حوار| المايسترو نادر عبّاسى: ألحان عبدالوهاب جسر بين المستمع المصرى والموسيقى العالمية - بوابة الشروق
الأحد 23 نوفمبر 2025 12:47 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

يقود اليوم الأوركسترا الملكي الفيلهارمونى احتفاءً بموسيقار الأجيال فى لندن..

حوار| المايسترو نادر عبّاسى: ألحان عبدالوهاب جسر بين المستمع المصرى والموسيقى العالمية

حوار ـ أمجد مصطفى
نشر في: السبت 22 نوفمبر 2025 - 6:34 م | آخر تحديث: السبت 22 نوفمبر 2025 - 6:39 م

• ليس كل تراث يصلح للتوزيع السيمفونى
• «أرتدى السموكن .. لكنى لم أخلع الجلابية البلدى»
• أسرة الموسيقار الراحل وراء اختيار فاطمة سعيد.. وحفيده يسعى لتحقيق حلم جده

 

يظل المايسترو نادر عبّاسى الرقم الأهم بين صناع الموسيقى العربية، ليس فقط لحضوره الكاريزمى فوق خشبة المسرح، ولكن لكونه يجمع بين مهارات نادرة: قائد أوركسترا، مؤلف موسيقى، مغنّى أوبرالى، وعازف فاجوت، إلى جانب خلفية أكاديمية تمتد ما بين القاهرة وجنيف؛ هذا التنوع صنع منه حالة فريدة يستدعيها الجميع عند «المعادلات الموسيقية الصعبة»، خاصة حين يتعلق الأمر بالأعمال العربية المعاد تقديمها بشكل أوركسترالى.

اليوم؛ يخوض نادر عبّاسى تحديًا جديدًا على أحد أهم المسارح البريطانية، المسرح الملكى «دروُرى لين» فى لندن، والذى يقود فيه الأوركسترا الملكى الفيلهارمونى فى حفل ضخم؛ يقدم موسيقى محمد عبد الوهاب بصوت النجمة العالمية المصرية فاطمة سعيد. حفلٌ تحوّل إلى حديث الوسط الفنى العربى قبل أسابيع من إقامته.

عباسى الذى شارك فى قيادة عروض أوركسترالية كبرى فى عواصم أوروبية ذات تقاليد موسيقية صارمة مثل جنيف، فيينا، برلين. هذا الحضور لم يكن شكليًا، بل كان يصاحب عروضًا رفيعة المستوى لاقت إشادة من نقاد متخصصين فى موسيقى الأوبرا والسيمفونيات كل هذا يؤكد أنه دائما حاضر فى المناسبات الكبرى.. إلى الحوار:

● ما الذى يعنيه لك هذا الحفل، وكيف ترى مشروع عبد الوهاب سيمفونيك؟

- مشروع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ليس وليد اللحظة، بل بدأ منذ سنوات طويلة؛ تواصلت معى أسرته وطرحوا فكرة إعادة تقديم مؤلفاته الموسيقية البحتة فى شكل أوركسترالى.

ورغم أن الجمهور يعرفه ملحنًا للأغنية العربية، إلا أن كثيرين لا يعرفون أن عبد الوهاب كتب مقطوعات موسيقية لها ثراء كبير، وتستوعب التوزيع السيمفونى بشكل طبيعى.

كان حلمه أن يرى موسيقاه تُقدَّم فى قاعات كبرى حول العالم بصيغة أقرب للسيمفونيات، لذلك اخترنا اسم Abdel Wahab Symphonic الذى يعبر عن هذا الامتداد.

الفكرة ليست «تحديثًا» لموسيقاه بقدر ما هى إظهار لما هو موجود فعلًا داخل نسيج مؤلفاته.

● هل كان عبد الوهاب متأثرًا فعلًا بالمدارس العالمية؟

- طبعًا… عبد الوهاب كان من أكثر الموسيقيين العرب اطلاعًا على الكلاسيكيات الغربية.

كان يستمع لبيتهوفن وباخ وتشايكوفسكى، وهذا يظهر بوضوح فى بنية ألحانه وانتقالاته، وحتى طريقته فى بناء الجملة الموسيقية.

هو نفسه قال إنه تأثر بالسيمفونية الخامسة لبيتهوفن، وهو ما جعل حسّه الموسيقى أقرب إلى الفكر السيمفونى.

وعندما يتأثر بلحن يونانى فى «يا مسافر وحدك» مثلا، فهو لا يقتبس، بل «يعيد صياغة» الروح اللحنية بما يخدم المزاج العربى.

عبد الوهاب كان واسطة عبور بين الموسيقى العالمية والمستمع المصرى، قدّم الكلاسيك فى قالب طربى بسيط ومفهوم.

● هل يُعتبر حفل لندن امتدادًا لحفلاتك السابقة لعبد الوهاب؟

- نعم… هو امتداد طبيعى للمشروع الذى بدأناه فى جامعة القاهرة، حضره 3 آلاف طالب، ثم فى موسم الرياض بالسعودية.

كل حفل كان خطوة، لكنه فى لندن يأخذ شكلًا عالميًا أوسع، سواء من حيث المكان أو مستوى الأوركسترا أو الجمهور المتوقع.

التجربة تتطور، والجمهور العربى بات يبحث عن تقديم تراثه بشكل يليق به عالميًا.


● اختيار فاطمة سعيد لغناء عبد الوهاب… لماذا؟

- جاء ترشيح فاطمة من أسرة عبد الوهاب نفسها. صحيح أنها مغنية أوبرا، لكن صوتها يتمتع بنقاء كبير وقدرة على التحوّل بين المدارس الغربية والعربية.

وفاطمة من الفنانات القلائل القادرات على تقديم أعمال غنائية لعبد الوهاب دون أن تفقد روح العمل العربية أو جمالياته التعبيرية، وفى الوقت نفسه تمنحه لمسة عالمية.

● وكيف جاءت فكرة إقامة الحفل فى لندن؟

- عمر خليل، حفيد عبد الوهاب، يعيش فى أوروبا ويمتلك شركة لتنظيم الحفلات. منذ سنوات وهو يحلم بأن تُقدَّم موسيقى جده فى قلب مدينة كبيرة مثل لندن، أمام جمهور مختلط من العرب والأوروبيين.

هو من تولّى حجز القاعة، واختيار الأوركسترا، والتعاقد مع الرعاة.

الأسرة كانت تنتظر هذه اللحظة منذ زمن، لأن لندن مدينة تُعطى قيمة إضافية لأى مشروع موسيقى كبير.

● ما أهم ما سيقدمه الحفل؟

- سيتم تقديم أعمال مثل الجندول ودعاء الشرق، وهما من المقطوعات التى تكشف قدرة عبد الوهاب على المزج بين الشرقى والغربى.

اختيار البرنامج جاء بدقة لضمان أنه يناسب صوت فاطمة من جهة، ويُظهر جماليات الأوركسترا من جهة أخرى.

● كم احتاجت البروفات مع الأوركسترا؟

- ثلاث بروفات كاملة، وهو رقم مقبول نسبيًا لحفل من هذا النوع.

النوت أُرسلت للعازفين قبل فترة، لكن الجزء الشرقى الذى يحتوى على ربع تون تطلّب وجود موسيقيين عرب مقيمين فى لندن.

دورى كقائد كان ترجمة الروح الشرقية للغربيين؛ لأن العازف الأوروبى يؤدى النوتة بدقة، لكنه يحتاج إلى فهم «الروح» وليس فقط العلامات على الورق.

● ما الذى يجعل موسيقى عبد الوهاب مناسبة للتنفيذ الأوركسترالى؟

- لأنه كان عاشقًا للموسيقى العالمية، وكان يريد للموسيقى المصرية أن تصل لأبعد مدى. عبد الوهاب بنى جسورًا بين الطرب العربى التقليدى والتفكير الأوركسترالى الأوروبى. تحويلاته اللحنية، والهارمونى، وجمالياته الصوتية كلها مؤهلات طبيعية لتقديم موسيقاه بشكل سيمفونى.

● هل ساهم وجود الأجانب فى مصر قديمًا فى انتشار المزج بين الموسيقى الشرقية والغربية؟

- بلا شك.. وجودهم خلق حالة من التبادل الثقافى. الأجانب كانوا جزءًا من الحياة اليومية فى القاهرة والإسكندرية، وهذا انعكس على الموسيقى؛ فانتشرت الأوبرا والموسيقى الكلاسيك والجاز، ووجد الفنانون المصريون أنفسهم أمام ثقافات موسيقية مختلفة ساعدتهم على التطور.

● كيف ترى اتجاه إعادة توزيع الأعمال القديمة؟

- هو اتجاه عالمى وليس عربيًا فقط. هناك أعمال تمتلك ثراءً موسيقيًا يجعلها قابلة لإعادة التقديم السيمفونى، وأعمال أخرى تفقد جمالها إذا خرجت من قالبها العربى.

الإعلام مؤخرًا بدأ يسلط الضوء على هذه المشاريع، لكن الحقيقة أنها موجودة منذ سنوات. وعبد الوهاب تحديدًا أكثر من يمكن تقديم أعماله بهذا الشكل، لأنه كتب موسيقى بعقل مؤلف عالمى.

● ما رأيك فى تقديم حفلات فى أماكن أثرية مثل القصور ومنطقة الأهرمات؟

- هذا الاتجاه مطلوب لأنه يُعيد الموسيقى إلى جمهور جديد، وأتصور أن حفلى فى قطر «الموعد الثانى» عام 2012 كان بمثابة انطلاق تلك الموضة، ومحطة مهمة لهذه النوعية من الحفلات، حيث شارك 11 نجمًا عربيًا من الصف الأول، وكانت الأعمال من كلمات الأمير بدر بن عبد المحسن، وتولى توزيعها كبار الموزعين العرب، ومنهم عمر خيرت، ويحيى الموجى، وأشرف محروس وهشام نزيه. وشارك بالغناء نجوم كبار منهم كاظم الساهر، وأنغام وأمال ماهر، وماجد المهندس، وصابر الرباعى، وهذه التجربة صنعت قبولا أوسع لفكرة الأوركسترا العربى.

● من يمكن تقديم أعماله بالأوركسترا مستقبلًا؟

- هناك أعمال لليلى مراد، وأسمهان، وعبد الحليم، لكنها تحتاج اختيارًا دقيقًا؛ ليس كل تراث يصلح للتوزيع السيمفونى، والفكرة ليست فى اتجاه القائد للعربى فقط، لكن فى قدرة القائد على إبراز جماليات اللحن العربى كما فعل أندريا رايدر وعلى إسماعيل.

● اسمك دائمًا فى مقدمة المرشحين للحفلات الكبرى.. لماذا؟

- لأننى لست قائدًا فقط، بل مؤلف موسيقى ومغنٍّ وعازف فاجوت، وهذه التوليفة تمنحنى القدرة على قيادة الباليه والأوبرا والسيمفونى والعربى، وهو أمر لا يتوفر لكل القادة. هناك من يستطيع قيادة عمل عربى موزع، لكنه لا يستطيع قيادة أوبرا أو باليه .. وهذا فرق جوهرى.

● فى الماضى لم نرَ قائدًا غربيًا يتجه للشرقى.. ما الذى تغير؟

- أنا أقود أعمال بلدى.. ولم أتخلّ عن هويتى رغم أننى ارتدى السموكن، لكن الجلابية البلدى موجودة أيضا ولم أخلعها.

لدى أعمال مؤلفة مثل «ريا وسكينة» و«عروس النيل» كتبتها فى سن صغيرة، وقدمت «كادنى الهوى» مع أستاذى جمال عبد الرحيم، و«العفو يا سيد الملاح».

هذا التراث فى دمى، وهو سبب قدرتى على التحرك بين المدارس المختلفة دون أن أفقد روحى المصرية.

● هل تستمع للموسيقى العربية فى أوقات الراحة؟

- طبعًا.. فى البيت لا أسمع إلا أم كلثوم وعبد الوهاب وليلى مراد وأسمهان.

أنا «جيناتى مصرية قوى» كما أقول دائمًا، والموسيقى العربية بالنسبة لى ليست عملًا فقط .. بل حالة من «السلطنة».

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك