محمود محيى الدين يرصد فى حوار شامل لـ«الشروق» «2 ــ2»: روشتة علاج كورونا.. دعم القطاع الصحى و9 نصائح أخرى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:54 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمود محيى الدين يرصد فى حوار شامل لـ«الشروق» «2 ــ2»: روشتة علاج كورونا.. دعم القطاع الصحى و9 نصائح أخرى

الدكتور محمود محيى الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولى
الدكتور محمود محيى الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولى
عماد الدين حسين:
نشر في: الثلاثاء 31 مارس 2020 - 10:06 م | آخر تحديث: الثلاثاء 31 مارس 2020 - 10:25 م

«كورونا» عجلت بحتمية الانتباه لمفهوم توطين التنمية

التحول الرقمى يمكنه تحويل أى وحدة ريفية نائية لأخرى متقدمة

حزمة الإجراءات الاقتصادية المصرية جيدة وكذلك أداء القطاع المالى والبنك المركزى

هناك فرصة جيدة لتوقيع عقود شراء البترول الآجلة استغلالا للسعر المنخفض الآن

مطلوب تقسيم العمل بصورة صحيحة بين الحكومة والقطاعين الخاص والتعاونى والمجتمع المحلى

لم يعد بمقدور أى دولة أن تعمل بمفردها فما حدث فى ووهان جعل العالم كله يدخل فى مرحلة حظر كامل أو جزئى

أدعو إلى دراسة تطبيق نظام للدخل الأساسى الشامل للجميع

أدعو لإعادة النظر فى طريقة تطبيق التأمين الصحى الشامل بحيث يكون متوازيا فى مركز أو حى بكل محافظة

علينا استخدام أموال دعم البورصة بصورة صحيحة لدعم رءوس أموال الشركات الجيدة

البورصة المصرية ستتعافى حينما يتعافى المجتمع بأكمله عقب القضاء على الفيروس

مطلوب تشجيع الاستثمار فى نظام جديد للتعليم فى ضوء التحول الرقمى

الحكومة سيكون لها دور كبير فى المستقبل.. لكن عليها أن تركز على مجالات عملها فقط

تجربة الحظر تحتم علينا التركيز على تأمين السلع والبضائع الأساسية داخل كل منطقة أو محافظة

بحانب الخاسرين من كورونا.. هناك كاسبون بالحلال علينا دعمهم

هناك شركات حققت مكاسب خلال الأزمة دون قصد مثل «الصحية» وأخرى خسرت دون قصد «السياحية».. وثالثة تاجرت بآلام الناس وهى تحتاج أن نضربها بيد من حديد

فى الجزء الثانى من الحوار مع الدكتور محمود محيى الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولى، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030، نركز على كيفية مرور مصر من أزمة تداعيات انتشار فيروس كورونا العالمى بأقل الأضرار الممكنة.

بالأمس كان التركيز على ما حدث فى العالم من جراء الفيروس، وما هو متوقع فى المستقبل القريب، واليوم يرى د. محمود محيى الدين أن روشتة العلاج الخاصة بمصر هى «9 + 1» أى ضرورة دعم المنظومة الصحية بشكل أساسى خصوصا الرعاية الأولية والطب الوقائى وكل ما يتعلق بها مضافا إليها تسعة نقاط مهمة اخرى فى جميع المجالات ومنها أن تعى الحكومة المجالات التى ينبغى أن تتدخل فيها والمجالات التى يفترض أن تبتعد عنها مطالبا بدعم الشركات التى نجحت خلال الأزمة والضرب بيد من حديد على الشركات والأفراد الذين تاجروا بالأزمة، ويطلق عليهم الدكتور محمود محيى الدين «أغنياء كورونا» فى محاكاة للمصطلح الشهير «أغنياء الحرب»..

ويعتقد محيى الدين ان هذه الازمة ستعزز من مفهوم «توطين التنمية» الذى ينحاز إليه بشدة، ويستشهد بأن حظر التجول فى العديد من بلدان العالم هذه الأيام جعل الناس تدرك أهمية أن تعتمد على نفسك فى العديد من الأساسيات بدلا من الاعتماد على الاستيراد من الخارج أو المركز الرئيسى فى العاصمة.

هو ينحاز أيضا إلى مفهوم «الضمان الاجتماعى» الذى يوفر دخلا للجميع، بغض النظر عن دخله الرئيسى. هو يعتقد أن أداء الحكومة المصرية والقطاع المالى والبنك المركزى كان جيدا حتى الآن خلال هذه الأزمة. والمهم أن يلتزم الناس بالإجراءات الاحترازية.

محيى الدين يدعو إلى استخدام أموال دعم البورصة « 20 مليار جنيه»، لتدعيم رءوس أموال الشركات الجيدة، معتقدا أن تعافى البورصة المصرية مثل كل بورصات العالم سيتم حينما يتعافى المجتمع بأكمله من تداعيات الفيروس. ويطالب بأن يعى الجميع أهمية تقسيم العمل، وأنه لا توجد دولة يمكن أن تعمل بمفردها. ويقترح أن يتم إعادة النظر فى طريقة تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل، وبدلا من تجريبه فقط فى محافظات القناة، فيمكن تطبيقه فى حى أو مركز واحد بكل محافظة حتى يتعلم الجميع كيفية التعامل ويدرك أهميته وبالتالى نضمن إنجاحه.

وإلى نص الجزء الثانى والاخير من الحوار الذى جرى مساء يوم الجمعة الماضى تليفونيا عبر «الفيستايم» مع د. محمود محيى الدين المقيم حاليا فى واشنطن:

> كيف تقيم حزمة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة المصرية حتى الآن؟

ــ حزمة الإجراءات التى تمت فى مصر جيدة حتى الآن، وكذلك أداء القطاع المالى كان جيدا، وقد تم تجميع كل ذلك فى حزمة الإجراءات التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل أيام، ومن الواضح أن هناك اهتماما بمساعدة القطاع الإنتاجى وكذلك العمالة غير المنتظمة والشركات الصغيرة والمتوسطة.

وإضافة لما تم ومع انخفاض أسعار البترول بنسبة كبيرة، فهناك فائدة قومية أن نقوم بتوقيع عقود طويلة الأجل، تستفيد من هذا السعر المنخفض وأن نحسب احتياجاتنا لسنة، أو حتى لعشر سنوات قادمة وأن نؤمن ذلك عبر العقود الآجلة. وأن نخفض من أسعار الغاز للمنازل والصناعة.

> ما الذى يقع عليه العبء فى عمل كل هذا، الحكومة أم القطاع الخاص أم المجتمع المدنى؟.

ــ المفترض أن يشارك الجميع، وفى تقسيم العمل هناك الحكومة والقطاع الخاص والقطاعى التعاونى والمجتمع المحلى، وحينما أتكلم عن القطاع التعاونى فلا أقصد به ما كان يفهمه البعض عنه أيديولوجيا. هذا القطاع موجود بقوة الآن فى ألمانيا وكندا، ومبنى على التكامل والتشارك والارتقاء بالمهنة، وأن ندخل المجتمع بأكمله فى الحسبان. لم يعد أحد بمقدوره أن يعمل بمفرده، بل صار كل شخص فى أى مكان متداخلا مع ما يحدث فى أى بقعة بالعالم. التلميذ غير القادر الآن على الذهاب لمدرسته فى أقصى جنوب إفريقيا، يتأثر بما حدث من انتشار فيروس فى مدينة ووهان ما بالصين، إذن العالم سيظل متداخلا بفعل ثورة الاتصالات والعولمة وحركة السفر.

> دائما تتحدث فى مقالاتك وتركز على فكرة ومشروع الضمان الاجتماعى، ما الذى تقصده تحديدا ؟.

ــ جانب مهم من الحزمة الاقتصادية والمالية يجب أن يوجه لتوسيع شبكة الضمان الاجتماعى والدعم النقدى وتدعيم عاجل للمتضررين من تعطل الأنشطة الاقتصادية والفقراء وتغذية الأطفال خاصة الذين كانوا يعتمدون على التغذية المدرسية. وأكرر دائما فى كتاباتى أننا نحتاج لتأسيس نظام متكامل لتطبيق نظم فعالة للمساندة الاجتماعية من خلال تفعيل شبكات الضمان، ويجدر تطبيق نظام للدخل الأساسى الشامل للجميع universal basic income. وهناك دول تستخدمه الآن فى وقت الأزمات فقط كدفعة واحدة أو أكثر نقدا للمتضررين، وإن كان يجدر تفعيله بعد صدمة الأزمة العالمية الكبرى. فسيحتاج العاملون فى القطاع الخاص والعمل الحر ضمانا مستمرا للوفاء باحتياجاتهم الضرورية إذا تعطلوا عن العمل فجأة، ووجود دخل ثابت مستمر يساوى الحد الأدنى للأجور، يسهم فى تخفيف الأعباء، خاصة أن هناك تحديات مختلفة تصادف أسواق العمل متسببة فى بطالة نعيش بعضها الآن. هذا النظام للدخل الأساسى يجب تفعيله مع باقى نظم الضمان الاجتماعى والإعانة ضد البطالة وعناصر شبكة التكافل الأخرى، وهناك خبرات دولية متنوعة فى تطبيقه.

يدخل فى هذه المنظومة المليونير والملياردير والفقير، ميزة هذا النظام أنه يوفر أمانا للجميع. سيقول البعض ولكن ما الذى يغرى الموظف فى السياحة، الذى يكسب كثيرا من الدخول فى هذا النظام؟

الإجابة ببساطة أن هذا الموظف الذى يحقق دخلا عالميا، وجد نفسه الآن عاطلا عن العمل لظروف لا دخل له فيها، وينتظر إعانة من الدولة أو الوزارة أو النقابة، الناس تفضل التوظف فى الحكومة من أجل الأمان الوظيفى، خصوصا الدخل الثابت والتأمينات الاجتماعية، بغض النظر عن العائد من هذه الوظيفة ماديا ومعنويا.

فى هذا النظام يدخل ويشترك الجميع بالرقم القومى، لو أنت مليونير سيخصم منك الألف جنيه، ولو أنت فقير وعاطل عن العمل تماما سوف تأخذ الألف جنيه شهريا مثلا.

> هل هناك نماذج لمثل هذا النظام فى الخارج؟.

ــ نعم هو مطبق فى بعض الدول الإسكندنافية، وحينما يدفع الغنى ضرائب عالية جدا، فهو يعلم أنه سوف يستردها فى صورة خدمات مختلفة، وبالتالى فهذا الدخل سواء كان 800 أو 1000 أو 1200 جنيه سيتم تدبيرها من نظام متكامل من الضرائب والرسوم السيادية ثم يعاد إنفاقها على من يحتاجها، وبالمناسبة هذا النظام تتبناه أيضا منظمة العمل الدولية.

> وكيف يعمل هذا النظام؟.

ــ هو نظام للدخل الشامل للجميع، يأخذها الجميع مادام مواطن مصرى، يأخذها العامل ضمن مرتبه، والعاطل حتى يعمل وهى غير خاضعة للضرائب ولو عملت فى القطاع الخاص، فسوف يأخذها العامل كحد أدنى، ولو تم طرده من وظيفته فسوف يحصل عليها وكأنها إعانة بطالة، وهو نظام ممكن عمليا وحسابيا، وله آلية تفصيلية فى عملية الاستخدام.

> ومن أين سيتم تمويل هذا النظام؟!

ــ يتم تمويله من مصدرين، الأول الضمانات والإعانات، والثانى من المواطن حينما يعمل، سيقوم بتسديد جزء من هذا المبلغ، وهناك الضرائب التصاعدية أو الكبيرة على شركات تحقق أرباحا ضخمة مثل التى تعمل فى الذكاء الاصطناعى، مقابل أنها لم تقم بتوظيف الكثير من العمالة، ووجود هذه العمالة بلا عمل خطر كبير على المجتمع وعلى الشركات نفسها، وهذه الفكرة عبر عنها بيل جيتس أكثر من مرة فى السنوات الأخيرة.

> لكن هل هذا النظام سيحل محل نظام تكافل وكرامة أو يلغيه؟.

ــ إطلاقا، فنظام تكافل وكرامة مخصص لمن يعانون من الفقر والفقر المدقع، النظام الجديد سوف يشملهم ولا يلغى ما يحصلون عليه، هو نظام لا يلغى ما هو قائم، بل يضيف إليه، وهو نظام أيضا ليس بديلا عن التعليم الراقى والتأمين الصحى الشامل، أو خدمات النقل والنظافة الجيدة.

> تطالب سيادتكم بتطبيق فورى للتأمين الصحى الشامل بدلا من الطريقة المتدرجة، لكن ذلك يتطلب تمويلا وموارد قد لا تكون متوافرة الآن؟.

ــ الأزمة الراهنة تتطلب اتخاذ إجراءات لم نكن نتخيلها، وستعجل بتطبيق أشياء لم نكن نظن أنها ستحدث. تايلاند أخذت بالنموذج اليابانى فى التأمين الصحى الشامل، وهو الأفضل فى هذا الصدد، وظنى أن الدولة المصرية «لو حطت الموضوع فى دماغها فسوف تطبقه».

تقديرى أن تطبيق التأمين الشامل فى ٥ محافظات تشمل اساسا مدن القناة ذات الكثافة السكانية القليلة، لم يعد عمليا الآن بعد كورونا، نحتاج لكى نختبر النظام أن نطبقه فى محافظات ذات كثافة سكانية أكبر مثل القاهرة والقليوبية وأسيوط، أو أقترح مثلا أن نطبقه فى مركز أو فى حى واحد بكل محافظة، ويكون التطبيق بالتوازى،

وبالتالى ستكون لدينا تجربة فعلية فى ٢٧ محافظة، ولديها الدراية الكافية بمتطلبات هذا البرنامج، بمعنى أنهم سيطبقونه ولا يجربونه فقط.

أزمة كورونا سوف تغير الأولويات والإنفاق، لو كنت أخطط لشراء بذلتين أو قميصين ورصدت لهما مبالغ محددة، ثم وقعت لى حادثة صعبة، فهل أستمر فى نفس الأمر، أم ستكون هناك أولويات مختلفة تتمثل فى إصلاح السيارة وربما إجراء عملية جراحية؟!.

> ما الذى يحتاجه المواطن من الدولة؟

ــ يحتاج إلى تعليم جيد ورعاية صحية لائقة ومواصلات آدمية ونظافة معقولة، هو لا يحتاج للعمل فى ادارة محلية ليس عليها ضغط، بغض النظر عن هذا القطاع حكوميا أو خاصا أو تعاونيا.

> يتحدث الجميع دائما عن المسئولية الاجتماعية للشركات الخاصة؟

ــ نعم هناك مسئولية مجتمعية للشركات الخاصة، وبعض هذه الشركات يلتزم بذلك، لكن بالنسبة لى فكل ما أريده منهم أساسا أن يلتزموا أولا بسداد ما هو مستحق عليهم من ضرائب وتأمينات وجمارك وغيرها، وبعدها فليتبرعوا كما يشاءون.

> وما المطلوب أن تفعله الدولة للشركات خصوصا فى الجزء الاجتماعى؟

ــ الأمر يحتاج إلى تدخل جراحى دقيق، الموضوع لا يتعلق بالإنفاق العام وفقط، بل لابد أن ندرس ما هى القطاعات التى تحتاج إلى دعم، على سبيل المثال هناك شركات حققت أرباحا من وراء أزمة كورونا، ولكن بشكل قانونى مثل الشركات التى تعمل فى تصنيع وتوريد الكمامات والأقنعة الواقية وكل ما هو متعلق بالإمدادات الصحية، والسلع الغذائية الرئيسية، هذه الشركات علينا ألا نتربص بها لأنها تكسب بالقانون من دون قصد، فى المقابل هناك شركات السياحة مثلا خسرت من دون قصد. المشكلة فى تجار الحروب أو من أسميهم «تجار كورونا» الذين يحاولون الاستثمار فى هموم الناس وأمراضهم، ويحتكرون السلع ويروجون الشائعات والأخبار الكاذبة، مثل ذلك الذى ادعى أنه بصدد التوصل إلى علاج لكورونا وجمع أموالا من الناس فى نيويورك، ولمثل هذا الانتهازى صنعت مقولة «الضرب بيد من حديد» لمعاقبته.

> تحدثنا عن البعدين الصحى والاقتصادى، ماذا عن القطاع المالى؟.

ــ هذا القطاع صار فى حالة جيدة لأنه شهد إصلاحات حقيقية فى ٢٠٠٤ و٢٠٠٨ وأخيرا فى ٢٠١٦، وتمت تجربته واختباره فى «مباريات قاسية» وأزمات عالمية كبرى أعوام ٢٠٠٨ و٢٠١٢ و٢٠١٦، ونحتاج منه الآن أمرين مهمين، أولا: نظام الدفع يكون مستمرا بصورة ثابتة، وثانيا: ضرورة تفهم الائتمانات المالية ومشاكل التعثر وضرورات الدعم، وهناك قطاع مهم هو التأمين الذى سيكون له دور مهم وكبير فى المستقبل.

> البنك المركزى ضخ عشرين مليار جنيه فى البورصة، كيف ستؤثر هذه الخطوة فى مواجهة التداعيات المالية لكورونا على الشركات؟

ــ المهم أن نستخدم هذه الأموال الاستخدام الصحيح لتدعيم رءوس الأموال للشركات، وأن تكون هناك إسهامات مستمرة فى هذه الشركات الجيدة بالفعل، وعلينا أن ندرك أن التعافى الحقيقى للبورصة المصرية ــ مثل كل بورصات العالم ــ فسوف يتم حينما يتعافى المجتمع كله اقتصاديا وصحيا واجتماعيا بالقضاء على كورونا.

عموما وليس فى مصر فقط فليس هذا زمن إجراءات التقشف، ولكنه وقت الإنفاق المنضبط لمساندة المجتمع والاقتصاد. ويجب التعامل مع هذه الفترة كفترة حرب تراجع فيها أولويات الإنفاق ــ كما أنها فترة استثنائية تراجع فيها عمليات إدارة الدين العام والمؤشرات الحرجة للعجز والدين العام بالتعاون مع المنظمات الحكومية الدولية والتجمعات الاقتصادية حتى يمكن الخروج من هذه الأزمة بسلام وحتى يكون التعافى منها متكاملا ولا يتسبب علاج هذه الأزمة فى أزمات أخرى بعدها.

> ما هى الروشتة التى يمكن أن تقدمها بحيث تساعد فى عبور الأزمة بأقل الأضرار الممكنة ثم الانطلاق للمستقبل؟

ــ هناك روشتة أسميها «١+٩»، المقصود بالواحد الصحة وكل ما يتعلق بها، خصوصا الرعاية الصحية الأولية والمطلوب فى هذا المجال وفقا لمنظمة الصحة العالمية توفير أجهزة كشف وإمدادات طبية عاجلة لعلاج المرضى وتوسيع القدرات الاستيعابية والأدوية والتعاون المعرفى لنقل خبرات الدول فى التعامل مع الإصابات وعلاجها وذلك كله جنبا إلى جنب مع جهود تطوير اللقاح، أما النقاط التسع الأخرى فهى تشمل العديد من المجالات العامة وهى:

١ــ إن هذه الأزمة ليست مثل أزمة مالية عالمية سابقة، ولذلك فهى تحتاج إلى تعاون على مستوى الحكومة والدولة والتنسيق بين جميع أجهزة الدولة وتوطين سياسات التنمية.

٢ــ الاهتمام بنظام التأمين الصحى على الدوام، وهناك تقرير دولى مهم يحذر من أزمات الأوبئة، حيث إن سمتها الأساسية هى الإهمال الشديد قبل حدوثها، والارتباك الشديد بعد وقوعها، هذا الأمر سيؤسس لنظام صحى يضع الصحة الأولية فى مقدمة أولوياته.

٣ــ لا تنسَ أنك تحتاج إلى أن تستثمر فى نظام جديد للتعلم فى ظل التحول الرقمى، وربما يكون النظام الذى يطبقه الآن وزير التعليم د. طارق شوقى والشبكة المساندة له من العناصر المهمة والمساندة لهذا الأمر، وعلينا أن نفكر فى كل التفاصيل الخاصة بذلك لكى يصبح فاعلا.

