رغم أهوال كورونا والحرب.. فن الشارع يساعد المهاجرين الشباب على رسم مستقبل أكثر إشراقًا في إيطاليا - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 1:38 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رغم أهوال كورونا والحرب.. فن الشارع يساعد المهاجرين الشباب على رسم مستقبل أكثر إشراقًا في إيطاليا

منى غنيم
نشر في: الجمعة 24 سبتمبر 2021 - 7:27 م | آخر تحديث: الجمعة 24 سبتمبر 2021 - 7:27 م

مبادرات فنية فى الشوارع لتزيين جدران البنايات ورسم اللوحات الجدارية عليها تشمل شباب المهاجرين والأطفال
الأعمال الفنية تهدف للتوحيد بين الثقافتين العربية والإيطالية.. ومساعدة المهاجرين الجدد على الاندماج بشكل أفضل فى المجتمع الأوروبى
الإيطاليون يتركون منازلهم للاستماع لحكايات الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط.. ويقدمون الفاكهة والقهوة وعصير الليمون لفنانى الشارع

عملًا بمقولة «أينما وُجِدت الحياة، وُجِد الأمل» للفيلسوف الرومانى شيشرون، يحاول آلاف من المهاجرين إيجاد سبل جديدة للحياة فى أوطانهم الجديدة فى أوروبا، تلك التى فروا إليها هربًا من شبح الحرب التى عصفت بديارهم، وانضم إليه مؤخرًا شبح الوباء العالمى الجديد، ومن أجل التأقلم مع المجتمع الأوروبى، برزت عدة مبادرات فنية من شأنها أن تمنح المهاجرين الجدد حس الانتماء والاستقرار المطلوب؛ على غرار مبادرة مدينة ماتيرا الإيطالية التى تحمل عنوان «أتيليه الفنون العامة» أو (MAAP) التى أسستها المنسقة السابقة لمتحف أورساى فى باريس، ستيفانيا دوبلا.
ومع ارتفاع معدل البطالة فى إيطاليا، وجهود الحكومة لتحقيق الاندماج بين المهاجرين الجدد والمجتمع الإيطالى، يواجه العديد من المهاجرين صعوبات بالغة فى الاستقرار فى إيطاليا التى تعد أكثر دولة جذبًا للهجرة بين دول الاتحاد الأوروبى.
ومن هنا برزت الحاجة المُلحة لإيجاد العزاء فى الفن من أجل مساعدة العشرات عل تشكيل مستقبل أكثر إشراقًا، فبرزت مبادرة «دوبلا» عام 2019، وهى واحدة من المبادرات القليلة فى إيطاليا التى تستخدم الفن فى تحقيق الاندماج المجتمعى للمهاجرين الجدد إلى البلاد، وقد ضمت مجموعة من المهاجرين الشباب الذين ساهموا فى تزيين جدران البنايات ورسم اللوحات الجدارية عليها، حيث تتناقض ألوان الجدران الزاهية بشكل صارخ مع حكايات الماضى المظلم للمشاركين.
ومن بين مساهمات المشاركين، المشروع الفنى التعاونى الذى قدمه فنان الشارع المقيم فى برشلونة، محمد لجشام، الذى انضم إلى مجموعة من المهاجرين فى ثلاث مدن فى بازيليكاتا، وهى منطقة وعرة فى جنوب إيطاليا، لتنفيذ ثلاثة مشاريع متتالية على مدار 17 يومًا كان الهدف منها هو تحويل مبنى واحد فى كل موقع إلى لوحة جدارية فنية.
وعمل «لجشام» أيضًا فى مدينة سان شيريكو رابارو، مع مجموعة من 11 قاصرًا غير مصحوبين بذويهم يقيمون فى أحد المراكز المحلية بالمدينة؛ حيث قام الفنان برسم اللوحة الجدارية بمفرده ثم أشرك المهاجرين الشباب فى العملية الإبداعية، وطلب منهم اقتراح أشياء لتضمينها فى التصميم وتعليمهم كيفية مزج الطلاء، وقد تحولت اللوحة الجدارية بالتدريج إلى نقطة محورية فى المنطقة، حيث حولت زاوية الشارع الهادئة فى المدينة عادة إلى مركز حيوى.
