السياسة كده - امال قرامى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السياسة كده

نشر فى : الثلاثاء 3 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 3 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

مواقف حزب النهضة من خصومه السياسيين تأرجحت بين المواجهة عبر الحرب الكلامية، والحملات التشويهيّة التى شنّتها «كتائب الفايسبوكيين»، والتأديب الذى مارسته الميليشيات المعاضدة للحزب والوساطة المتعدّدة والتودّد المبطّن والغزل المباشر: همس،ورمى للورود ومدح وثناء وذكر للفضائل.

«واهو من ده وده... السياسة كده... مش عايز غير الكلام».

وبعد أن كان «حزب نداء تونس» فى نظر خصومه، أخطر على تونس من أنصار الشريعة، وحزبٌ لا قاعدة شعبيّة له، ويضمّ أزلام النظام السابق، وظاهرة آيلة للاضمحلال، ورمز الثورة المضادة... بات حزبا قويّا له حضور يُؤخذ بعين الاعتبار فى المعادلة السياسيّة، وفى خارطة ترتيب المصالح والموازين. فلا غرابة أن تمتّد جسور التواصل بين رئيسى الحزبين فى باريس: مدينة الحبّ والنور، والجنّ والملائكة. وهناك نشأت علاقة جديدة «مشرقة» سرعان ما أرخت بظلالها على المشهد الإعلامىّ، والسياسىّ التونسى. صدق بيرم حين قال:

«حبيبى لما يواعدنى تبات الدنيا ضحكالى»

●●●

وبعد أن كان الباجى قائد السبسى العجوز الماكر والشيخ المتصابى ورأس الحرباء والثعلب الماكر والسفّاح.. أضحى السياسىّ المحنّك الذى أنقذ البلاد والوطنىّ الغيّور وصاحب شخصيّة «كارزماتية» حقّقت الوحدة الوطنيّة وأنجح العمليّة الانتخابيّة فكانت بفضله «شفّافة ونزيهة».

صدق بيرم حين قال:

ويعجبنى خضوعى إليه واسامحه وهو ظالمني

وبعد الغيم ما يتبدّد وبعد الشوق ما يتجدّد

غلاوته فوق غلاوته تزيد ووصله يبقى عندى عيد

وبعد أن كانت «نسمة» القناة الخاصّة قناة الكفر الصريح ومنبر العلمانيين والزنادقة وحثالة الفرانكفونيّين.. غدت بقدرة قادر قناة المصالحة والدفع بالفرقاء إلى التواصل الجاد والبنّاء. وسبحان مغيّر الأحوال؟

صدق بيرم حين قال:

«وبعد الليل يجينا النور وبعد الغيم ربيع وزهور»

●●●

وبعد أن كان الموقف من التيارات السلفية الجهاديّة سببا من أسباب الخلاف السياسى حول شأن إرادة استقرار البلاد، وتوفير أمن العباد بين حزب ذى خلفيّة دينيّة ترى فى الدفاع عن «أنصار الشريعة» فرضا وواجبا أخلاقيّا ودَينا سياسيّا، ومناصرة للخلاّن المبشّرين بثقافة جديدة حتى وإن قذفت بالبلاد فى أتون الإرهاب، أصبح تيار «أنصار الشريعة» تنظيما مواليا للقاعدة، ويُصنّف ضمن الجماعات الإرهابية، وتنسب إليه الاغتيالات السياسيّة، والعمليات الممنهجة للانقضاض على السلطة، وجرّ تونس إلى حرب أهليّة. صدق بيرم حين قال:

«ولما طبعه يتغيّر وقلبى يبقى متحيّر

مع الأفكار ابات فى نار وفى حيرة تبكينى»،

وبعد أن كان الغنوشى يصرّ على الظهور فى لَبوس الشيخ المفكّر، والعالم المنظّر، والمنافح عن الرؤية الجامعة بين الإسلام والديمقراطية، وبعد أن ظهر لنا فى المسيرات الداعمة للشرعيّة فى دور الداعية المتدرّب على فنون التعبئة والتجييش، يغترف من تاريخ الدعوة المحمديّة: فبين فتح مكة، ومعاناة المهاجرين، ومحنة الصحابة مع كفار قريش، وبعد أن برز فى مسيرة دعم «مرسى» مهدّدا متوّعدا الانقلابين، بدا الرجل فى صورة مغايرة والفضل للمستشارين الإعلاميين الذين نصحوه بالعبّ من معين الحكم والأمثال علّه يكتسب كاريزما تمكّنه من سدّ الفجوة بينه وبين فئة من الشعب ازداد كرهها له على مرّ الأيام. وبين ثنائية الحب والكره، وجبّة المفكّر، ودور السياسىّ تاه المرشد. صدق بيرم حين قال:

«تشوفه يضحك وفى قلبه الأنين والنوح

عايش بلا روح وحيد والحب هو الروح»

●●●

وللساخطين على هذا التقارب بين الإخوة الأعداء وعلى لمّ شمل أشدّ الخصوم ضراوة نقول: اهو من ده وده السياسة كده.. عايزه تمثيل وكلام ولعب على الدقون واستحمار للعباد، ومناورة مع العدوّ: اوريه الرضا بالعين وقلبى على الخداع ناوى.

بجرح قد ما بجرح واعطف تانى واداوى.. فعلا السياسة كده.

 

أستاذة بالجامعة التونسية

التعليقات