حمدين صباحى.. ودروس فى الخيانة - هانى هنداوى - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 4:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حمدين صباحى.. ودروس فى الخيانة

نشر فى : الخميس 10 مارس 2016 - 10:00 ص | آخر تحديث : الخميس 10 مارس 2016 - 8:20 م
لا أحب حمدين صباحى، ولم أنتخبه، ولست من حوارييه، ولا أطيق طريقة أدائه لجريدته أو حزبه أو كيانه السياسى المسمى «التيار الشعبى».

أختلف مع حمدين فى السياسة، ولا تجذبنى أحاديثه أو مشروعاته، ولكنى أبدا لا اختلف على وطنيته، ولا أزايد على حبه لمصر، أو حتى رغبته ـ مثلى ـ فى أن تكون بلادنا «قد الدنيا».

أجد نفسى ـ الآن ـ مضطرا للوقوف دفاعا عن الرجل الذى لا أحب، متناسيا مشاعرى تجاهه، متكئا فقط على واجبى نحو حقه فى أن يتكلم كما يشاء، وفى أن يحلم للغد كيفما يشاء، دون أن نذبحه بسيف الخيانة، أو نؤدبه لأنه تكلم بعد فترة من الصمت.

بعد دقائق معدودة من إعلان حمدين لمبادرة سياسية جديدة، قال إنها توحد لا تفرق، خرجت الخناجر من غمائدها، لتشوه وتشكك وتطعن، ليس فى أطروحة حمدين، ولكن فى سيرته ودوافعه، حتى ذهب بعضهم إلى وصفه بـ«الممثل»، و«العائد إلى الأضواء رغم الاعتزال».

أصبح حمدين فى وصف كتائب الإعدام السياسى، مثيرا للفتن والارتباك بين الصفوف، مؤججا للوضع الداخلى، مفرقا للأمة، مشعلا للحرائق، ولتذهب مبادرته للجحيم، طالما أنها لا تتسق مع حالة الاستنفار الوطنى، ولا تدعو إلى التكاتف والاصطفاف خلف الرئيس.

قد تكون مبادرة حمدين ركيكة، ومعادة، ولا ترقى إلى حد المناقشة، ولكن أحدهم لم يكلف نفسه عناء طرحها على طاولة الاختلاف، لم يحاولوا نقدها أو حتى نقضها، بل رأوا أنه من الأفضل والأسرع، قتل النفس التى لا تسير خلف مواكب التأييد المطلق، وقطع أى لسان لا يهتف بحياة الرئيس، ويشيد بعظمة أفكاره.

حقا لا أعرف إذا كانت تلك الكتائب تتحرك بأوامر فوقية، أو تنطلق ذاتيا بمجرد أن تسمع أصواتا مغايرة لها، أو للنظام الذى تمثله، ولكن ما أعرفه وأثق فيه أنها أصوات نشاز، لا تعزف إلا سيمفونية «الرئيس الملهم والأب والقائد»، وهى نفس المقطوعة الموسيقية التى كانوا يعزفونها للمخلوع مبارك، والتى صنعت منه سلطانا جائرا، يأمر فيطاع.

يحق لحمدين السياسى أن يتحدث، أن يحلم، أن يختلف، ومن حقنا أن نسمعه أو نتجنبه، من حقنا أن نمنحه ثقتنا أو نعطيه ظهورنا، ولكن ما هو محظور علينا، أن نلعنه ونسحب منه صك الوطنية، أن نوصمه بالعار لأنه لا يحلم على طريقتنا، ولا يلوك أحاديثنا، ولا يسير على درب «الاصطفاف الوطنى» مثلنا.

يا سادة، دعونا نقف على أرضية وطنية واحدة، لا أحد فيها يملك رصيدا أكبر من غيره، يجوز أن نختلف فى الأفكار والرؤى والأحلام، يجوز أن نتعارك سياسيا، ولكن لابد أن نتفق على قاعدة أن الجميع سواسية فى الحقوق والواجبات، ولا فضل لمصرى على آخر إلا بالعمل والاتقان.

ما أتصوره من مشهد «تمزيق ملابس حمدين» الأخير، هو أننا أمام دولة مذعورة، أركانها هشة، أبواقها فجة، لا تعرف إلا الخلاف على طريقة «فرش الملاية»، وأخشى أن تقودنا تلك السياسة فى النهاية إلى صناعة المزيد من الأعداء، وخسارة الكثير من الأبناء.
التعليقات