هل مررت من قبل بميدان التحرير؟ ألم يلفت انتباهك وجود كردون حديدي وأدوات حفر أمام المتحف المصري؟ هل دفعك فضولك للسؤال عما يدور بالداخل؟ أليس غريبًا أن تندلع ثورة 25 يناير وما تبعها من أحداث ولا ينتبه أحد لما يدور بداخل هذا الكردون؟ إذن ماذا يحدث بالداخل؟
15 عامًا من التأجيل
قليلون فقط يعرفون أن الكردون الحديدي المقام منذ ما يقرب من 15 عامًا بميدان التحرير ما هو إلا أعمال حفر لإنشاء مشروع جراج التحرير، الذي صدر القرار بإنشائه أواخر تسعينيات القرن الماضي، وتحديدًا في عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد، رئيس الوزراء الأسبق، خلال حكم مبارك، عقب افتتاح جراج عمر مكرم كأول جراج متعدد الطوابق في يوليو من العام 2003.
منذ ذلك الحين وحتى الآن، لا تزال المساحة الشاسعة من الميدان والمقدرة بـ10 آلاف متر مربع، مخصصة لإنشاء الجراج الذي تتولى تمويله شركة التحرير للجراجات الاستثمارية في البداية، إلا أن التنفيذ الفعلي للمشروع لم يبدأ إلا في عام 2009 أي بعد القرار بـ7 سنوات كاملة من تخصيص الأرض لبناء المشروع.
ومع اندلاع ثورة 25 يناير 2011 توقف المشروع مجددًا لتتولى تنفيذه شركة المقاولون العرب والتي حددت ديسمبر 2012 لتسليمه وهو ما لم ينفذ حتى الآن.
5 سنوات فعليًّا هي عمر العمل في هذا المشروع، مضافًا إليها 10 سنوات من التعثر المالي والتخطيطي للمشروع، بحسب اللواء محمد أيمن، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، الذي قال في تصريحات لبوابة الشروق: إن المشروع مر بمراحل من نقص الاعتمادات المالية من جانب الشركة الممولة للمشروع، فضلا عن تغيير الخطة المقررة للمشروع بإنشاء سينما ومجمع تجاري بالجراج، بسبب صعوبة التأمين من قبل رجال الحماية المدنية.
وأضاف أن ظهور المياه الجوفية خلال أعمال الحفر لقرب الموقع من نهر النيل كان عاملا حاسمًا في تأجيل المشروع كذلك، بالإضافة إلى اقترابها أيضًا من أنفاق المترو، وأخيرًا ثورة يناير.
انفصال عن الواقع
وما بين هذا وذاك، خرج عدد من المسؤولين باختلاف عهودهم بتصريحات حول افتتاح المشروع، أولها كان في يونيو 2012 من قبل محافظ القاهرة آنذاك، عبد العظيم وزير، وتحدث عن افتتاح الجراج في أكتوبر من العام نفسه، وهو ما لم يحدث.
وفي عام 2013 عادت الوعود مرة أخرى مع تولي المهندس إبراهيم محلب لحقيبة الإسكان، ليعد بافتتاحه خلال عام 2014، أولها كان في مارس 2014 ثم مايو الماضي وحتى 30 يونيو الماضي، والنهاية الآن بوعد بافتتاحه خلال الاحتفال بأعياد أكتوبر القادمة.
العمل مستمر
على قدم وساق يواصل عمال الشركة القائمة على المشروع، لتصبح فترات العمل الثلاث هي 8 ساعات بإجمالي ساعات عمل بلغ 24 ساعة، خلال اليوم لإنجاز المشروع وتعويض سنوات التأجيل، طبقًا للمهندس عادل رزق، المشرف على المشروع بميدان التحرير.
يتكون الجراج من أربعة طوابق جميعها تحت الأرض يعمل مئات العمال على إنجازها تحت ظروف من ارتفاع الحرارة ونقص التهوية، ووسط الأتربة يظهر هؤلاء العمال بابتسامتهم رغم ظروف العمل المرهقة، لتسليمه أول أكتوبر المقبل.
وينقسم الجراج إلى قسمين «الأول» مكون من دورين تحت الأرض مخصصين للأتوبيسات السياحية بقدرة استيعابية 24 أتوبيسًا، وجراج آخر يسع حوالي 150 سيارة، أما القسم الثاني فيتسع لـ1700 سيارة، كفيل بأن يقضي على أزمة انتظار السيارات بوسط المدينة، التي تعد واحدة من أهم أسباب الازدحام المروري المتفاقم بالعاصمة.