مصر التى فى خاطرى - امال قرامى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 4:42 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر التى فى خاطرى

نشر فى : الثلاثاء 2 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 2 يوليه 2013 - 8:00 ص

علّمونا على مقاعد الدراسة أنّ مصر كانت دوما السبّاقة، امتلكت الريادة وحقّقت مسيرة النهضة (المطبعة، الصحافة، الفنون..) وفهمنا دلالات عبارات يتباهى بها المصريون من قبيل: «مصر هى أمّ الدنيا» وأدركنا الوصلة التى تربط المغاربة بمصر.

 

نشأنا على حبّ مصر واحترام عظماء جادت بهم مصر فالتهمنا قصصا وروايات وحفظنا عن ظهر قلب قصائد وأغانى للشيخ الإمام وأحمد فؤاد نجم والأبنودى وغيرهم كثيرون وتأثّرنا بأفلام هند رستم وفاتن حمامة والسندريلا وحلمنا بعمر الشريف ورشدى أباظة.. واستوعبنا دروس هدى شعراوى ونوال السعداوى و.. وانفطرت قلوبنا وبكينا جمال عبدالناصر ونما ذوقنا حين طربنا مع أمّ كلثوم ومحمد عبدالوهاب والعندليب الأسمر و..

 

ومحصّنا فى كتب تيارات فكرية متعدّدة وتأمّلنا فى أدبيات الإخوان بدءا بالبنّا وصولا إلى قطب وأدركنا مدى قدرة الجماعة على التنظيم والتعبئة والقولبة وواصلنا رصد الجديد والطريف والوقوف عند العجيب والغريب إلى أن حلّت الثورات.. وجمعنا التاريخ مرّة أخرى بأشقائنا المصريين بعد أن أضحينا موضوعا للدراسة المقارنية والبحوث الميدانيّة التى ترصد مواطن الائتلاف ومواطن الاختلاف بين التجربتين المصرية والتونسية.

 

●●●

 

وما كنّا نعلم أنّه بصعود الإسلام السياسى فى كلا البلدين إلى سدّة الحكم سنعيش:

 

ــ نزع الأسطرة عن تيارات ادّعت أنّها تمثّل المرجعيّة الإسلاميّة وزعم ممثّلوها أنّهم «يعرفون الله» فيتقونه.

 

ــ وضع المنظومة القيمية لتيّارات احتكرت الخطاب الأخلاقوى على محكّ التجربة فإذا بنا نشهد انفصاما بين السياسة والأخلاق، ونجمع الحجج الدالة على مدى ممارسة النفاق والتلاعب وازدواجية الخطاب. فلا المواثيق احترمت ولا الوعود نفّذت ولا المحصنات احترمن ولا الشرفاء نزّلوا منازلهم.

 

ــ تهافت حجج من ادّعى أنّه يدافع عن الفقراء ويحمى حقوق المساكين والمهمّشين فإذا بالنظام الاقتصادى النيوليبرالى يشتدّ عوده وإذا بالمبرّر الدينى متوفّر: إنّ الله يحبّ الأغنياء ويعد الفقراء الصابرين بجنّات عدن.

 

ــ كشف النقاب عن مخاوف تستبدّ بالإسلامويين لعجزهم عن ترويض الإعلاميين والتفاعل مع المثقفين والفنّانين فتجعلهم يشنّون حملات شعواء على هؤلاء بدعوى التطهير والتأديب.

 

ــ سقوط الأقنعة الواحد تلو الآخر فلا الشيخ شيخ مهاب ولا القيادى قادر على نظم الخطاب ولا السياسى يمتلك القدرة على احتواء الأزمات والإقناع برؤية واضحة.

 

ــ مقت مكتسبات الثورة فلا الحرّيات تكرّست ولا الكرامة تحقّقت ولا الشغل توفّر ولا العدالة تجسّدت ولا غضب الشباب المهمّش تمّ احتواؤه ولا مكتسبات النساء تطوّرت.

 

ــ اختطاف الدين والمتاجرة به فكم من حروب تكفيريّة وغزوات انطلقت من مساجد استولى عليها أشباه دعاة ما خافوا الله قسّموا البلاد إلى فسطاطين: فسطاط أهل النار وفسطاط أهل الجنّة وجعلوا العنف سيّد الميدان.

 

ــ تزييف التاريخ وكره ما تحقّق ضمن مسار الحداثة وهدم أسس الدولة والتلاعب بدلالات المفاهيم والمصطلحات فاستقلالية القضاء حادت عن مسارها ودولة القانون والمؤسسات أفرغت من مضامينها وحلّت مصالح العشيرة والأتباع فوق كلّ اعتبار وتوارت الوحدة الوطنية وراء كثرة الحسابات.

 

ــ الاستنجاد بالبلطجية وأصحاب السوابق ممن يزعمون أنّهم حماة الثورة ومحصنوها لاكتساب الشرعيّة وانتزاع الاعتراف قسرا من أناس ما انحنوا وما طاعوا.

 

هذه بعض من مواطن اتفاق بين خلان الوفاء، وإن كنّا واعين باختلاف التجربتين ومقدار التفاوت بين المسارين ولكن يبقى التشابه مثيرا للانتباه وتبقى المحصلة: لا النهضة تحقّقت ولا العدالة والتنمية بانت علاماتها ولله عاقبة المصير..

 

●●●

 

ولكن ‹لن نموت بغيظنا› إذ يبقى الأمل فمصر التى فى خاطرى تتماهى مع تونس التى فى مخيّلتى هى بلاد تعجّ بالكفاءات والطاقات ما انقطع فيها الإبداع والابتكار.. يوما ما سيعود الدرّ إلى معدنه وسيكتب التاريخ تمرّد الأحرار على الجهل والبلادة والركاكة ومقاومتهم للسفهاء والأدعياء والمتكبّرين.

 

 

 

أستاذة بالجامعة التونسية

التعليقات