بيان ذمة مالية إلزامى لمرشحى الرئاسة - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الإثنين 2 ديسمبر 2024 6:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بيان ذمة مالية إلزامى لمرشحى الرئاسة

نشر فى : الأحد 1 يناير 2012 - 8:55 ص | آخر تحديث : الأحد 1 يناير 2012 - 8:55 ص

«على المجتمع المصرى أن يطالب كل مرشح للرئاسة أن يقدم إقرارا ماليا علنيا له ولعائلته (الزوجة والأولاد والأحفاد حال وجودهم)، على أن يتضمن هذا الإقرار بيانا بإجمالى الثروة المالية والعينية بما فيها العقارية، وكيف تم الحصول عليها. كما يجب أن يعلن كل مرشح عن مصادر دخله المالى تفصيليا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وكيف، ومن ينفق على أنشطة الحملة الرئاسية».

 

وهذا يمثل بداية تصلح كحد أدنى يضمن درجة مقبولة من الشفافية المالية لرئيس مصر القادم. يقينا فإن مصر النزيهة التى نصبو إليها ستبدأ بضمان نزاهة الرئيس القادم.

 

وموضوع التمويل مهم لعدة أسباب، فهو من ناحية يضمن نزاهة الشخص وحقيقة مواقفه السياسية، ويضمن نزاهة العملية الانتخابية من ناحية أخرى، والأهم أنه يظهر حقيقة موقف المرشح السياسية والاقتصادية. تلقى هذا المرشح أو ذاك تمويلا من جهة معينة أو أصحاب مصلحة معينة سيعكس تفضيل المرشح ومواقفه السياسية الحقيقية. تمويل من أصحاب شركات خاصة يختلف عن تمويل أو دعم من اتحادات عمال أو فلاحين.

 

ورغم عدم الإعلان رسميا عن فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، إلا أن هناك ما يزيد عن عشرة مرشحين بدءوا فعليا حملاتهم الانتخابية من أجل الفوز برئاسة مصر. وتطالعنا الصحف يوميا بأخبار عن افتتاح مقرات إدارية فى محافظات مختلفة لحملات مرشحى الرئاسة، إضافة إلى قيام بعض المرشحين الرئاسيين بالفعل بتوظيف أعداد كبيرة من المساعدين والمتخصصين. هذا بالإضافة إلى تكاليف متزايدة متكررة نتيجة عقد مؤتمرات انتخابية شعبية يحضرها الآلاف من المواطنين، وتتطلب إقامتها مئات الآلاف، إن لم يكن ملايين من الجنيهات. إلا أن تلك التقارير كلها تنتهى قبل التطرق لمصدر تمويل تلك الاحتفالية أو هذه المناسبة، ولا يبادر أحد حتى الآن بتوضيح مصادر تمويل كل هذه الأنشطة.

 

مصر ما بعد الثورة لا يجب أن تسمح أن يرأسها شخص لا يعرف المصريون كل تفاصيل ذمته المالية. وفى الوقت الذى تثار فيه قضية التمويل الغربى والخليجى فى الانتخابات البرلمانية، لا ينبغى أن نتجاهل أهمية شفافية تمويل الحملات الانتخابية الرئاسية.

 

منصب رئيس الدولة أكبر وأخطر من أن يترك دون وضع ضوابط قانونية ومجتمعية صارمة لمن يصبو إليه. لا يكفى أن يصف البعض هذا المرشح أو ذاك أنه «قيمة مصرية كبيرة» أو أنه «ذو تاريخ طويل من العمل العام» أو أن «وطنيته ونزاهته ليست محل تساؤل». كما تقرر الحكم المتوارثة أن «المال السايب يعلم السرقة» و«حرص ولا تخون» و«الشفافية هى أفضل مطهر».

 

وبسبب غياب الإطار القانونى القوى لضبط مصادر التمويل، لا يبقى أمامنا سوى الضغط إعلاميا ومجتمعيا من أجل أن يؤسس كل مرشح مؤسسة مؤقتة تنتهى بانتهاء الانتخابات. وتكون مهام هذه المؤسسة جمع الأموال للحملة الانتخابية وإدارتها. ويجب الإعلان عن مصادر كافة هذه الأموال، وكيفية إنفاقها فى تقارير يتاح للعامة الاطلاع عليها إلكترونيا من خلال موقع المؤسسات الخاصة بالمرشحين على الإنترنت.

 

علاقة المال بالسياسة أصبحت أشبه بالسرطان الذى يستشرى فى ‏المجتمعات من شمال الأرض إلى جنوبها. وبما أن وجود دور للمال فى الحياة السياسية بات من الحقائق التى لا يمكن القضاء عليها، فقد يكون من الأفضل البحث عن إطار قانونى ومجتمعى صارم يتحكم فى نفوذ المال ويجرم عدم الكشف عن مصادر التمويل، وهوية الممولين، ويضمن تحقيق أكبر قدر من المساواة فى الفرص بين المرشحين بغض النظر عن توافر ممولين من عدمه.

 

وبداية يجب أن يجرم، بصورة قاطعة لا تحمل أى تأويل، أى تمويل يحصل عليه أى مرشح من غير المصريين، وأن يشطب فورا أى مرشح لا يلتزم بهذا القيد. وتوفر الخبرة الأمريكية فى تمويل الحملات الانتخابية بعض النقاط الايجابية التى يمكن أن تفيد فى ضبط عملية تمويل مرشحى الرئاسة المصرية. وعلى سبيل المثال تمنع الحكومة الأمريكية تلقى أى تبرعات أو مساهمات من مواطنين غير أمريكيين. كما حدد القانون الأمريكى سقفا للتبرعات الفردية بحيث لا يحق لفرد واحد أن يتبرع بأكثر من 2300 دولار لحملة أى مرشح.

 

أثناء حملة الانتخابات الأمريكية الرئاسية الأخيرة تعرض باراك أوباما لموقف له دلالات كبيرة، إذ وجه أحد المواطنين سؤالا له قائلا «يبدو أنك رجل نظيف وصالح، لماذا تريد دخول معترك قذر وكريه كالسياسة؟»، وبالطبع لم يرد أوباما! إلا أنه تعهد بتطبيق شفافية كاملة تتيح للمواطنين الأمريكيين الاطلاع كل تفاصيل أغلب أنشطة إدارته الحاكمة وأنشطة البيت الأبيض.

 

السياسة معترك قذر بصفة عامة، ويزداد قذارة بسبب دور المال فيه. لذا علينا التأكد من أن رئيسنا القادم نظيف من شبهة أى تمويل غير قانونى وغير أخلاقى.

 

توافر شفافية كاملة فيما يتعلق بمصادر تمويل حملات المرشحين للرئاسة من شأنها أن تكون العامل الأهم فى ترسيخ مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين المرشحين.

 

وعلينا نحن جماعة الإعلاميين واجب مهم يتمثل فى العمل على إتاحة المعلومات للمواطن المصرى والعمل على معرفة ونشر تفاصيل عمليات تمويل حملات مرشحى الرئاسة وثرواتهم. أما المواطن المصرى الواعى فعليه ألا يعطى صوته إلا لمرشح أفصح عن مصادر تمويله وعن حجم ومصادر ثروته.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات