فجر الإسلام (3).. كيف دعمت الوصايا النبوية التواصل الحضاري وحفظت الهوية؟ - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 10:25 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فجر الإسلام (3).. كيف دعمت الوصايا النبوية التواصل الحضاري وحفظت الهوية؟

محمد حسين
نشر في: السبت 25 مارس 2023 - 12:35 م | آخر تحديث: السبت 25 مارس 2023 - 12:35 م

قبل نحو 15 قرنا من الزمن، قاد النبي محمد -صل الله عليه وسلم- رسالة الإسلام من قلب شبه الجزيرة العربية، وبدأ بلاغه بالأقربين من أهله وأبناء قبيلته ومجتمعه، ثم كانت الهجرة للمدينة المنورة بمثابة توسع لرسالة الإسلام، وتأسيس دولته بمكونات فكرية وحضارية.

ومع تمدد الدولة الإسلامية، زاد التأثر والتفاعل مع الثقافات والحضارات الأخرى، ووثقت الكتابات والمراجع التاريخية الأحداث التي جرت في تلك الحقب، وتناولها المفكرين بالتحليل.

ومن بينهم كان الكاتب أحمد أمين حين أصدر كتابه "فجر الإسلام"، وأرّخ من خلاله فترة حيوية من التاريخ الإسلامي، حيث يتعقب فيها الحياة العقلية منذ صدر الإسلام حتى نهاية الدولة الأموية، ونتناول أجزاء منه في حلقات مسلسلة على مدار أيام الثلث الأول من شهر رمضان المبارك.

وإلى الحلقة الثالثة..

تناولنا بالحلقة السابقة، امتزاج العرب بعد الإسلام بالحضارات المحيطة بهم على نحو أكثر سعة، حيث إن العادات الفارسية والرومانية امتزجت بالعادات العربية، وتقبل الإسلام ذلك في وقت مبكر، وحرص أن يكون التنوع الإنساني فرصة للتمدن.

ويلاحظ أن موضوع الحلقة الماضية، قد ساد عليه البعد الاجتماعي؛ لذا نستكمل في حلقة اليوم السبت، بالحديث عن البعد الثقافي في الاختلاط بالحضارات الأخرى، والأساس الذي استند عليه، والتي كانت في مجملها وصايا للرسول محمد -صل- أثناء دعوته.

* تعلم اللغات وحفظ الدين

قال أحمد أمين: "حث النبي بعض أصحابه أن يتعلموا لغة غير اللغة العربية، لما دعت الحاجة إلى ذلك — بعد انتشار الإسلام — ففي «البخاري» عن زيد بن ثابت قال: «أُتِيَ بي النبيَّ مَقدَمه المدينة، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأتُ عليه فأعجبه ذلك، فقال: تعلمْ كِتابَ (كتابة) يهود، فإني ما آمنهم على كتابي، ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهر حتى حذِقته، فكنت أكتب له إليهم؛ وإذا كتبوا إليه قرأت له»، وفي حديث آخر: «عن زيد بن ثابت قال: قال لي النبي: إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدون عليَّ أو ينقصون، فتعلم السريانية، فتعلمتها في سبعة عشر يومًا".

* التدوين.. تأسيس لهوية حضارية

وأضاف "أمين"، أن البعض ذهب إلى أن تدوين العلوم والأخبار لم يحدث إلا في منتصف القرن الثاني للهجرة، وهذا على ما يظهر لنا غير صحيح، فإن التدوين بدأ من القرن الأول، بل كان قبل الإسلام تدوين، وكان هذا التدوين كثيرًا في البلاد المتحضرة كاليمن والحيرة، وقليلًا في بلاد الحجاز، فالحميريون في اليمن دونوا كثيرًا من أخبارهم وحوادثهم، ونقشوها على الأحجار، ولا تزال آثارهم في ذلك تُستكشف بين حين وحين.

ومن المواقف البارزة، أن النبي -صل- لقي سُوَيْدَ بن الصامت وكان معه مجَلة لقمان، أعني صحيفة فيها حِكَمُ لقمان، فلما جاء الإسلام اتخذ النبي -صل- كتبة للوحي، فكانوا يكتبون على الرِّقاع والأضلاع وسَعف النخل والحجارة الرِّقاق البيض، ثم جُمعت هذه الصحف في عهد أبي بكر، وعُني بعض الصحابة بكتابة حديث رسول الله كعبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان يُدون ما يسمع من رسول الله، قال أبو هريرة: «ما أجد من أصحاب رسول الله أكثر حديثًا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب»، وقال عبد الله بن عمرو: «كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله أريد حفظه».. (الحديث)، بل قد رأيت أن النبي -صل- دعا بعض أصحابه أن يتعلموا العبرية والسريانية ليدوِّن بها رسائله.

اقرأ أيضا: فجر الإسلام (2).. كيف أصبح امتزاج العرب بالحضارات نموذجا في التعايش والمدنية؟



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك