـ 188.1 مليون جنيه فقط في نفس الفترة من العام الماضي.
وقالت عبير عصام، عضو غرفة التطوير العقاري، إن تخارج السماسرة من السوق العقارية هو ما أدى إلى ارتفاع عمليات إلغاء الحجوزات الوحدات العقارية في الوقت الحالي، مشيرة إلى أنها ليست مرتبطة بشكل رئيسي بتعثّر العملاء الحقيقيين في السوق العقارية عن سداد الأقساط.
وبحسب عصام، انتشرت ظاهرة السمسرة في السوق العقارية خلال العامين الماضيين، حيث كان السماسرة يتعاقدون على شراء الوحدة من خلال سداد مقدمة الحجز، دون أن تكون لديهم القدرة المالية على الالتزام بسداد الأقساط، على أن يقوموا بإعادة بيعها بعد سداد أول قسطين على أمل زيادة أسعار العقارات.
وأضافت أن السماسرة كانوا يتوقعون ارتفاع أسعار الوحدات العقارية؛ لكن في ظل الركود واستقرار أسعار الدولار لم تتحقق توقعاتهم، ما اضطرهم إلى إلغاء حجوزاتهم، خاصة أن كثيرًا منهم غير قادرين على الالتزام بسداد الأقساط، مشيرة إلى أن سيطرة ظاهرة السمسرة على السوق العقارية خلال الفترة الماضية كانت السبب الرئيسي في زيادة معدلات مبيعات العقارات وارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية.
وقال نور عثمان، رئيس القطاع التجاري والشريك المؤسس بشركة "كي بي أيز" للاستشارات والتطوير العقاري، إن نسبة إلغاء الحجوزات زادت خلال الفترة الماضية، بسبب عدم قدرة شريحة من العملاء على سداد الأقساط، وتحديدًا فئة العملاء الذين يشترون الوحدة بغرض السمسرة أو الاستثمار قصير الأجل.
وأضاف أن هؤلاء العملاء لم يمتلكوا القدرة الحقيقية على شراء الوحدة، واعتقدوا في بداية التعاقد أنهم سيدفعون جزءًا من الأقساط، على أن يبيعوا الوحدة خلال أشهر بعد ارتفاع أسعارها، وهو ما لم يتحقق في ظل استقرار السوق العقارية؛ لذلك فضّلوا إلغاء حجوزاتهم، خصوصًا أن إمكانياتهم المالية لا تسمح بتحمل سداد كامل الأقساط حتى نهاية مدة التعاقد.
وأشار إلى أن ارتفاع معدلات إلغاء الحجوزات، والتي وصلت إلى 40% في بعض الأحيان، لن يؤثر سلبًا بالقدر الذي يدفع إلى انهيار السوق العقارية في مصر، وذلك بسبب ضعف تلك النسبة مقارنة بحجم ما حققه القطاع العقاري من مبيعات قياسية خلال العامين الماضيين.
كما استبعد عثمان أن يؤدي إلغاء الحجوزات إلى تراجع أسعار الوحدات العقارية، مشيرًا إلى أن أسعار العقارات في مصر أصبحت مرتبطة بأسعار الدولار ومواد البناء، بالإضافة إلى آليات العرض والطلب.
لكن محمد نور، رئيس قطاع المبيعات في شركة بيتا للتطوير العقاري، يرى أن ارتفاع معدلات إلغاء الحجوزات لا يرتبط بشكل رئيسي بانسحاب العملاء من فئة السماسرة، بقدر ما يرتبط بتوقّعات العملاء لاحتمالات تراجع أسعار الوحدات العقارية خلال الفترة المقبلة.
وتابع نور، أنه بعد التراجعات التي يشهدها سعر الدولار، ورؤية كثير من العملاء الانخفاضات التي تحدث في أسعار سلع أخرى في الأسواق، مثل السيارات، هناك توقّعات منتشرة في السوق العقارية بأن تشهد أسعار العقارات انخفاضات هي الأخرى؛ لذلك يلغي كثير من العملاء حجوزاتهم على أمل إعادة شرائها بسعر أرخص.
وأضاف أن تقديم العديد من الشركات العقارية، خاصة التي تطرح مشروعات جديدة، عروضًا وخصومات سعرية على الوحدات السكنية، بالإضافة إلى سياسة "حرق الأسعار" المنتشرة بين المطورين لتنشيط المبيعات، شجّع أيضًا على زيادة نسبة إلغاء الحجوزات، وذلك بعدما فضّل العملاء إلغاء تعاقداتهم السابقة والدخول في العروض الجديدة لتحقيق وفرة مالية، مشيرًا إلى أن نسبة إلغاء الحجوزات وصلت حاليًا إلى نحو 40%، ومرشحة للزيادة إلى 45% خلال الشهور المقبلة.