٤ــ استخدام حزمة من المحفزات تستند إلى توجيه المساندة لأكثر الناس والشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة احتياجا فى ظل هذه الظروف، بديلا عن سياسة الإنفاق العام الشامل، هذا الأمر يستدعى مستقبلا بناء نظام تمويلات نقدية ودعم نقدى ونظام للدخل الشامل يعطى الناس احتياجاتهم الأساسية، فضلا عما يوفره لهم من تعليم وصحة ونظام آدمى للمواصلات والنظافة.

وبالمناسبة، هذا الأمر يحتاج إلى المزيد من تدخل الدولة فيما يفيد وليس فيما لا يفيد.

٥ــ نحتاج إلى أن نعمل على الأدوار المماثلة والمكملة للحكومة، سواء كانت قطاعا خاصا أو مجتمعا مدنيا، التداخل فى كل الأدوار فى دول كثيرة يحتاج إلى تفعيل ماكينة الدولة، والـ١٠٠ مليون مواطن. الحكومات سيكون لها دور غير مسبوق على مستوى العالم فى التاريخ المعاصر، وعليها أن نركز فقط على المجالات التى يجوز لها أن تتدخل فيها فقط.

٦ــ هذا وقت مهم أن تكون فيه التنمية محلية ومتوطنة على مستوى القرية والمدينة، كوريا الجنوبية بها ٤٠٠ جامعة وعدد سكانها ٤٠٪ من سكان مصر، فى حين لدينا فى مصر حوالى ٥٠ جامعة تقريبا. يعنى نحن نحتاج مقارنة بهذا النموذج إلى ألف جامعة، لكن الأهم أن تعطى هذه الجامعات القدرة والأساليب والمهارات للتكيف مع العالم الجديد، ومن حسن الحظ أن التحول الرقمى يمنح أشياء كثيرة لعموم الناس. وإذا لم تبادر بالالتحاق بالعصر الجديد فسوف ينافسك آخرون فى ذلك لأنهم يملكون المهارة.

نحتاج إلى أن يكون لكل محافظة ومركز منظومة إنتاجية ومنطقة استثمارية، علينا أن نسأل ونفكر فيما فعله موضوع الحظر فيما يتعلق بنقل البضائع والسلع.

٧ــ ضروة التعجيل بالتحول الرقمى ونظم المعلومات والشبكات والذكاء الاصطناعى، ما كنا سنعمله فى ثلاث أو خمس سنوات، يجب أن نعمله فى عام واحد، هو نظام شامل للجميع.

٨ــ حينما تضع سياساتك، خذ بالك من أنه بجانب الخاسرين من الأزمة العالمية، فهناك ناجون عليك أن تدعمهم وتساعدهم وتشجعهم طالما أنهم يعملون فى إطار القانون، لكن لا تأخذك شفقة ولا رحمة بتجار تلك الحروب والانتهازيين!.

٩ــ «لا يوجد دائما أكثر من الأمور المؤقتة»!!!، وبالتالى فحينما نتخذ قرارات استثنائية فى أوقات الطوارئ، مثلما يحدث الآن فى دول كثيرة تواجه فيروس كورونا، فالمطلوب أن تكون هناك جداول ومواعيد تخارج تنتهى فيها هذه الإجراءات، لأنه فى منطقتنا العربية، هناك نظم بيروقراطية تتشبث بكل ما هو لائحى، ولا تبادر لتغيير ما كان مفترضا أنه مؤقت.

> سؤال أخير: هل العالم سيكون أفضل أم أسوأ بعد نهاية هذا الكابوس؟!.

ــ فى اللغة الصينية فإن كلمة «أزمة» لها معنيان متناقضان هما «نعمة ونقمة»، وخالق البشر جميعا يقول لنا فى القرآن الكريم «إن مع العسر يسرا»، وتفسيرها أن هناك أشياء كثيرة تخرج من رحم الأزمات. هذه الأزمة أتاحت للناس الجلوس مع أنفسهم ومع أسرهم وجعلتهم يفكرون فى أشياء إيجابية كثيرة، ويتوقفون عن أشياء سلبية كثيرة، وفى هذه الجلسات قد تخرج أفكار طيبة جدا أو تعيسة جدا، وما نأمله أن تسود الأفكار الطيبة والنافعة للناس.

اقرأ أيضا:

محمود محيي الدين يرصد في حوار شامل لـ«الشروق» «1ــ2 »: ملامح عالم ما بعد كورونا



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك