الدولة الخطرة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدولة الخطرة!

نشر فى : الجمعة 1 أبريل 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الجمعة 1 أبريل 2016 - 9:55 م
يبدو ان يوم 5 أبريل الحالى، سيكون مفصليا لصورة مصر على المستوى الدولى، حيث ينتظر وصول وفد من المحققين المصريين إلى روما، للاجتماع مع نظرائهم الإيطاليين، لعرض ومناقشة جميع ما تم التوصل اليه من ادلة بشأن مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى.

الاجتماع يأتى فى ظل إخفاق مصرى كبير، فى إدارة أزمة مقتل ريجينى، إذ إن التعامل مع هذه القضية، كان بعيدا تماما عن الاحترافية والمهنية، بل تحول إلى «لعب هواة» يستهدف فقط طمس معالم الجريمة والتغطية على الفاعل الحقيقى.. فقد حاولنا فى البداية تصدير رواية ان الضحية شاذ جنسيا، ولما ثبت عكس ذلك، روجنا إلى كون الموضوع «جريمة شرف» وأن الباحث الايطالى كانت له علاقات نسائية، لكن ذلك لم يقنع أحد، فلجأنا أخيرا إلى قصة «عصابة الأجانب»، التى كانت بمثابة فضيحة كبرى.

ما يجب أن يدركه صانع متوالية الروايات الكاذبة فى قضية ريجينى، هو ضرورة التوقف تماما عن إطلاق مثل هذا الكلام، الذى لا يمكن أن يقتنع به أحد، بل انه يزيد من منسوب الغضب الدولى تجاه مصر، ويدخلها فى دائرة يصعب الخروج منها سريعا، ويرفع من فاتورة علاج تداعيات تلك الأزمة.

عليه ايضا إدراك أن روما لن ترضى بغير الحقيقة، مهما كان حجم المصالح مع القاهرة، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الإيطالى، ماتيو رينزى، الذى قال إن «بلاده لن تتوقف سوى بإعلان الحقيقة الكاملة، وليست الحقيقة المريحة»، أما وزير خارجيته، باولو جينتيلونى، فقد قال لصحيفة «لا كوريرى ديلا سيرا» الإيطالية، «فى حال لم نحظ بأجوبة مقنعة من القاهرة، فسنقدم على الخطوات اللاحقة.. بإمكاننا اتخاذ أى قرار فى وقت لاحق فى حال غياب هوامش للتعاون الفعال».

تهديد مبطن من رأس الدبلوماسية الإيطالية، لكن رئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب الإيطالى، فرانشسكو بوتشا، كان أكثر صراحة، وقال فى تصريحات لصحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية: «لن نتمسك بأى اتفاقيات تجارية مع القاهرة قبل إعلان حقيقة وفاة ريجينى».

الإعلام الإيطالى بدأ يروج لسيناريوهات مخيفة ضد مصر، وتحدث عن أنه اذا لم تحصل روما على الحقيقة الكاملة، فإن «الضربة الحاسمة» ستكون من خلال ملف «التبادل السياحى» بين البلدين ووضع الخارجية الإيطالية مصر على «القائمة السوداء» وإعلانها «دولة خطرة وغير آمنة».
هذه الاجواء الغاضبة والمحتقنة التى تسيطر على المشهد الإيطالى، تتطلب من وفد المحققين المصريين الذى سيتوجه إلى روما، ان يحمل معه «حقيبة حقائق» تقنع الطرف الإيطالى، وليس مجرد كلام فى الفراغ، يزيد من وقع الأزمة على العلاقات بين البلدين.

لا ينبغى على الوفد المصرى، المشارك فى اجتماع 5 أبريل، الحديث عن عصابة خطف الأجانب، ومحاولة الإيحاء بأنها المسئولة عن قتل الباحث الإيطالى، فهذا الكلام لن ينطلى على أحد، وسيكون بمثابة دليل واضح أمام الإيطاليين، على عدم وجود رغبة حقيقية لدى المسئولين المصريين، فى تحديد المتورط الفعلى فى هذا الحادث البشع.

القضية خطيرة بالفعل، وتحتاج إلى وعى حقيقى بالتطورات المتلاحقة على الساحة الإيطالية والأوروبية، وعدم الاكتفاء بإبلاغ المسئولين الإيطاليين، بأن مقتل وتعذيب ريجينى، ليس سوى «حادث فردى»، وأن الدولة المصرية حريصة على «أهمية إحداث التوازن بين إرساء الأمن والاستقرار وبين الحقوق والحريات».. فهذا الكلام وإنْ كان يصلح للاستهلاك المحلى، وتصدُّر عناوين الصحف وبرامج التوك شو، فإنه لا يمكن أن يقنع أصغر عضو فى البرلمان الأوروبى، الذى صوَّت أخيرا على إدانة أوضاع حقوق الإنسان فى مصر.. علينا أن نكون مستعدين للإجابة عن السؤال الصعب، والاعتراف بالمجرم الحقيقى المتورط فى قتل ريجينى، وبدون ذلك فإن جميع السيناريوهات السيئة يمكن تخيّـل حدوثها مستقبلا، أقربها أن نوضع على قوائم الدول الخطرة.
التعليقات