أكان يجب أن تضغط الزر أيها الأحمق...؟! - هانى هنداوى - بوابة الشروق
الخميس 23 مايو 2024 10:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أكان يجب أن تضغط الزر أيها الأحمق...؟!

نشر فى : الأحد 8 فبراير 2015 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأحد 8 فبراير 2015 - 7:55 ص

يجوز أن تخسر مرة، أن تخطئ مرة، ولكن أن تكون دءوبا على الخسارة، ساعيا نحو الخطأ بإرادة صلبة، فهذا يمكن تسميته فى علم المنطق: حماقة منقطعة النظير.

الأحمق هو من يسير نحو الهاوية، ظنا منه أنه يقدم عملا بطوليا.. الأحمق هو من يعتقد وهما أنه الأذكى وأن البقية أقل منه تعقلا وتفهما.

الآن، سيدى بت تعرف الأحمق جيدا، تستطيع تمييزه بين غيره.. أما إن كان لديك مزيد من الشكوك، فتعال أشرح لك من هو هذا الأحمق الذى أقصده.

دعنا نفترض أن «أحمقنا» يمتلك حرفة الكتابة، هى مصدر رزقه، فهو يستطيع أن ينحرف بكتاباته بسهولة ناحية اليسار إذا كانت الرياح تميل فى نفس الاتجاه.. وبنفس الموهبة يمكنه أن يتمايل بها ناحية اليمين، طبعا إذا اقتضت ضرورات المصلحة ذلك.

أحمقنا أيها السادة، طوع أيديكم، يقدم خدماته لمن يطلب ويدفع.. هو مخلص لأسياده مادام المركب لايزال يسعهما معا، ولا يهم وقتها اسمك أو لونك أو جنسيتك، فالشرط الوحيد لإخلاصه لك هو أن تدفع وأن تستمر فى الدفع، لأن الأحمق طامع إلى أقصى درجة.

الأحمق الذى نقصده دوما يدعى فى نفسه أشياء غير حقيقية، سيقول إنه الناطق بصوت الحق، وسيظهر لك أحيانا أنه البطل المغوار المدافع عن المبادئ والأخلاق، وربما يزعم أنه نصير الغلابة وحامى الضعفاء.

أحمقنا يتحدث بلسان حلو، ويكتب بلغة منمقة، سيدفعك حتما إلى غرامه والتعلق به، سيخدعك كما خدع كثيرين غيرك.. وإن سألته إذا كان يصدق فعلا ما يكتب؟ إن كان يؤمن حقا بما يروج؟ سيبتسم ابتسامة الواثق من نفسه ويقول: «العبارة فى الشطارة»!

لا ألومك إن كان الأحمق قد نجح فى تنويمك مغناطيسيا، أو إن كان قد استطاع التأثير فيك عبر كلماته وسخريته وإيحاءاته.. فكلها أشياء عرفها من أستاذه الذى علمه السحر، فهو تلميذ نجيب لمدرسة صحفية لا تعرف إلا الابتزاز، درس فنون عقد الصفقات داخل الغرف المغلقة، وشن الحملات الموجهة، حتى تفوق على أستاذه، فاستقل عنه وأصبح له كيانه الخاص، أو دكانه الذى يجلب له المال والشهرة.

آنساتى سادتى، أحمقنا له من النفوذ ما يمكن أن تحسده عليه، ولديه من المال ما يمكن أن يكفينى أنا وأنت لسنوات، كما أنه حائز على قدر معقول من النجومية.. ربما تتمنى أن تكون مثله، أن تقلده، ولكنه أمام كل تلك المكاسب، هو يتمنى فى قرارة نفسه أن يكون مثلك، فما خسره لا يمكن تعويضه.

ماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه.. مقولة لا يريد أن يسمعها الأحمق، لأنها تذكره بمكاسبه الواسعة، التى أثق فى أنه يتمنى أن يتنازل عنها كلها دفعة واحدة، مقابل أن يستعيد نقاءه، صدقه، كبرياءه، نفسه التى خسرها أمام شهوات المال وطموحه الشرير.

سيدى، يجوز أن تخطئ مرة فى حق نفسك، فى حق أخلاقك، قناعاتك، مبادئك.. ولكن أرجوك أن تصحح خطأك فورا وألا تتمادى فيه، حتى لا تصبح أحمق فى وطن يضج بالحمقى........!

التعليقات