النمر يتوقع إعادة ضخها فى القطاع المصرفى مرة أخرى
شفيع: خروج هذه السيولة مؤذٍ للاقتصاد ويعيد العمليات المضاربية على الذهب والدولار
أبو الفتوح: برنامج الطروحات الحكومية سيجذب جزءا منها والبنوك مطالبة بايجاد أوعية ادخارية بعوائد جاذبة
مع اقتراب موعد استحقاق أموال شهادات الـ 18%، فى البنكين الأهلى ومصر، بعد انتهاء مدتها الاستثمارية، تعود سيولة بقيمة تتجاوز 800 مليار جنيه للأسواق بحلول شهر مارس المقبل، فى وقت ما زالت تعانى فيه الأسواق من ارتفاع التضخم، ما جعل آراء الخبراء تتباين حول تأثيرات تداعياتها المحتملة على الاقتصاد بين احتمال تغذية صعود مستويات التضخم، أو ضعف تأثيرها بعدما وصلت الأسواق إلى حالة متدنية بالفعل من السيولة.
وكان البنك المركزى قام فى عهد محافظه السابق طارق عامر بخفض جزئى فى قيمة الجنيه المصرى، مقابل الدولار ليتراجع من 15.74 جنيه إلى 18.29 جنيه، واصفا وقتها الخطوة بأنها حركة تصحيح فى قيمة العملة لحماية الاقتصاد، بعد سحب الأجانب استثماراتهم مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ورفع الفيدرالى أسعار الفائدة، وزيادة مستويات التضخم لارتفاع تكاليف أسعار السلع عالميا؛ ليعقبها طرح شهادات 18% لأجل عام ببنكى الأهلى ومصر.
وجذبت شهادات 18% منذ طرحها بالبنوك فى مارس 2022، وحتى توقيت وقفها فى بداية شهر مايو من العام نفسه، سيولة بنحو 750 مليار جنيه منها 500 مليار جنيه فى البنك الأهلى و250 مليار جنيه فى بنك مصر.
قال إبراهيم النمر، المحلل الاقتصادى ببحوث نعيم لتداول الاوراق المالية، إنه لا يتوقع أن يؤثر استرداد شهادات الـ 18%على رفع حجم السيولة فى الأسواق فى الوقت الذى يكافح البنك المركزى للحد من السيولة لاحتواء التضخم.
وواصلت معدلات التضخم الارتفاع فى يناير الماضى لتقفز إلى 26.5% فى إجمالى الجمهورية وإلى 25.8% بالمدن على أساس سنوى وهى أعلى معدلات التضخم منذ نوفمبر 2017، وفقا لآخر إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، كما صعدت معدلات التضخم الأساسى التى يعدها البنك المركزى إلى 31.2% خلال نفس الشهر على أساس سنوى.
وأرجع النمر، توقعاته بعدم تأثير تلك الأموال على زيادة حجم السيولة عند استردادها إلى أنها جميعها لن تسترد فى وقت واحد، إذ تم ربطها على مدى زمنى بين مارس ومايو، بالإضافة إلى أن معظم تلك الأموال لعملاء من داخل القطاع المصرفى بالفعل والقليل منها من خارجه؛ لذلك سيتجه أصحابها لإعادة استثمارها فى شهادات مرة أخرى أو ودائع استثمارية، خاصة أنهم لا يرون أن هناك بدائل أفضل وأأمن منها، وان كانت مستويات الفائدة الحقيقية سلبية.
ويبلغ العائد على شهادات الاستثمار حاليا بالبنوك بين 16.25% و 17.25%.
وتسبب ارتفاع مستويات السيولة خارج القطاع المصرفى فى عمليات مضاربية على الذهب والدولار، ما أدى إلى ارتفاع أسعارهما، ودفع البنوك لطرح شهادات بفائدة 25% يصرف سنويا و22.5% يصرف شهريا، جمعت حصيلة نحو 430 مليار جنيه موزعة على 290 مليار جنيه للبنك الأهلى و140 مليار جنيه لبنك مصر بانتهاء فترة طرحها فى 31 يناير الماضى بحسب بيان البنكين.
وأضاف النمر، أن الفائدة الحالية فى البنوك سواء على الودائع أو شهادات الاستثمار، والتى تقترب من 18% مناسبة لجذب تلك الأموال، فيما لا يتوقع أن يتم ضخها فى السوق لشراء ذهب أو دولار نظرا لارتفاع أسعارهما، وعدم توافر كميات كبيرة منهما.
بينما يرى مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث بعربية أونلاين، أن خروج هذه السيولة فى التوقيت الحالى مؤذٍ للاقتصاد؛ الذى يعانى حاليا من ارتفاع التضخم، قائلا «خروج تلك الأموال خارج القطاع المصرفى يعزز الطلب على السلع ليرفع معها مستويات التضخم».
وتابع شفيع، أن البنك المركزى يحتاج لإبقاء تلك السيولة داخل القطاع المصرفى، بينما العائد حاليا سلبى على شهادات الاستثمارات، نظرا لارتفاع مستويات التضخم فوق مستويات الفائدة التى يمنحها للمستثمرين؛ لذلك قد تلجأ البنوك لطرح شهادات استثمار مرتفعة العائد مرة أخرى بأعلى من 20% وقد تصل إلى 25% ولكن هذه المرة بمدد أطول «ثلاث سنوات»، وإن كان مستبعدا نظرا للتأثيرات السلبية لتلك الشهادات على ربحيتهم، مشيرا إلى أن استمرار الفائدة عند المستويات الحالية بالتزامن مع استرداد تلك الأموال قد يشجع البعض على الاتجاه إلى استثمارات أخرى مثل الذهب والدولار.
وقال هانى أبو الفتوح، الخبير الاقتصادى، إنه لابد على البنوك إيجاد أوعية ادخارية مرتفعة العائد لجذب تلك السيولة داخل القطاع المصرفى مرة أخرى وعدم خروجها منه، وإلا سيتسبب ذلك فى استمرار رفع مستويات التضخم.
وتوقع أبو الفتوح، ضخ جزء من هذه الأموال فى برنامج طروحات الشركات الحكومية، إذا بدأ تنفيذه بالفعل، خاصة أن استرداد تلك الأموال سيتزامن مع إطلاق الحكومة لبرنامج الطروحات؛ لافتا إلى أن البرنامج لن يستوعب تلك الأموال، لاسيما أنه لن تطرح جميع الشركات فى وقت واحد، كما أن حصص الطرح لم تحدد بعد، إما لمستثمرين أفراد أو مؤسسات مالية.
وأعلن رئيس الوزراء أن الحكومة تستعد لطرح 32 شركة بالبورصة على مدى عام كامل بداية من 2023، عن طريق الطرح العام أو الطرح لمستثمرين استراتيجيين.