تخرج السيدات الريفيات كل صباح، إلى حقول الورد، الغنية بألوانها والجميلة بعطرها، ليقطفن الزهور في وقت الحصاد، إذ أن الورد مصدر عيش الكثيرين في قرية عزبة الأهالي بالقناطر الخيرية، التى تمثل منشأ ومعقل زراعة الورد في مصر، ومقصدا يجذب تجار الورد من شتى الدول العربية لما اتسم به إنتاج القرية من جودة ومعايير عالية.
شاهد بالفيديو
مزارع الورد بعزبة الأهالي في القناطر الخيرية.. ملاذ للباحثين عن عمل وعيش حياة أفضل
ويقول الحاج مصطفى جمال، مالك إحدى مزارع الورد بعزبة الأهالي، في حواره مع "الشروق"، إن زراعة الورد دخلت عزبة الأهالي خلال الثمانينيات على يد والده الحاج جمال عبدالله، لينتشر ذلك النوع من الزراعة، من الأسرة لسائر أهالي القرية، وبالتالي للقرى المجاورة ضمن نطاق مدينة القناطر الخيرية.
وعن إنتاج القرية للورد، يقول الحاج مصطفى، إن القرية وما حولها من قرى القناطر تخصصت بورد القطف الذي يباع لمحلات الورد وأشجار الزينة المستخدمة لتزيين الحدائق.
وعن حجم الإنتاج، يضيف أن عزبة الأهالي تقوم بإنتاج ثلث الورد في مصر، بينما تنتج بقية القرى المساهمة في المجال مجتمعة بإنتاج 45%، وتستورد مصر من دول الخارج، خاصة هولندا، 25% من إجمالي الورد المتداول في السوق المصرية.
وعن دور زراعة الورد في حياة القرويين من الطبقة العاملة، يقول أحمد علي، أحد أقدم مزارعي الورد، الذي يعمل في المجال منذ 3 عقود، إن زراعة الورد تتطلب 5 أضعاف عدد الأيدي العاملة المطلوبة لسائر أنواع الزراعات.
وتقول أم مصطفى، إحدى عاملات الحصاد للورد، إن مجال الورد ساعد الكثير من السيدات على تزويج أنفسهن والمساهمة في الإنفاق على أسرهن.
وعن مواسم الرواج للورد، يقول مصطفى إن الورد يشهد إقبالا في عيد الحب وعيد الأم واحتفالات رأس السنة وعطلات الصيف لانتشار حفلات الزفاف فيها، وعن أنواع الورد الرائج زراعتها في العزبة، يضيف أن الورد البلدي الذي يتميز بلونه الأحمر هو المحبب في موسم عيد الحب، بينما يكون الإقبال على كل أنواع الورد طوال العام، منها الجريزانتم والزنبق والليليام والسبيداجو والجبسفيل.
ويتابع أن الجريزانتم هو الأكثر تداولا من حيث الزراعة، إذ تكاد تقارب نسبة زراعته في عزبة الأهالي 70% من إجمالي الأنواع المزروعة، إذ تقبل عليه محلات الورد لكثرة أوراق أزهاره.
جدير بالذكر أن زراعة الورد تحتاج إلى مرحلتي التحضين ومدتها أسبوعين، والتزهير في الحقل وتحتاج إلى 4 أشهر تتضمن عمليتي الإضاءة بتعريض الزهور لكميات عالية من الضوء، وتستغرق شهرا، وعملية التعتيم التى يتم خلالها حجب الضوء عن الزهور لفترات طويلة وتستغرق شهرين.
وعن حب مجال الزهور، يقول أحمد علي، إن الزهور كائنات حساسة تتأثر بأقل قدر من التغيير، وتميزها رائحتها العطرية الجذابة، بينما تقول أم مصطفى إنها تحب الورد البلدي بلونه الأحمر الجميل رغم كثرة الأشواك التى تؤذي أصابعها أثناء قطف الورد. أما عن الأغاني التى يتذكرها المزارعون عن الورد، أشار إلى أنه يتذكر أغنية "يا بدع الورد" لأسمهان، بينما توضح أم مصطفى أنها تتذكر أغنية الورد جميل.
وعن قدر المشقة في العمل، تقول أم مصطفى إن الجو يكون شديد الحرارة على المزارعين، ويضيف علي أن الشتاء هو الوقت الذهبي للمزارعين، حيث تكون صوب الورد الدافئة أجمل ملاذا من برد الشتاء
وعن جودة المنتج المصري، يقول الحاج مصطفى، إن ورد الجريزانتم الذي تنتجه مصر يتفوق من حيث المواصفات على نظيره الهولندي، بينما يتم تداوله بسعر أرخص، ما يجعله سلعة مفضلة لدى تجار الخليج والدول العربية، مضيفا أن مصر تنتج جميع أنواع الورد بجودة عالية خلال الشتاء المناسب لنمو الورد، ويكون تحصيل مثل تلك الجودة صعبا في الصيف لارتفاع أسعار الكهرباء المطلوبة لتكييف صوب الورد.
واقترح الحاج مصطفى، إنشاء بورصة للورد على غرار بورصة الزهور في هولندا، التى لها أن تنظم عمل المزارعين، وتكفيهم مصاعب التسويق والنقل، وتيسر لهم جلب الأدوية والأسمدة المناسبة بجودات عالية لضمان مستوى المنتج المصري.
وعن محنة الجائحة وتبعاتها على أرباب زراعة الورد، يقول الحاج مصطفى إن الجميع كان متأهبا لموسم عيد الأم، إذ تتزين محلات الورد بمزاهرها، لكن الإغلاق وقع وضرب أركان إنتاج الورد، حيث عمل على استنزاف ملاك المزارع الذين أنفقوا مدخراتهم خلال الإغلاق على الأيدي العاملة وشراء الأسمدة دون القدرة على تصريف مخزون الورد لديهم.