كما قاد منظمو المشروع عدة حلقات نقاش مفتوحة مع مجموعات صغيرة من المهاجرين الشباب، مما أتاح للمشاركين مناقشة ماضيهم وتجاربهم مع الغربة؛ وقد انضم عدد من الإيطاليين إلى المحادثة، كما خرج بعض السكان من منازلهم لتقديم الفاكهة والقهوة والليمونسيلو للفنانين، نقلًا عن صحيفة «الجارديان» البريطانية.
ومن بين المساهمين أيضًا فى المشاريع الفنية، «ناكيا»، البالغ من العمر 17 عامًا، الذى هاجر من مصر فى العاشرة من عمره وأمضى 6 ست سنوات فى الترحال بين البلدان حيث عمل فى تركيا واليونان والبوسنة والهرسك، وعبر الحدود بين كرواتيا وسلوفينيا فى شاحنة، وأيضًا «سليمان» الفتى الجامبى، الذى يبلغ من العمر 15 عامًا، والذى عمل فى مالى والنيجر قبل الانتقال إلى ليبيا.
وتشتهر ليبيا بسمعة سيئة بين المهاجرين بسبب التعامل الفاسد والوحشى للحكومة وجهاز الشرطة هناك؛ حيث يعيش الكثيرون فى خوف من الاعتقال أثناء العمل لتوفير المال مقابل عبور القوارب، والتى يمكن أن تكلف ما يصل إلى 5000 يورو (4300 جنيه إسترليني)، وقد ذكر «سليمان»، الذى سُجن بالفعل أربع مرات، إن أحد الحراس قطع معصمه أثناء إحدى مرات اعتقاله، كما كشف الشاب البنجلاديشى، جادهاف، الذى فر إلى إيطاليا عبر ليبيا أنه عمل لمدة عام فى طرابلس فى سوبر ماركت قبل أن يتم سجنه لمدة 11 يومًا تعرض خلالها للتعذيب، ولم يطلق سراحه إلا بعد أن أرسل والديه فدية، وأضاف أن جسده لم يسلم من عدة مواضع تحمل آثار حروق السجائر من الفترة التى قضاها فى السجن.
ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، فإن طريق الهجرة المميت هذا أودى بحياة 1095 شخصًا حتى الآن هذا العام، فللوصول إلى إيطاليا من ليبيا، يجب على المهاجرين عبور 180ــ 250 ميلا من وسط البحر الأبيض المتوسط، وقد قال «سليمان»، الذى استغرقت رحلته أربعة أيام: «عندما تعبر البحر الأبيض المتوسط، هناك ثلاث نتائج: إما أن تصل إلى إيطاليا، أو يتم القبض عليك من قِبَل الليبيين، أو تغرق».
وتتم حماية القاصرين غير المصحوبين بذويهم تلقائيًا حتى بلوغهم سن الثامنة عشرة بمجرد وصولهم إلى إيطاليا، ويتم تسكين بعضهم فى وحدات تابعة لبعض مشاريع الإسكان فى جميع أنحاء البلاد، كما أنهم يتلقون دروسًا فى اللغة ودعمًا قانونيًا ونفسيًا وتدريبًا مهنيًا، وبحلول الوقت الذى يصلون فيه إلى سن الرشد، يحصل العديد منهم بالفعل على الحماية الدولية من سنة إلى خمس سنوات، وتعاونهم الحكومة فى العثور على عمل وتحويل تصاريح الإقامة الخاصة بهم إلى تأشيرات عمل.
ويعتقد منظمو MAAP أن تجذير المهاجرين فى المجتمعات المحلية يحسن فرص عملهم ورفاههم الاجتماعى، وكشفوا عن توسع المبادرة بعد نجاحها فى بازيليكاتا العام المقبل لتشمل المدن الإيطالية الأخرى، على غرار: إميليا رومانيا ولازيو وبوجليا.
وتصوِّر لوحة «لجشام» الجدارية ــ التى أعادت الحياة إلى الشارع المُترب ــ امرأة تقف خلف باب مفتوح، وطاولة فى المقدمة موضوعة لتناول العشاء، وقد أضاف إليها الفنانون القُصّر بعض اللمسات الفنية، مثل: رسومات لقارب وطبول إفريقية وصورة لمسجد فيصل فى إسلام أباد فى باكستان، بينما قام الفنان الناشئ «ناكيا» بتصميم رسمة على جدار غرفة نومه، وقد علّق المهاجر المصرى، كريم، البالغ من العمر 17 عامًا على الأعمال الفنية قائلًا: «يكمن جمال هذا المخطط فى أنه يجمع الناس من كل الأوطان معًا، قد لا نبقى فى سان شيريكو إلى الأبد، لكننا الآن قد تركنا بصمتنا».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك