وهم المدنية - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 7:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وهم المدنية

نشر فى : الأحد 4 أكتوبر 2015 - 6:25 ص | آخر تحديث : الأحد 4 أكتوبر 2015 - 6:25 ص

لا لتوظيف الدين فى قضايا الحكم، لا للخلط بين الدين والسياسة، لا لتوريط الدين فى الانتخابات. هكذا تأتى أمانينا لمصر، أما الواقع فسياقاته تؤشر على أفعال وأوضاع وتداعيات مغايرة.

يعهد رأس السلطة التنفيذية إلى المؤسسات والأجهزة الرسمية والنخب المتحالفة معه بمهام «الإصلاح الدينى» التى لم يثبت أبدا على امتداد التاريخ والجغرافيا تحققها حين تم تبنيها من أعلى. يفعل رأس السلطة التنفيذية ذلك لكى ينتزع شرعية دولية وإقليمية تتجاوز مقولات «نحتاج إلى الحكم فى مصر فى ظل أوضاع بلاد العرب المتفجرة» ولكى يدعى مضمونا أخلاقيا وإنسانيا ومجتمعيا يتمثل فى مواجهة التطرف وتجفيف منابع الإرهاب، بينما الخبرات القديمة والمعاصرة للكثير من البلدان تدلل على استحالة مواجهة التطرف وتعذر التخلص من المنابع الفكرية للإرهاب والعنف ما لم يقدم المجتمع على الدولة وتقدم فاعلياته المستقلة على أدوار المؤسسات والأجهزة الرسمية.

يخرج رأس الكنيسة القبطية على شعبه وعلى الرأى العام بتدخل فى التفضيلات السياسية والحسابات الانتخابية لبعض المواطنين الأقباط الذين قرروا خوض الانتخابات البرلمانية القادمة على قوائم حزب النور السلفى. يعصف البابا بحرية الاختيار المكفولة (نظريا) لكل مواطن حين يطالب «أقباط النور» بإعادة النظر فى اختيارهم، ويواصل توريط الدين الرسمى الذى يمثله فى قضايا الحكم والسلطة وصراعات المتنافسين على سياسة أميتت.

يستخدم حزب النور الدين، رمزيته ومقولات الحق / الباطل والصواب / الخطأ، للحصول على رأسمال انتخابى يمكنه من المنافسة على البرلمان. يقترب موعد الملهاة الانتخابية التى حددت إطارها «القانونى» و«السياسى» السلطة التنفيذية على نحو يلغى مسبقا قدرة البرلمان على الاضطلاع بدور تشريعى أو رقابى مستقل، وشيوخ الدعوة السلفية يخرجون على الناس بسيل من الفتاوى وكأنهم يذكرونهم بوجودهم ويستدعون فى الأذهان علاقات الارتباط بين الدعوة وحزب النور بحثا عن استمالة البعض انتخابيا. وفى ذات الوقت، تنشط قيادات وكوادر حزب النور فى مجالات العمل الخيرى الحامل للافتات دينية وتغزو محافظات ومناطق ترشح قوائم الحزب بأسواق وخدمات، ومن ثم تتورط فى مأزقين ــ استخدام الدين واستخدام المال الانتخابى.

أين هى، إذا، تلك المدنية التى وعدوا الناس بها؟

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات