فقه السيرة.. هجرة الرسول ودرس فى سياسة الأمور - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:54 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فقه السيرة.. هجرة الرسول ودرس فى سياسة الأمور

أحمد عبدالحليم:
نشر في: الإثنين 27 مايو 2019 - 10:16 ص | آخر تحديث: الإثنين 27 مايو 2019 - 10:16 ص

فى كتابه «فقه السيرة» يحاول مؤلفه الشيخ محمد الغزالى، تقديم صورة صادقة عن سيرة الرسول الكريم محمد، مجتهدا فى إبراز الحكم والتفاسير لما يقع من حوادث، مستفيدا من السير التى كتبها القدامى والمحدثون.
على وجه حسن يحاول الغزالى الاستفادة مما كتبه المحدثون والأقدمون، والمزج بين المنهجين والطريقتين على الاختلافات بينهما، فالأقدمون يعتمدون على حشو الآثار وتمحيص الأسانيد وتسجيل ما دق وجل من الوقائع والشئون، فيما يميل المحدثون إلى التعليل والموازنة وربط الحوادث فى سياق متماسك.
يستحضر الغزالى مقصده من الكاتب، بأن تكون السيرة شيئا ينمى الإيمان، ويزكى الخلق، ويهلب الكفاح ويغرى باعتناق الحق والوفاء له، كاتبا السيرة ومستعرضا المواقف والأحداث، كما يكتب جندى عن قائده، أو تابع عن سيده، أو تلميذ عن أستاذه.
الكتاب الذى صدرت طبعته التاسعة عن دار الشروق عام 2017 ويقع فى 370 صفحة تقريبا، راجع أحاديثه الشيخ محمد ناصرالدين الألبانى.
حين عزم رسول الله على ترك مكة إلى المدينة، ألقى الوحى الكريم فى قلبه وعلى لسانه هذا الدعاء الجميل «وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك نصيرا» ولا نعرف بشرا أحق بنصر الله وتأييده مثل الرسول الكريم، الذى لاقى فى جنب الله ما لاقى، ومع ذلك فإن استحقاق التأييد الأعلى لا يعنى التفريط قيد أنملة فى استجماع أسبابه وتوفير وسائله.
وكثيرا ما يرتب الإنسان مقدمات النصر ترتيبا حسنا، ثم يجىء عون أعلى يجعل هذا النصر مصاعف الثمار، كالسفينة التى يشق عباب الماء بها، ربان ماهر فإذا التيار يساعدها والرياح تهب إلى وجهتها فلا تمكث غير بعيد حتى تنتهى إلى غايتها فى أقصر من وقتها المقرر، وعلى هذا جرت هجرة رسول الله الكريم من مكة إلى المدينة، بعد أن استبقى مع على بن أبى طالب، وأبى بكر الصديق، وأذن لسائر المؤمنين بتقدمه إلى المدينة، حتى بعد أن استأذنه أبو بكر للهجرة، فقال له لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبا، وأحس أبو بكر كأن الرسول يعنى نفسه بهذا الرد، فابتاع راحلتين يعلفهما استعدادا للهجرة، وأما عليا فإن الرسول الكريم هيأه لدور خاص، يؤديه فى هذه المغامرة، المحفوفة بالأخطار.
درس فى سياسة الأمور:
يلاحظ أن النبى الكريم كتم أسرار مسيره فلم يطلع عليها إلا من لهم صلة ماسة ولم يتوسع فى إطلاعهم إلا بقدر العمل المنوط بهم، وقد استأجر دليلا خبيرا بطريق الصحراء ليستعين بخبرته على مغالبة المطاردين ونظر فى هذا الاختيار إلى الكفاية وحدها، فإذا اكتملت فى أحد ولو كان مشركا استخدمه وانتفع بموهبته.
وعلى الرغم من المرونة فى وضع الخطة، فإن النبى الكريم أصر على أن يدفع ثمن راحلته وأبى أن يتطوع أبو بكر لأن البذل فى الهجرة ضرب من العبادة ينبغى الحرص عليه وتستبعد النيابة فيه.
اتفق الرسول الكريم مع أبى بكر على تفاصيل الخروج وتخيرا الغار الذى يأويان إليه وتخيراه جنوبا فى اتجاه اليمن، لتضليل المطاردين، وأوعز الرسول إلى على بن أبى طالب، فى هذه الليلة الرهيبة أن يرتدى برده الذى ينام فيه وأن يتسجى به على سريره، وفى غفلة من الحرس وهجعة من الليل انسل الرسول من بيته إلى دار أبى بكر قبل أن يخرجا من «خوخة» فى ظهرها، إلى غار ثور.
فى الغار:
كان أبو بكر قد أمر ابنه عبدالله أن يتسمع ما يقوله الناس فيهما ثم يأتيهما إذا أمسى بما يقوم فى ذلك اليوم من أخبار، وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهارا ثم يريحها عليهما إذا أمسى، فكان عبدالله ابن أبى بكر فى قريش يسمع ما يقولون فى شأن الرسول الكريم وأبى بكر، ثم يأتيهما إذا امسى فيقص عليهما ما علم فإذا غدا من عندهما إلى مكة، تبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم يعفى عليه، وتلك هى الحيطة البالغة كما تفرضها الضرورات المعتادة على أى إنسان.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك