الإسلام.. دين الوفاء بالوعد وقطع العهد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:07 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام.. دين الوفاء بالوعد وقطع العهد

محمد بلال:
نشر في: الجمعة 22 مايو 2020 - 8:04 م | آخر تحديث: الجمعة 22 مايو 2020 - 8:04 م

يخبرنا الشيخ محمود شلتوت فى كتابه «الإسلام عقيدة وشريعة» الصادر عن دار الشروق، أن قبل الدعوة الإسلامية كانت الغرائز الحيوانية، والطباع الوحشية، هى المسيطرة على جميع التصرفات، الفردية والجماعية، وكانت الظاهرة العامة التى تتحكم فى العلاقات بين الدول والعشائر هى الطغيان، وعلاقات القوى، والعصبية القبلية، حيث يفتك القوى بالضعيف، ويستنزف الغالب دم المغلوب، وفى أثناء هذا الجو القاتم الذى اختفت فيه القيم الإنسانية، بزغت شمس الإسلام وظهر نورها على البشرية، وأرشد الإنسان إلى طريق الخير والهدى، ورفع الله مرتبة الإنسان وارتقى به، ليكون هو المسئول عن إصلاح الحياة وتقدمها، وقضى الإسلام على مظاهر التفرقة التى اخترعها الإنسان، فجمع الناس ووحدهم فى الإنسانية لعبادة رب واحد، بعد أن قسم البشر أنفسهم طبقات مثل السادة والعبيد، والأغنياء والفقراء، وأيضا ألوان العنصرية، وجاء القرآن الكريم ليزيل هذه الفوارق فى سورة الحجرات(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وأيضا فى سورة النساء(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ).
ويكمل الشيخ «محمود شلتوت» حديثه أن الإسلام يساوى بين بنى الإنسان فى الحقوق والواجبات، وجعل العدل هو الشعار الصادق الذى يتحكم فى العلاقات بين البشر، بحيث يستوى القوى مع الضعيف، والغنى مع الفقير، والمسلم وغير المسلم، ولا يؤثر فى العدل الفروق الفردية بين الناس ولذلك دعا الإسلام للوحدة بين البشر، وأتى القرآن الكريم بهذا المعنى فى العديد من المواضع منها ما كان فى سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ).
ولذلك كان السلم هو الحالة الأصلية التى تساعد على التعاون والتعارف وإشاعة الخير بين الناس عامة، ولهذا لا يطلب من غير المؤمنين سوى أن يكفوا شرهم عن الإسلام وأهله، وعدم إثارة الفتن والمشكلات، وقد شدد الإسلام على عدم استخدام الإكراه طريقا للدعوة إلى سبيل الله، ونشر تعاليمه، وإذا احتفظ غير المسلمين بحالة السلم، فهم والمسلمون فى نظر الإسلام إخوة فى الإنسانية، يتعاونون فى الخير العام، ولكل فرد دينه يدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة دون إضرار بأحد.
والإسلام لا يخرج عن الوضع الطبيعى للسلم ويلجأ للحرب إلا إذا امتدت له يد العدوان، وحدثت فتنة بين الناس، وتعرض المسلمون للإذاء والتنكيل، ولم يؤذن بالحرب إلا لمن تعرض للعدوان، ويحرم حرب الاعتداء والتضييق على عباد الله وقد جاء ذلك فى سورة الحج (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ)، وأيضا ما جاء بسورة البقرة (وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190))، ولا يبيح الإسلام فى الحرب أن تكون حرب تخريب وتنكيل، وأيضا حرم قتل النساء والأطفال والشيوخ والعجزة والمدنيين وأولاد المشركين، وأيضا لا يبيح الإسلام الدخول فى الحرب إلا بعد إعلان العدو، ولا يبيح أيضا إساءة معاملة الأسرى، أو قتلهم، ويرى الإسلام إيقاف الحرب، ليس بعد استسلام أو هزيمة المحاربين ولكن بعد أن يتوقف شرهم، أو يتعاهدوا بوقف الشر، وعقد معاهدات لحفظ حقوق الناس من الطغيان والفتن.
لذلك فالإسلام جعل للمسلمين الحق فى عمل ما يشاءون من معاهدات، بينهم وبين غيرهم من أجل الإبقاء على السلم، أو الرجوع إليه بوقف الحرب وقفا مؤقتا أو دائما، وأيضا لهم الحق فى إنشائها بقصد التحالف الحربى، والتعاون على دفع عدو مشترك، بقصد حصول الطرفين على ما يحقق مصلحتهم مهما كان نوعها، ولقد عاهد النبى ﷺ أهل الكتاب أول عهده بالمدينة، ومعاهدة الحديبية والتى بقصد وقف الحرب مدة معينة، وجاءت معاهدة أهل نجران كمعاهدة بقصد الصلح الدائم.
هذا هو حكم الإسلام فى المعاهدات التى تضمن السلام وتحفظ الحقوق من جهة إنشائها والوفاء بها، وقد وضع هذا الحكم القرآن وسار على نهجه الرسول ﷺ وأصحابه منذ أربعة عشر قرنا، فى وقت كانت دول الحضارة الغربية تعيش وفق عادات وحشية جافة، ثم جاءت فى الحضارة الحاضرة فخدعت الناس بما سمته «القانون الدولى العام»، وما زالت المجازر البشرية تجرى على أيدى الغرب لتشى بخداعهم وفشلهم، وكذبهم فى ادعائهم حماية حقوق الإنسان.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك