محلل اقتصادي: الاقتصاد التركي ضحية الأوهام المسيطرة على الرئيس أردوغان - بوابة الشروق
الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 10:26 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

محلل اقتصادي: الاقتصاد التركي ضحية الأوهام المسيطرة على الرئيس أردوغان

أردوغان
أردوغان
(د ب أ)
نشر في: الجمعة 17 ديسمبر 2021 - 1:24 م | آخر تحديث: الجمعة 17 ديسمبر 2021 - 1:24 م
لم يكن انهيار الليرة التركية خلال العام الحالي سوى جزء من كارثة متوقعة. فالعملة التي كانت في وقت من الأوقاع نجما صاعدا بين عملات الاقتصادات الصاعدة، تتراجع الآن نتيجة إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خفض أسعار الفائدة رغم معدل التضخم المرتفع.

ويرى المحلل الأمريكي الهندي الأصل بوبي جوش المحرر الرئيسي لمجلة تايم الأمريكية أن تمسك أردوغان الغريب بخفض سعر الفائدة رغم أن ذلك يعني المزيد من ارتفاع معدل التضخم، دفع بالعملة التركية إلى أقل مستوى لها أمام الدولار منذ 20 عاما، كما أضر بالاقتصاد التركي الذي يعتمد على الاستيراد. ومع ارتفاع الأسعار، أصبح أغلب الأتراك يعانون من أجل توفير احتياجاتهم من الغذاء والسلع الأساسية الأخرى.

في الوقت نفسه فإن أزمة العملة التركية تبدد ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد التركي. ويحذر المحللون من مزيد من الصدمات الاقتصادية التي تنتظر تركيا خلال الفترة المقبلة، كما خفضت مؤسستا التصنيف الائتماني  إس أند بي ريتنجس وفيتش تصنيفهما للديون السيادية التركية، إلى عالي المخاطر.

ورغم ذلك، يرى جوش في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء أنه لا المستثمرين الأتراك ولا  الأجانب يتوقعون أي تغيير في موقف أردوغان. وإذا كان قرار البنك المركزي التركي أمس الخميس بخفض سعر الفائدة مجددا، يدل على شيء فإنه يدل على أن الرئيس أردوغان يضاعف الخفض. فالرئيس التركي يرى أن الفائدة المرتفعة، هي التي تؤدي إلى ارتفاع التضخم، على خلاف ما هو مستقر في عالم الاقتصاد. ويرى أردوغان أن الفائدة المرتفعة هي "أم كل الشرور".

في الوقت نفسه  دفعت سياسات أردوغان بمعدل التضخم إلى أكثر من 20%. ومع تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده، وتكتل المعارضة ضده، يبدو أن فرصة أردوغان في البقاء في السلطة تتوقف على  حدوث تعاف إقتصادي قبل الانتخابات العامة المقررة في 2023. وهو يؤمن بقوة بأن الفائدة المنخفضة شرط لتحقيق هذا التعافي. ولذلك فقد أطاح الرئيس التركي  خلال الشهور التسعة الأخيرة بكل من وزير المالية ومحافظ البنك المركزي اللذين تجرءا على معارضته بالنسبة لخفض الفائدة.   

ولكن ارتفاع الأسعار في تركيا قلص قيمة الدخول والمدخرات مما أثار احتجاجات شعبية في كل من أنقرة وأسطنبول. والأتراك  الذين يواجهون عبء ارتفاع أسعار الغذاء، لا تستهويهم  مقترحات قادة حزب العدالة والتنمية بتقليل كميات الطعام التي يتناولونها. كما أنه لا تستهويهم وعود الحزب بأن تصبح تركيا ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم بحلول 2023 في حين أنها حاليا تحتل المركز العشرين بين هذه الاقتصادات.

وإذا استمر تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا، سيكون لذلك تداعيات جيوسياسية من الصعب التنبؤ بها. ومثل السياسيين الشعبويين  في أي مكان، يميل أردوغان إلى القيام بمغامرات خارج بلاده لتشتيت انتباه الأتراك بالنسبة لمشكلاتهم الداخلية.

ورغم ذلك فالوقت لم يتأخر كثيرا لوقف تدهور الليرة. ولكي يحدث هذا يحتاج أردوغان في البداية إلى الاعتراف بأن سياساته تسبب أضرارا أكثر مما تسببه من فوائد، وأن البنك المركزي يحتاج إلى زيادة أسعار الفائدة. وبحسب تقديرات خدمة بلومبرج إيكونوميكس للاستشارات الاقتصادية، فإن زيادة الفائدة بما بين 550 و800 نقطة أساس ستساعد في استقرار العملة التركية، رغم أن علاجا أقوى قد يصبح مطلوبا إذا استمر التضخم في الارتفاع.  ولكن بعد 18 عاما في الحكم، لا يبدي أردوغان أي إشارة إلى استعداده للتخلي عن ميله الخيالي لمعارضة كل الأعراف الاقتصادية المستقرة.

وفي حين حقق الاقتصاد التركي نموا قويا  بمعدل 7ر21% من إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الثاني من العام الحالي، تباطأ معدل النمو إلى 4ر7% خلال الربع الثالث. لكن جموح الأسعار، سيقلص الإنفاق الاستهلاكي وبالتالي يحد من نمو الاقتصاد. لذلك يحذر الكثير من المحللين من ركود اقتصادي خلال العام المقبل على غرار 2018، وبخاصة  إذا استمر البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة تحت ضغط الرئيس التركي.

وهنا يثور السؤال، هل تنهي أزمة اقتصادية ممتدة عهد أردوغان؟ فرغم نجاحه في الفوز بفترة حكم جديدة رغم ركود عام 2018، فإن حزبه عانى من خسائر كبيرة في الأصوات. وسمح أردوغان في ذلك الوقت للبنك المركزي بزيادة الفائدة لوقف تدهور الليرة قبل الانتخابات  بشهور. لكن من الصعب استخدام هذه الحيلة مرة ثانية، أولا لآن الأزمة الاقتصادية الحالية أعمق من أزمة 2018، لآنها تأتي في أعقاب التداعيات الاقتصادية  لجائحة فيروس كورونا المستجد. في الوقت نفسه، تطالب أحزاب المعارضة التي تستشعر الضعف السياسي لأردوغان وحزبه، بإجراء انتخابات مبكرة.

ويقول كان سلجوقي رئيس مركز تركي رابورو لاستطلاعات الرأي العام في إسطنبول إن "الفوضى الأخيرة ستدفع الأصوات المتأرجحة المستاءة من تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى صفوف المعارضة... وقد زادت احتمالات تراجع تأييد الحزب الحاكم إلى أقل من 30%".

معنى هذا أن أردوغان لن يدعو إلى انتخابات مبكرة. والاحتمال الأقوى، هو أن يصمد أردوغان في وجه هذه الدعوات على أمل أن تؤدي نظرياته الاقتصادية إلى التعافي الذي يحتاجه. لكن في حين ينتظر الرئيس التركي انتصاره على القواعد الاقتصادية المستقرة، لا ينبغي أن يحبس المستثمرون الأتراك والأجانب أنفاسهم انتظارا للنتيجة.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك