لوينزو كوين صاحب تمثال «قوة الطبيعة» بالعلمين: الأهرامات تمتاز بالكمال ولا يضاهيها أثر على وجه الأرض - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:42 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لوينزو كوين صاحب تمثال «قوة الطبيعة» بالعلمين: الأهرامات تمتاز بالكمال ولا يضاهيها أثر على وجه الأرض

لوينزو كوين في العلمين
لوينزو كوين في العلمين
منى غنيم
نشر في: الجمعة 23 سبتمبر 2022 - 6:32 م | آخر تحديث: الجمعة 23 سبتمبر 2022 - 6:32 م

شارك فى أول معرض دولى للفنون المعاصرة فى الجيزة فى 2021
بارع فى تحدى التقنيات الفنية المعقدة ومشارك دائم فى معارض دولية مرموقة
الأيدى البشرية أصعب جزء من جسم الإنسان من زاوية النحت وأكثرها تحديا من الناحية التقنية

عقب حالة الجدل حول ظهور نسخة مقلدة من تمثال شهير للنحات الإيطالى لورينزو كوين، فى منطقة الأبراج بمدينة العلمين الجديدة، يتساءل كثيرون عن هذا الفنان محل الجدل وأبرز أعماله الفنية، وطريقته الإبداعية، وعلاقته بوالده الفنان الأيقونى الراحل الممثل العالمى أنتونى كوين بطل «زوربا اليونانى» و«لورانس العرب» وغيرها الكثير من الأعمال.
يعد الفنان الإيطالى المعاصر لورنزو كوين، نحاتا رائدا فى مجال نحت الجسد البشرى وعلاقته بالطبيعة المحيطة، وقد استوحى عمله من أساتذة الفن العظام، على غرار: مايكل أنجلو وبيرنينى ورودان، ويعكس فنه العام ــ والذى يحاول أن يعرضه فى جميع أنحاء العالم ــ شغفه بالقيم الإبداعية والمشاعر الفنية الأصيلة، ومن بين أشهر التجديدات التعبيرية فى فنه نحته للأيدى البشرية، الذى وصفها من قبل بـ «أصعب جزء من جسم الإنسان من زاوية النحت وأكثره تحديا من الناحية التقنية»، حيث قال: «تمتلك اليد البشرية الكثير من القوة والقدرة على الحب والكراهية والإبداع والتدمير».
لفت الأنظار إليه بشدة فى يوليو 2021، حينما تم الكشف عن أحدث منحوتة ضخمة لـ «كوين» بعنوان «معا ــ Tohether» فى مدينة كان بفرنسا قبل عرضها فى معرض «الأبد هو الآن ــ Forever is Now» فى مصر، وهو أول معرض فنى دولى للفنون المعاصرة أقيم على أرض أهرامات الجيزة حينها.
وقد زار الفنان الإيطالى مصر فى تلك الفترة من أجل حضور المعرض وأيضا مشاهدة آثار مصر العظيمة، وعن تجربة مشاركته فى المعرض قال «كوين»: «إن أحد الأسباب التى دفعتنى لأن أكون نحاتا هو فكرة الاستمرارية، فطالما ما سحرتنى فكرة القدرة على التواصل مع الأجيال القادمة من خلال الفن الذى أخلفه ورائى»، وأردف: «للفن القدرة على خداع الموت وجعلك خالدا».
وكشف «كوين» آنذاك عن سعادته البالغة بعرض إحدى منحوتاته أمام أروع إبداعات البشرية الخالدة، ألا وهى أهرامات الجيزة، واصفا مشاركته فى ذلك الحدث بـ «الحلم الذى يتحقق»، كما استرسل «كوين» فى وصف عملية صنع المنحونة التى وصفها بـ «العملية الشاقة»؛ لأنها ستعرض أمام أثر إنسانى يمتاز بالجمال والكمال ولا يضاهيه فى ذلك أثر على وجه الأرض.
وقال حينها إنه قرر إنشاء منحوتة خاصة بذلك الموقع الفريد، وحرص ألا تتداخل مع البيئة المحيطة ولكن بطريقة ما تدعم جمالها المهيب الخالد، وأيضا تلقى الضوء على الترابط والتواصل الانسانى بين الماضى والحاضر.
وعن علاقة الفن بالزمن، قال «كوين» إن البشر مهووسون بفكرة مرور الوقت ومع ذلك فهناك أماكن على وجه الأرض يتوقف عندها الزمن ويصبح ثابتا، وأن تلك الحقيقة كان لها مردود فيما تعرضت له البشرية أخيرا من اجتياح لوباء (كوفيد ١٩) الذى أثر سلبا على علاقة البشر بالوقت؛ حيث جمد ولو بشكل مؤقت الطريقة التى نتفاعل بها مع بعضنا البعض.
يرى «كوين» أن العلاقة بين وقت الإنسان وزمن الأرض تختلف اختلافا جذريا فى موقع أهرامات الجيزة العظيمة؛ حيث تم «تجميد» الوقت للأبد فى حضرة العظمة والمهابة، وشبه حضور ذلك المعرض عند سفح الهرم بـ «الفرصة العظيمة للتحرر من قيود الوقت والتجمع من جديد على قلب واحد تحت مظلة واحدة ولواء واحد هو لواء الإنسانية»، محاولين بذلك التعافى من كل جراح الماضى من أجل أن نبلغ الكمال من جديد، وقال إن منحوتة «معا» تسعى لتمثيل تلك الرحلة العاطفية البشرية الخالدة فى المكان والزمان.
ولد «كوين» فى 7 مايو 1966 فى روما، وهو ابن الممثل الأمريكى من أصل مكسيكى الشهير الراحل والحائز على جائزة الأوسكار أنتونى كوين من زوجته الثانية مصممة الأزياء إيولاندا أدولورى، وقد انقسمت طفولة «كوين» بين إيطاليا والولايات المتحدة، حيث كان لوالده تأثير عميق عليه، سواء من حيث العيش فى دائرة الضوء فى عالم السينما أو فيما يتعلق بعمله المبكر فى الرسم والنحت والعمارة.
ودرس «كوين» فى الأكاديمية الأمريكية للفنون الجميلة فى نيويورك، وكان يخطط ليكون رساما سرياليا، لكنه وقع فى غرام النحت عند بلوغه سن الـ 21، حيث شعر أن ذلك النوع من الفن يستوعب طاقته وحبه للأصالة بشكل أعمق، وقد ذكر فى أكثر من مناسبة أنه يتذكر بوضوح تلك اللحظة فى عام 1989 عندما ابتكر أول عمل فنى أصلى له، حيث قام بنحت جذع بشرى متأثرا برسم الرسام الإيطالى، مايكل أنجلو، لأبو البشر آدم، ثم قام بنحت حواء من جسد آدم.
وفى العشرينيات من عمره، لعب «كوين» عدة أدوار سينمائية إلى جانب والده، مثل ظهوره فى فيلم «ستراديفارى» (1989)، كما قدم أيضا أدء تمثيليا استثنائيا فى الفيلم الوثائقى «دالى» الذى يوثق حياة الفنان الإسبانى الراحل سلفادور دالى، ومع ذلك، لم يستمتع بالعمل فى مهنة التمثيل وقرر التركيز فقط على النحت، ومن ثم قرر الاستقرار فى إسبانيا مع زوجته لعشقه للمدينة بسبب طابعها اللاتينى.
وكشف «كوين» أن الإلهام الفنى يأتيه من خلال مراقبة أفعال البشر فى الحياة اليومية، وحينما تأسره فكرة ما فإنه يعمل على تنفيذها على مدى شهور، لأن العمل الفنى بالنسبة له يجب أن يكون متكاملا وأن يحمل معنى واضحا، وقد دأب «كوين» على تزيين كل منحوتاته الفنية بنصوص شعرية بعد الانتهاء منها تعبر عن روح القطعة الفنية.
وظهرت أعمال «كوين» الفنية فى العديد من المجموعات الخاصة فى جميع أنحاء العالم كما تم عرضها دوليا على مدى العقدين الماضيين، ومن بين أعماله الفنية المميزة: منحوتة «شجرة الحياة» التى قدمتها الأمم المتحدة، كما وضعتها على الختم الخاص بها عام 1993، وتمثال القديس أنطونيوس الذى كلفه به مؤسسة الفاتيكان بنفسها لصالح كاتدرائية ديل سانتو فى بادوا، تخليدا للذكرى الـ 800 لميلاد القديس، وقد بارك البابا التمثال فى ساحة القديس بطرس فى روما أمام حشد غفير من الناس مؤلف من 35000 شخص عام 1994.
ويميل «كوين» إلى مفهوم الفن العام، حيث يفضل أن تُعرض منحوتاته الفنية فى قلب الشارع المكتظ بالناس من أجل أن يراها الجميع؛ ومن أعماله التى تتبع هذا النسق: منحوتة «مواجهات ــ Encounters»، وهى عبارة عن كرة أرضية ضخمة بداخلها يد بشرية، وقد تم كشف النقاب عنها عام 2003 أمام متحف الفن الحديث فى بالما دى مايوركا بإسبانيا، ومن بين الأعمال الأخرى المعروضة فى لندن: «خلق ــ Creation» و«تحليق ــ Volare» و«عبور الألفية ــ Crossing a Millennium».
وفى عام 2008، وقع اختيار معرض «هالكيون» الفنى بلندن على مجموعة «كوين» الفنية التى تحمل اسم «تطوُر ــ Evolution» من أجل استعمالها فى افتتاح المعرض، وقد نشر المعرض آنذاك كتابا مهما عن عمله، كما ظهرت فى العديد من منحوتات المجموعة الرمز الذى أصبح مرادفا لأعمال «كوين» طيلة مسيرته الفنية، وهو «اليد البشرية».
وقدم «كوين» بعدها بعام معرضا فنيا ضخما بعنوان «التوازن» عكس إيمان الفنان العميق بضرورة إيجاد التوازن فى الحياة، وهو الأمر الذى يتأتى فى كثير من الأحيان بمساعدة الأشخاص الذين يحيطون بنا ويقدمون لنا الدعم، والذين دونهم كنا «سنحلق حتما نحو الهلاك» ــ على حد تعبير الفنان.
كما عُرِضت أعمال «كوين» من خلال عدة معارض دولية عام 2010، على غرار: معرض Rarity فى اليونان، ومعرض Hewar للفنون فى المملكة العربية السعودية، ومعرض Marigold فى الهند، ومعرض Ode to Art Gallery فى سنغافورة، كما تم عرض منحوتة «فروم فروم» التى تعبر عن استقلال الشباب فى معهد فالنسيا للفن الحديث، وأيضا فى وقت لاحق من ذلك العام فى معرض أبوظبى للفنون، وفى يناير 2011، تم وضع العمل فى شارع «بارك لين» الرئيسى بلندن كجزء من مهرجان مدينة النحت التابع لمجلس مدينة «وستمنستر»، كما تم وضع عملين بارزين لـ «كوين»، وهما: تمثال «قوة الطبيعة The Force of Nature» فى ساحة بيركيلىو «تحليق ــ Volare» فى حدائق كادوجان بلندن.
وعن معروضة «قوة الطبيعة» الشهيرة الخاصة بـ «كوين» والتى تم نحتها فى أعقاب تسونامى عام 2009، فقد تبرع بها معرض «هالكيون» الفنى البريطانى لصالح منظمتين غير ربحتين بالولايات المتحدة الأمريكية.
وفى أكتوبر 2012، تم تركيب تمثال «قوة الطبيعة» أعلى ناطحة سحاب تابعة لمجموعة «باراماونت» فى شارع الأمريكتين فى نيويورك.
وصمم «كوين» منحوتة جديدة لصالح دوق أدنبرة من أجل مسابقته الفنية الدولية عام 2018 بعنوان «التمكين ــ Empowerment» والتى تصور يدى امرأة شابة وشاب يحملان العالم ويعملان معا كمنارة للأمل للأجيال القادمة.
وقد أشادت السياسية الإسبانية، سيسكار كاسابان، بمجمل أعمال «كوين» مشددة على تمتعها بـ «العمق والأصالة والوجودية حيث إنها تتعامل مع المشاعر التى نختبرها كبشر والأسئلة التى نطرحها فى طيات أنفسنا حول الحقيقة المطلقة فى ذلك العالم الذى نعيش فيه»، كما ذكرت أن المنحوتات فى جوهرها تستند إلى أساطير عظيمة، وتشير قلبا وقالبا إلى الموضوعات العامة المشتركة والمتكررة عبر التاريخ الطويل لحضارتنا الإنسانية، كما أنها تتخطى الفروق الثقافية والزمنية.
يشار إلى أن جريدة «الشروق» قد تمكنت من التواصل مع الفنان الإيطالى الذى لم يستطع حسم أصلية العمل من عدمه، برغم تطابق توقيعه على القدم اليمنى للتمثال؛ وذلك بعدما أفاد مكتبه أن هناك 8 نسخ أصلية من التمثال وليس 4 فقط، كما كان متداولا، وأن النحات لورنزو كوين على علم بتواجد ٤ منها فقط فى سنغافورة، وأيرلندا، وشنجهاى الصينية، وموناكو.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك