يظل نجيب محفوظ كاتبا وأديبا أسطوريا، ومرجعا كتابيا كبيرا، فهو الملهم لكل الأجيال الأدبية التي أتت من بعده، وهو أبو الرواية العربية في شكلها الحديث؛ فإن كان طه حسين هو عميد الأدب العربي؛ فيمكننا القول أن نجيب محفوظ هو عميد الرواية العربية.
ويظهر تأثير نجيب محفوظ في كل الكتب التي تناولت أدبه ورواياته، واجزاء من سيرته وحياته، فهي على كثرتها تؤكد أن نجيب محفوظ تأثيره لا يقل مع مرور السنوات، بل إنه في ازدياد.
وفي الذكرى الـ19 لرحيل أديب نوبل نستعرض أحد أهم الكتب التي كتبت عن نجيب محفوظ، وهو كتاب «أعوام نجيب محفوظ.. البدايات والنهايات» للكاتب والناقد محمد شعير، والصادر عن دار الشروق.
حاول نجيب محفوظ كتابة سيرته الذاتية، وذلك وهو ابن 18 عاما، حيث أطلق على ما كتبه «الأعوام»، تيمنا بالسيرة الذاتية لدكتور طه حسين «الأيام».
لم يكتب محفوظ بعد ذلك سيرته الذاتية، حيث لم يشأ كتابة مذكراته في كتاب منفصل، واكتفى بأن جعلها متفرقة في مؤلفاته على اختلافها، أو في حوراته الصحفية التي حددها هو بأنها موجودة في كتابي «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» لرجاء النقاش، و«نجيب محفوظ يتذكر» لجمال الغيطاني.
كان نجيب محفوظ في «الأعوام» الراوي وليس أجزاء من السيرة التي كُتبت بيد أشخاص آخرين، لم ينشر محفوظ «الأعوام»، لأنه أعتبرها تدريبات على الكتابة، وليست نصا أدبيا كامل.
لسنوات طويلة، ظل ما كتبه محفوظ مفقودا حتى عثر عليه الكاتب محمد شعير الذي خاض رحلة مشوقة بحثا عنه حتى اهتدى إليه، بعد أن تنقل النص بين أربع قارات مختلفة؛ إذ خرج من مصر إلى أمريكا، ثم إلى لندن، حتى استقر أخيرا في إحدى الدول العربية.
جاء كتاب «أعوام نجيب محفوظ.. البدايات والنهايات» فى جزأين، الأول يتحدث عن بدايات نجيب محفوظ، طفولته، علاقته بوالدته وأهله وكيف انعكس كل ذلك على إبداعاته المستقبلية، وهو ما ندركه من خلال سيرة ذاتية كتبها نجيب محفوظ وهو يبلغ من العمر 18 عاما وأطلق عليها اسم «الأعوام» على غرار «الأيام» لعميد الأدب العربى طه حسين، كما ذكرنا سابقا.
يعاين القارئ الجزء الثانى من الكتاب، ليكون أشبه بتحليل معمق وفريد من نوعه، لرواية أصداء السيرة الذاتية، وهى آخر أعمال محفوظ، ومن خلالها وبمنظور جذاب يقدمه محمد شعير بشكل سلس ومنمق، نستطيع أن نفهم طريقة تفكير محفوظ فى المحطات الختامية من حياته.
حاول الكاتب عدم اللجوء إلى المط والتطويل، بطريقة ساعدت القارئ على أن يضاعف حجم فضوله للخوض فى عالم محفوظ، ليقدم فى الوقت ذاته دلائل وإشارات واضحة حول الكيفية التى يمكن أن ينتهجها القارئ فى اتخاذ ترتيب معين نحو قراءات الأعمال المختلفة لأديب نوبل العالمى.
إن أهم ما يميز كتاب «أعوام نجيب محفوظ.. البدايات والنهايات» عن كتابات أخرى عن نجيب محفوظ، هو أنه لم يكن نقدا أدبيا جافا، أو محاولة تحليل صرف لأدب محفوظ، بل هو بالفعل أشبه بالسيرة الذاتية، حيث حاول شعير كتابة مذكرات موازية لحياة نجيب محفوظ.