ماذا لو؟ - امال قرامى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا لو؟

نشر فى : الثلاثاء 4 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 4 يونيو 2013 - 8:00 ص

ماذا لو راجع الفاعلون السياسيون مواقفهم تجاه أحداث ذات صلة بأشكال تعبير فئة من الشباب عن ذواتهم فى تونس ما بعد الثورة: هؤلاء الذين اكتسبوا الصوت وصاغوا تصوّرا جديدا للعالم ورؤية مختلفة للجسد والأخلاق ووسائل الاحتجاج.

 

فحين تعلق الأمر بجماعات متطرفة انفلت عقالها وسعت إلى الهيمنة على الفضاء العمومى واستمتعت ببث الرعب فى نفوس الناس، رافعة الأسلحة فى وجه من رفضوا الخضوع للأحكام وقرارات أسلمة البلاد كان رد فعل القياديين تقمص دور الأب والزعيم والراعى والشيخ وقد أبدى هؤلاء تفهما لما يحدث وعبروا عن تعاطف مع الأبناء «الضالين» وأكدوا أن بإمكانهم استدراج هؤلاء إلى منظومة الإسلام الوسطى والمعتدل عبر الحوار والاحتواء.

 

غير أن الخطاب الموظف لقيمة الأبوة وأسس الاعتراف سرعان ما يتوارى عندما يتعلق الأمر بفئة أخرى من الشباب الذين ارتأوا التعبير عن أنفسهم ومواقفهم من السياسة والدين والأخلاق والحياة من خلال الجرافيتى أو فيس بوك أو تويتر أو غيرها من الوسائط الجديدة. ومع أن هؤلاء الشبان يبشرون بثقافة جديدة فإن الموقف تجاههم يتسم بالتشدد أو التجاهل.

 

يلوذ الفاعلون السياسيون وأغلب الناشطين الحقوقيين بالصمت، ويتظاهرون بتجاهلهم للموضوع بل إن من بينهم من يبارك أقسى العقوبات التى سلطت على هؤلاء العصاة، والملحدين، فهؤلاء يعرضون المسار التوافقى والوحدة الوطنية لمخاطر.

 

ويتساءل المرء: لم هذا الفرز؟ لم يخضع أبناء تونس لهذا النظام التراتبى: قسم منهم يتم الاعتراف بهم والتغاضى عن أخطائهم: نقبلهم، نحنو عليهم ونحتضنهم ونغفر لهم زلاتهم بل إننا نلتمس لهم الأعذار والمبررات. أما القسم الثانى فهو ملفوظ هم لقطاء لا يمكن الاعتراف بهم طالما أن مرجعيتهم مختلفة وتصوراتهم غريبة وسلوكهم هجين يصدم المشاعر الدينية ويتعارض مع بلاد استعادت هويتها العربية الإسلامية، بل إنهم أعداء الله وأعداء الوطن يحيكون مؤامرة ويزرعون الفتنة ويوالون الغرب.

 

•••

 

نسوق هذا الكلام بمناسبة محاكمة أمينة على خلفية حملها لقارورة غاز مشل للحركة دون رخصة فى معقل أنصار الشريعة: مدينة القيروان: يسمى البعض أمينة الناشطة الحقوقية المنتمية إلى فيميين Femen الحركة العالمية لعاريات الصدور اللواتى يحتججن من خلال أجسادهن، ويسميها البعض الآخر العاهرة والمجاهرة بالفحش، والمجنونة، التى تجرأت على تعرية صدرها متحدية صعود الإسلاميين إلى الحكم، محرجة الحكام الجدد واضعة عن غير قصد، ملف الحريات على محك الاختبار مجندة وسائل الإعلام العالمية للغرض.. حاملة شعار «جسدى ملكى وليس مصدر شرف لأحد». ولئن تنكر أغلب التونسيين لأمينة فإن منظمة فيميين سارعت بالدفاع عنها فأرسلت «المناضلات» للدفاع عنها.

 

استشاط حراس الأخلاق والشريعة والقانون غضبا حينما رأوا فتيات ينتمين إلى المنظمة يقدمن على تعرية نهودهن أمام سور المحكمة بتونس العاصمة يوم 28 مايو الماضى، عرض البعض ملابسهم لحجب النهود عن أنظار المارين، وعدسات الكاميرا، فى حين سارع البعض الآخر باستعمال العنف اللفظى والعنف المادى لمواجهة هذا الموقف، ذكرت إحدى المحاميات بضرورة الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة فى حين سارعت إحداهن بصفع المحتجات.

 

•••

 

مشهد عاريات الصدور يذكرنا بمشهد عرى السياسيين لقد سقطت ورقة التوت وما عاد بالإمكان «إسدال الحجاب» على عورات النخب. فأيهما أخطر على تونس نهود الفتيات أم عرى النخب التى وقفت متذبذبة، تائهة غير قادرة على التصريح بموقف منسجم وجرىء؟ ولكن من لا يملك رؤية للحكم لا يملك موقفا.

 

ماذا لو واجه الفاعلون والناشطون والقياديون والمثقفون أنفسهم وراجعوا مواقفهم.. ماذا لو تركوا حساباتهم الضيقة جانبا وتخلصوا من مخاوفهم؟

 

يقول النحاة العرب: لو حرف امتناع الامتناع.

 

 

 

أستاذة بالجامعة التونسية

التعليقات