إدارة أوباما فى عيون صينية - السيد أمين شلبي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 4:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إدارة أوباما فى عيون صينية

نشر فى : الثلاثاء 10 مارس 2009 - 6:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 10 مارس 2009 - 6:55 م

 فى تحليل معظم الخبراء الأمريكيين للتحديات الدولية التى تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية، فى القرن الواحد والعشرين، ثمة اتفاق بينهم على أن أكثر ما سوف يواجه الولايات المتحدة هو إدارة العلاقات مع الصين، خاصة بعد صعودها الاقتصادى غير المسبوق.

والذى يتنبأ بأن تكون فى الحقبة القادمة القوة الاقتصادية الثالثة فى العالم. الأمر الذى يجعل العلاقات معها أهم علاقات ثنائية فى العالم.

فى خلفية هذا يبدو الجدل الطويل الذى يدور فى المؤسسات بين الساسة والمحللين الأمريكيين منذ أن أنهى ريتشارد نيكسون زيارته التاريخية لبكين فى فبراير 1972 الخصومة التى دامت عشرين عاما بين البلدين، وهى الخطوة التى استكملها الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر حين أقام علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين. منذ هذا التاريخ والجدل يدور بين مدارس الفكر الأمريكية حول تكييف العلاقة مع الصين وهل ينظر إليها كشريك استراتيجى أم كخصم؟

وقد امتد هذا الجدل حتى إدارة كلينتون، والذى اختار قبل أيام من زيارته للصين فى يونيو 1998، طريقا مختلفا عما تدعو إليه المدرستان من مواقف مطلقة إذ أوضح أن اختياره فى التعامل مع الصين يقوم على أساس الاعتبارات المبدئية وكذلك الدوافع العملية.

عمليا بتوسيع دائرة التعامل مع الصين، ومبدئيا بالتعامل معها بشكل صريح ومباشر حول قضايا الاختلاف. غير أن كلينتون رغم اختياره لهذا الطريق الوسط إلا أنه كان واضحا فى رفض المدرسة التى ترى الصين كخصم، وتدعو إلى احتوائها مثلما تم احتواء الاتحاد السوفييتى خلال الحرب الباردة.

ورغم أن بوش الابن قد هاجم خلال حملته الانتخابية « تساهل» إدارة كلينتون مع الصين فإنه انتهى تقريبا إلى التعامل مع الصين ودعوتها لأن تكون «شريك مسئول» فى النظام العالمى.

ولكن خاصة مع مجىء إدارة أوباما، يعود التساؤل حول كيف تنظر الصين إلى الرئيس الأمريكى الجديد وإلى تأثير سياسته على العلاقة بين البلدين؟

فى محاولة للإجابة عن هذا السؤال لجأ بعض المحللين الأمريكيين إلى تحليل المقالات التى تصدر عن الجريدة الرسمية الصينية Daily News، والى تحليل مئات الدراسات التى صدرت عن أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية (CASS).

ويوحى تحليل هذه المقالات والدراسات الصينية إلى اعتبار أن القادة الأمريكيين لم يبدوا أى خجل حول طموح بلدهم، وأنه بالنسبة لهم مصير إلهى أيا ما كانت تعتقده قوى أخرى.على هذا فإن دفاع أوباما عن مصالح الولايات المتحدة سوف يصطدم حتما مع هذه القوى.

ورغم أن بكين تعتقد أن التوترات يمكن أن تدار، ولكنها لا يمكن أن تحل بشكل دائم بين القوة القائمة والقوة الصاعدة. وعلى هذا فالتوتر هو حتمية بنيوية. وفى اعتقاد بكين أن الولايات المتحدة وهى مشتتة بحروبها واقتصادها الضعيف، فإن اهتمام واشنطن الاستراتيجى لن يلبث أن يتحول فى القريب نحو الشرق.

وفى رأى هذه الدراسات الصينية، فإن الولايات المتحدة وهى قوة أعظم وفريدة تنشد بشكل لا يكل ليس فقط أن تبنى وتحافظ على قوتها ولكن أيضا، تنشر قيمها الديمقراطية. وهو اتجاه يمثل خطرا للقادة الصينيين الذين يعتقدون أن أمريكا سوف تجد صعوبة فى قبول دور قيادى أعظم لبكين طالما ظل الحزب الشيوعى منفردا بالسلطة.

وتشير هذه الدراسات إلى أنه فى عيون بكين فإن الرئيس السابق بوش اتبع سياسة خارجية طموحة ولكن طائشة، وفى محاولته مد القوة الأمريكية فقد ضحى بالنفوذ الأمريكى وجاءت حربه الواسعة على الإرهاب لكى تفتح فرصا استراتيجية ضخمة للصين.

وعلى العكس ففى الوقت الذى تشتت فيه أمريكا بالحرب، حققت الصين مكاسب ضخمة فى آسيا وقوضت علاقة أمريكا مع حلفائها وشركائها فى المنطقة. ووفقا لهذه الرؤية الصينية فإن الرئيس أوباما قد يمثل تحديا صعبا لبكين، وشأنه شأن كل الرؤساء الأمريكيين منذ الحرب الثانية، فإن أوباما ينشد مد دور أمريكيا القيادى فى العالم والتى تعتقد بكين أنه سيكون ضارا بها.

وعلى عكس بوش تعتقد بكين أن أوباما يفهم بشكل أفضل وجوه القوة الأمريكية والنفوذ الأمريكى، بمعنى القوة الصلبة مقابل القوة اللينة أو الذكية، والقهر مقابل الشرعية، والإجبار مقابل الإقناع وقوة النموذج.

وباختصار فيما تستخلصه هذه الدراسات فإن بكين قلقة من القيادة الجذابة والتى يمكن أن تجدد رصيد القوة الأمريكية وقيادتها ونفوذها فى العالم، وأكثر من هذا فإن أوباما قد تحدث فى خطاب تنصيبه حول الدفاع عن الحرية ضد النظم السلطوية والذين اعتبرهم «فى الجانب الخاطئ من التاريخ»، وإذا كان هذا يعنى فى السابق الاتحاد السوفييتى فإنه فى هذا الوقت يعنى الصينيين. وليست هذه هى الرسالة التى تريد الصين أن تسمعها من الرئيس الأمريكى الجديد.

التعليقات