رسائل لتعزيز الوعى تساعد القارئ على فهم ذاته الداخلية وتطوير أدواته الشخصية
«جرعات مكثفة من النصائح النفسية الثمينة، فى أسلوب أدبى رشيق»، قدمها الكاتب والمفكر، محمد طه، استشارى الطب النفسى، فى كتابه الصادر عن دار الشروق «علاقات خطرة»؛ حيث نصوص فاضت بخبرات حياتية، يطالع معها القارئ رغبة صادقة من المؤلف نحو تعريفه بكيفية تكوين علاقات طيبة مع الذات والآخرين.
«العلاقات المؤذية هى أكبر سارق للحياة.. ودافن للنفس.. ومُستنزِف للروح»، هكذا يؤكد الدكتور محمد طه فى «علاقات خطرة»؛ حيث لا يتوقف عن منح القارئ التحذيرات اللازمة طوال الوقت، من أجل أن يحيا حياة سوية، وأن يتفاعل بداخلها عبر مجموعة من الدوائر السوية مع باقى البشر.

يندرج الكتاب الصادر أحدث طبعاته للعام 2022 عن دار الشروق، تحت تصنيف «الطب النفسى وعلم النفس والعلاقات الإنسانية»، وهو المزيج الذى يحافظ عليه ببراعة لافتة الدكتور محمد طه، والذى اشتهر بإصداراته العلمية المبسطة فى الطب النفسى والعلاقات الإنسانية وغيرها من الموضوعات التى تساعد على فهم القارئ نفسه وتطوير وعيه وأدواته الشخصية، مما يساهم فى تغيير حياته إلى الأفضل.
ويحافظ المؤلف على استخدام أسلوب سلس ومبسط، يتمكن من خلاله من تمرير أكبر قدر من الرسائل والنصائح النفسية، التى لا تشعر معها أبدا بأى تعقيد أو صعوبة فى نشر حالة الوعى النفسى التى يجيدها الدكتور محمد طه، حيث تتشابه دقة توصيل المعلومات فى الكتاب بطريقة السرد المتتابع المنظم، فى وسيط مقروء، تماما كما كان يقوم بها طه، عبر وسيط آخر مرئى بعدما قدم موسمين ناجحين من البرنامج التليفزيونى (الشيزلونج)، والذى حرص خلاله أيضا على ذات الرسالة التى يحملها الكتاب، حيث تبسيط الكثير من المفاهيم النفسية التى تهم الجمهور المصرى والعربى بقطاعاته المختلفة.
يأتى الكتاب فى «20 عنوانا فرعيا» شديد الدلالة والوضوح والترابط بينهما البعض، حيث: ثقوب نفسية ـ اسمع جسمك، أنا إنتى، أنت تكهرنى إذن أنا موجود، الحزن الأزرق الدافى، الصورة الكاملة، جهاد الجينات، قبول الموت حياة، الصندوق.
وبدا لافتا إلى أن العنوان الذى يحمل أكبر قدر من التنويعات بداخله، هو الذى جاء على اسمه الكتاب «علاقات خطرة»؛ حيث ضم تعريف كافٍ ووافٍ بجميع الرؤى التى ينظر من خلالها أستاذ الطب النفسى إلى تلك العلاقات المؤذية، ومنها: العلاقة مع نرجسى، الشخص الاعتمادى، علاقة التقديس، علاقة العمى، العلاقة مع شخص انطوائى، علاقة تحقيق النبوءة.
سار الكتاب وفقا لمحطات متتابعة يكمل كل منها بعضها البعض، حيث استلزم توصيل كل هذا القدر من الرسائل والنصائح التوعوية النفسية، حالة من الترابط العضوى، الذى يبدأ من خلاله الكتاب فى تعريف القارئ، بما يحتاجه «جسمه أولا» كبوابة عبور لباقى الذوات الداخلية والتفاعل مع الشخصيات الخارجية، قبل أن يمضى بعدها فى تعريف القارئ بالكيفية التى يمكنه من خلالها تشكيل علاقاته مع محيطه بطريقة سليمة.
ولا يلجأ الكاتب إلى أسلوب التخويف أو التنفير المباشر للقارئ من العلاقات الضارة، وإنما يوجه أكبر قدر من الضوء على سلبياتها ومساؤها، فى مقابل إيضاح الفائدة التى كان يمكن أن تعم على الجميع لو اتبعوا مع بعضهم البعض العلاقات بطريقة سوية، مع تقديم أكبر قدر من النصائح لتجنب الأفخاخ والأمراض النفسية وعدم الانزلاق إليها.
يسرد المؤلف أن كل ما هو مكتوب فى الكتاب، يعد اجتهادات وتحليلات ورؤى شخصية، جاءت مبنية على تجارب حياتية خاصة من جهة، وعلى خبرات علمية وتعليمية وعلاجية فى السياق ذاته، وهو الأمر الذى نلمسه طوال صفحات الكتاب البالغة 233 صفحة، فلا وصاية أو إجبار أو ترهيب، وإنما طريقة فى التفاعل بين طبيب نفسى وجمهور من القراء يشتركون فى العديد من التحديات الحياتية.
يقر الدكتور محمد طه، نائب رئيس الجمعية المصرية للعلاج النفسى الجمعى سابقا، وعضو الجمعيتين الأمريكية والعالمية للعلاج النفسى الجمعى، بأن محتوى الكتاب قابل لأن يخضع للنقد والتفنيد وأن ما ورد به قابل للخطأ والصواب، وهى فضيلة فى تقديم المعلومات، تساعد القارئ على إبداء أكبر قدر من المرونة فى التعاطى مع نصوصه.
ويطوف القارئ فى محطات الكتاب التى تتناول العديد من العلاقات متنوعة الأشكال والألوان، والتى بإمكانها أن تغير مسار صاحبها، ومن حوله أيضا، عبر اتفاق مشترك مع الكاتب بأن تلك النصوص لا هدف من ورائها سوى نشر التوعية النفسية، اعتمادا على وعاء لغوى شديد البساطة والتعمق فى الوقت ذاته، اجتهد مؤلفها لكى يحاول توصيلها بطريقة رشيقة تسهل على الاستيعاب والتنفيذ.
«سنسير معًا.. بين الألغام النفسية.. والشِّراك العاطفية.. وفى أيدينا.. باقات نضرة.. من الورود» هكذا يقدم الكتاب الصادر عن دار الشروق لصاحبه تعهدا مسبقا بإمكانية أن تشكل صفحات الكتاب «روشتة نفسية» صالحة للتعامل مع أكثر المواقف الحياتية تعقيدا، مع تصحيح العديد من المفاهيم الخاطئة، التى يؤدى حالة العمى بشأنها لأكبر قدر من الضرر النفسى للبشر.
جاء الأسلوب الخاص بالكتاب مميزا وصالحا لأن يتم هضمه واستيعابه سريعا من القارئ، حيث مزيج ما بين الفصحى والعامية التى لا تفقد رونقها، ولكن مع مزيج يتضافر من أجل أن يخرج القارئ بأكبر استفادة ممكنه، وقد ساعدت خبرات الكاتب السابقة على ذلك، حيث صدرت له العديد من الأبحاث العلمية والكتب والفصول المنشورة محليا ودوليا.
كما استطاع مؤلف الكتاب أن يتخذ مسارا تراكميات علميا وعمليا، عبر 4 كتب باللغة العربية، قدم خلالها خبرات ناجحة مماثلة، فى كتب: الخروج عن النص، علاقات خطرة، ولأ بطعم الفلامنكو، وذكر شرقى منقرض، الأمر الذى عزز من انتقاء المؤلف للألفاظ والتركيبات والمفردات اللغوية التى تتسق تماما مع تخصصه العلمى وخبراته العملية.
«كل علاقة فى حياتك، ممكن تكون علاقة شافية، وممكن تكون علاقة خطرة، الكتاب د، عن نواقيس الخطر، ونواميس الشفاء، هنتكلم عن علاقتك بنفسك.. وبجسمك.. وعن الثلاثة أشخاص اللى عايشين جوَّاك، هتكتشف هوَّ أنت فى علاقة معينة بتكون نفسك، ولَّا بتكون حد تانى، واللى قُدامك بيتعامل معاك زى ما أنت، ولَّا بيلبِّسك صورة حد غيرك».
بتلك الطريقة السلسة والسهلة فى اللغة، يقدم المؤلف لقارئه فحوى ومحتوى الكتاب الشيق، والذى لا يجد معه المتلقى أية صعوبات، فى التعرف على النتائج التى تحدثها الاضطرابات والخلل فى العلاقات مع الآخرين، خاصة المقربين منا، مع استعراض علمى رصين للعديد من أنواع وأشكال العلاقات، الذى يوصى الكاتب قراءه بأن «ينتبهوا إليها على الدوام قبل فوات الأوان».
بالوصول إلى العديد من المحطات التى يذخر بها الكتاب، من أوله حتى آخره، لا يقتصر المؤلف فى الكتاب الذى صدرت منه طبعة دار الشروق الأولى فى العام 2022، على أن يكشف بواطن الخلل وأن يترك القارئ فى حيرة من أمرة فى كيفية التعامل السليم مع مشكلاته، وإنما على العكس، يؤكد الدكتور محمد طه لقرائه بأنه: سيفتح أبواب التغيير، ويطُل من نوافذ الشفاء.. وأن يغزل مع قارئه خيوط الالتئام والشفاء.
يذكر أن المؤلف الدكتور محمد طه، هو كاتب ومفكر وأستاذ واستشارى الطب النفسى من مواليد مغاغة فى محافظة المنيا، بدأت رحلته مع الكتابة فى مرحلة الثانوية العامة، وقد دأب من بعدها على تقديم الكتب الأكثر مبيعا، التى رفض من خلالها أن يتنازل عن لغته المبسطة والمفردات الرشيقة التى تعاونه على إيصال رسالته العلمية.