حول الإجراءات الجديدة للتسجيل العقارى - فتحي والي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:40 م القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حول الإجراءات الجديدة للتسجيل العقارى

نشر فى : الثلاثاء 2 مارس 2021 - 7:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 2 مارس 2021 - 7:15 م

لا يشك أحد فى الفائدة الكبيرة التى تعود على الدولة والمواطنين من تسجيل عقاراتهم فى الشهر العقارى. وقد قرأت باهتمام نص المادة ٣٥ مكرر من قانون الشهر العقارى التى صدرت بالقانون رقم ١٨٦ لسنة ٢٠٢٠. كما قرأت آليات التسجيل وفقا لهذه المادة التى شرحها السيد الدكتور/جمال ياقوت رئيس مصلحة الشهر العقارى بجريدة الأهرام الصادر يوم ٢٠١٢/٢/٢٥، والتى أوضح فيها الخطوات العملية التى يجب اتباعها لتطبيق هذه المادة.
وفيما يلى نبين هذه الخطوات كما حددها المسئول الأول عن الشهر العقارى فى مصر، وبعدها نبدى بعض الملاحظات العامة بشأن ما يجب مراعاته احتراما للقوانين السارية فى مصر، ونختم هذه المقالة بتقديم مقترحاتنا بشأن المادة ٣٥ مكرر.
أولا: بيان إجراءات التسجيل الجديدة:
وفقا للمادة ٣٥ مكرر والخطوات اللازم اتباعها لتطبيقها كما حددها رئىس مصلحة الشهر العقارى، فإن على الشخص الذى يكون معه حكم نهائى يثبت إنشاء حق من الحقوق العينية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله أن يقوم بالخطوات التالية:
أولا: الذهاب إلى مأمورية الشهر العقارى الواقع فى دائرتها العقار لكى يسجل بها عريضة دعوى.
ثانيا: الذهاب إلى مصلحة المساحة لكى تقوم بمعاينة العقار.
ثالثا: الذهاب إلى مأمورية الشهر العقارى مرة ثانية للحصول على إخطار بقبول هذا التحديد.
رابعا: الذهاب إلى مكتب المراجعة الفنية فى المحافظة أو الجهة التابع العقار لها، لتسجيل صحيفة دعوى.
خامسا: الذهاب مرة ثالثة إلى مصلحة الشهر العقارى لكى تعطيه الرقم الوقتى للتسجيل.
سادسا: الذهاب إلى المحكمة التابع بها العقار، وتقديم طلب للحصول على حكم منها.
سابعا: الذهاب إلى المحكمة لكى يحصل على صورة رسمية من الحكم.
ثامنا: الذهاب إلى مأمورية الشهر العقارى مرة رابعة ليحصل منها على خطاب جريدة الأهرام لنشر الحكم.
تاسعا: الذهاب إلى الحى التابع له العقار للحصول على شهادة منه بان العقار غير مخالف.
عاشرا: الذهاب مرة خامسة إلى مأمورية الشهر العقارى لتسليمها شهادة المخالفات.
احد عشر: لكل ذى مصلحة الاعتراف على القرار الوقتى للتسجيل خلال شهر من نشره فى جريدة الأهرام. ويكون الاعتراض أمام قاضى الأمور الوقتية الذى يتبعه العقار. وللقاضى تأيد القرار الوقتى أو رفضه. وعليه أن يصدر قراره خلال سبعة أيام من تقديم الاعتراض إليه ويكون قراره نهائيا.
ثانى عشر: إذا صد قرار القاضى برفض الاعتراض، يحصل طالب التسجيل على صورة رسمية من القرار ويذهب بها للمرة السادسة إلى مأمورية الشهر العقارى. لكى تجرى القيد النهائى وتسجيل العقار.
ثانيا: ملاحظات عامة على هذه الخطوات:
١ ـ تضمنت المادة ٣٥ مكرر والاجراءات التى رسمتها مصلحة الشهر العقارى لتطبيقها، شروطا إضافية لا تتفق مع نظام الشهر العقارى الذى ينص عليه القانون، وتتعارض مع بعض المبادئ العامة فى القانون المصرى. وأهمها:
١ ـ تم منح سلطة تقدير سلامة المستندات اللازمة للتسجيل إلى قاضى الأمور الوقتية الذى يلجأ إليه طالب التسجيل للحصول على حكم. ووفقا للقانون المصرى، قاضى الأمور الوقتية هو قاضٍ ينظر فى المسائل العاجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت والتى تقتضى أن ينظرها القاضى دون جلسة وفى غير حضور الأطراف. وهو ــ بحسب وظيفته التى حددها القانون ــ لا يصدر حكما بل يصدر أمرا وقتيا دون المساس بموضوع المسألة التى تعرض عليه.
وإذا كان الحال كذلك، فإن الفصل فى سلامة مستندات طالب التسجيل لا يجوز أن تناط بقاضٍ للأمور الوقتية، وإنما بقاضى موضوع.
وإذا كان المقصود من اعطاء الاختصاص لقاضى الأمور الوقتية هو أن ينظر المستندات المؤيدة لطلب التسجيل من حيث الظاهر دون بحث موضوعى، فإن هذه المهمة فضلا عن خروجها عن اختصاص قضاة الأمور الوقتية، يمكن أن تقوم بها بكفاءة أكثر نفس مأمورية الشهر العقارى التى يقدم إليها الطلب.
ومن ناحية أخرى، فان المادة تنص على أن «حكم» قاضى الأمور الوقتية نهائى. ولأن قاضى الأمور الوقتية يصدر قراره فى غير جلسة ودون سماع أقوال أى طرف فقد يخطئ فى قراره. ولهذا يجب أن يكون قراره قابلا للتظلم منه وفقا لقواعد الأوامر على العرائض التى ينص عليها قانون المرافعات المدنية والتجارية.
٢ ـ يبدو أن النص الجديد يريد إنشاء نظام جديد يحل محل نظام التسجيل الحالى الذى يعرفه قانون الشهر العقارى، ويكون القيد النهائى فى الشهر العقارى عندما يصدر قاضى الأمور الوقتية «حكما» بسلامة هذا القيد، يعتبر حاسما بالنسبة لتقرير الحق العينى لمن تقرر القيد النهائى باسمه. وهذا أمر خطير، إذ لا يتصور أن يناط بقاض للامور الوقتية مثل هذه السلطة، وأن يصبح قراره الوقتى حاسما بالنسبة لحقوق العينية العقارية للأشخاص، فمثل هذه الحقوق لا يمكن أن يحسمها إلا حكم قضائى.
٣ ـ اقتصر النص على من معه حكم قضائى نهائى، فهو لا ينطبق على من ليس له حكم نهائى، ولهذا فإنه لا يحقق هدف المشرع من حصر الثروة العقارية فى مصر.
٤ ـ لا توجد صلة قانونية أو منطقية بين تسجيل العقار أو القيد فى الشهر العقارى ووجود مخالفات على العقار، ولهذا فإنه لا محل لإلزام طالب التسجيل بالحصول على شهادة من الحى بعدم وجود مخالفات على العقار فهذا استحداث ليس له وجود فى القانون الحالى. وهو استحداث يتضمن تعسفا فى استعمال سلطة التشريع، باستعماله اداة لتحقيق هدف غير الذى يقصده النص التشريعى. وقد يعرضه للحكم بعدم الدستورية، ونفس الأمر، بالنسبة للنص على منع تقديم خدمات المرافق العامة لمن لا يقوم بقيد حقه فى الشهر العقارى، إذ تلحقه شبهة عدم الدستورية، لاعتدائه بوضوح على حقوق قررها الدستور للمواطنين.
٥ ـ لا يحقق النشر فى جريدة يومية واسعة الانتشار أى فائدة، ولا حاجة إليه لتحقيق الهدف الذى يرمى إليه نص المادة ٣٥ مكررا. فمن الناحية العملية لم يعد المصريون يقبلون على قراءة الجرائد المكتوبة. وإذا كان النشر فى جريدة لازما بالنسبة لكل طلب تسجيل، فمن غير المتصور أن تتسع جريدة الأهرام لكل الإعلانات عن القيد فى الشهر العقارى. ولو فرضنا أن قامت الجريدة بإصدار صفحات عديدة لهذه الإعلانات، فمن الناحية العملية لا يتصور أن يقوم طالب القيد بقراءة هذه الإعلانات بأكملها، لكى يعثر على إعلانه منشورا لاخطار مأمورية الشهر العقارى بتمام الإعلان!!
٦ ـ لأن الدولة ترعى المواطنين، فإنه يجب اعفاء ملاك المساكن المؤجرة بإيجار قديم والمساكن التى توجد بالقرى وبالاراضى الزراعية سواء كانت فى زمام القرية أو خارج الزمام، من رسوم التسجيل ومن ضريبة التصرفات. وبغير هذا الاعفاء لن يقبل هؤلاء على قيد عقاراتهم. ولن يتحقق الهدف الذى ترمى إليه الدولة من حصر الثروة العقارية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية التى تسعى إلى تحقيقها.
ثالثا: مقترحاتنا:
من العرض السابق يتبين مدى العنت الذى يصيب كل من يفكر فى تسجيل عقاره بعد نفاذ هذه المادة. ولأنى على ثقة من أن الدولة ترمى بهذه المادة إلى حماية حقوق المواطنين وعمل حصر دقيق للثروة العقارية حتى تتمكن من وضع السياسة المناسبة لبرامجها الانمائية، فإننى أرى إعادة المادة ٣٥ مكرر إلى مجلس النواب. لكى يقرر أحد حلين:
الأول: إلغاء المادة ٣٥ مكرر وتخفيض رسوم التسجيل لمدة محددة «عامين مثلا» مع إعفاء من أشرنا من قبل إلى وجوب إعفائهم من دفع أية رسوم أو ضريبة تصرفات، مع ادخال تعديلات على إجراءات التسجيل فى الشهر العقارى لتيسيرها بمراعاة ما ذكرنا من ملاحظات، فتكون الإجراءات كالتالى:
١ ـ يقدم طالب التسجيل طلبه إلى مأمورية الشهر العقارى، ومعه مستنداته التى تكون المصلحة قد حددتها. وتتولى المأمورية فحص المستندات والحصول على أية موافقات ترى لزوم الحصول عليها من جهات حكومية أخرى، واتمام التسجيل فى ميعاد محدد.
٢ ـ إلغاء أى دور لقاضى الأمور الوقتية.
٣ ـ إلغاء النشر فى إحدى الصحف اليومية.
٤ ـ عدم التجاء طالب الشهر إلى أى محكمة، ويكون الالتجاء إلى المحكمة ممن يتظلم من قرار المأمورية فى ميعاد يحدده القانون، ويكون الاختصاص للقاضى الجزئى الذى يتبعه العقار. وقبل الحكم الطعن فيه استثناء أمام المحكمة الكلية.
٥ ـ عدم الربط بين اجراءات التسجيل ودفع ضريبة التصرفات أو دفع مديونيات لإحدى الجهات الحكومية، أو أية مخالفات تتعلق بالعقار المطلوب تسجيله.
الثانى: إبقاء المادة ٣٥ مكرر مع تعديلها لإنشاء نظام جديد يحقق الهدف الذى أراده المشرع منه وهو حصر الثروة العقارية لتمكين الدولة من تحقيق أهدافها التنموية، ويبقى نظام الشهر العقارى كما هو بسجلاته الشخصية والعينية مع النظر فى تعديل إجراءاته.
ويتم النص على نظام القيد الوقتى والقيد النهائى كنظام مستقل عن اجراءات الشهر العقارى كالتالى:
١ــ يعد فى مأمورية الشهر العقارى جدولان: جدول يحتوى على ما تم طلب قيده وجدول لما تم قيده. ومن الطبيعى أن كل من يرغب فى شراء عقار يذهب إلى مأمورية الشهر العقارى التابع لها العقار للكشف عنه قبل الشراء. ولهذا فإن قيد الطلبات، ثم قيد ما تم فيها فى جدولين فى الشهر العقارى، سيمكن من يرغب فى شراء العقار أو اكتساب حق عينى عليه من معرفة هذه القيود دون حاجة لنشر فى جريدة دون فائدة.
٢ــ لكل ذى مصلحة فى الاعتراض على القيد الوقتى أو النهائى أن يتظلم إلى مأمورية الشهر العقارى التى تم فيه قيد الطلب وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ القيد الوقتى أو تاريخ القيد النهائى.
٣ ــ تفصل المأمورية فى التظلم خلال شهرين من تقديمه وتقوم بإخطار مقدم التظلم ومقدم الطلب إن كان غير المتظلم بقرارها بخطاب مسجل بعلم الوصول.
٤ــ لمن رفضت المأمورية تظلمه أن يطعن فى قرارها خلال شهرين من اخطاره بقرار المأمورية وذلك بدعوى تختص بها ــ استثناء ــ المحكمة الجزئية الت ىتتبعها المأمورية ويقبل الحكم الاستئناف وفقا للوقاعد العامة ويقتصر اختصاص القاضى على الفصل فى سلامة قرار المأمورية بالنسبة للقيد فى جداولها دون التعرض للحق العينى على العقار أو لصحة أو بطلان ما يكون قد تم من تسجيل بواسطة مأمورية الشهر العقارى وذلك سواء تم التسجيل وفقا لم قدم للمأمورية من مستندات أو نتيجة صدور حكم قضائى بصحة ونفاذ تصرف فى العقار أو بتقرير حق عينى عليه.
٥ــ بعد إنقضاء ميعاد التظلم فيه أو بصدور حكم نهائى فى هذا الطعن منه أو بعد انقضاء ميعاد الطعن فى قرارها فى التظلم دون الطعن فيه أو بصدور حكم نهائى فى هذا الطعن يكون قرار المأمورية بالنسبة للقيد نهائيا.
وبهذا النظام ــ بمراعاة ما قدمنا من ملاحظات ــ وتوجيه حملة إعلامية ناجحة يتحقق عمليا الهدف من نظام القيد الذى أدخلته المادة ٣٥ مكرر وهو حصر الثروة العقارية فى مصر لتمكين الدولة من تحقيق أهدافها التنموية وهو هدف يختلف تماما عن الهدف من نظام الشهر العقارى.

فتحي والي عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة الأسبق
التعليقات