رقبتنا.. وسيف حقوق الإنسان! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رقبتنا.. وسيف حقوق الإنسان!

نشر فى : الأحد 6 ديسمبر 2020 - 9:15 م | آخر تحديث : الأحد 6 ديسمبر 2020 - 9:15 م

صباح الخير أستاذ عماد...
أتفق تماما مع ما ذهبت إليه فى مقالك «رهان نشطاء المنطقة على بايدن».
تخوفى، وهو ما بدأت إرهاصاته فى الظهور بوضوح، أن يكون ملف الحريات وحقوق الإنسان، هو العنوان الوحيد لمصر فى الفترة القادمة. وهذا بالطبع ليس فى صالحنا ويسىء لسمعة واسم مصر. لذلك من المهم خلق وإبراز الموضوعات أو القضايا التى تحظى مصر فيها بميزة نسبية، والتأكيد على تفعيل محورية وأهمية واستراتيجية مصر لأمريكا وللعالم، ولكى يطغى ذلك على أى شىء آخر. كما سيكون من المهم أيضا، وبالتوازى، البحث عن والعمل على اتباع أسلوب مختلف فى التعامل من جانبنا مع ملف الحريات وحقوق الإنسان، ليظهر تفاعلنا معه بالقدر الذى يخاطب مشاغل وقلق المجتمع الدولى، وفى نفس الوقت لا يهدد استقرارنا وأمننا القومى، ولا أعتقد أنهما نقيضان».
الرسالة السابقة وصلتنى من صديق عزيز، وهو فى نفس الوقت شخصية مرموقة، تعليقا على مقالى المنشور فى الشروق يوم 24 نوفمبر الماضي.
أتفق مع معظم ما جاء فى الرسالة، خصوصا، خطورة أن يتم اختزال علاقتنا مع أمريكا وأوروبا، فى ملف حقوق الإنسان أو كأنه تهمة تطاردنا.
إذا حدث هذا الاختزال فهو أسوأ دعاية للحكومة والنظام ويرسخ لفكرة خطيرة مفادها أن بعض البلدان الغربية، تدافع عن حقوق الإنسان فى مصر فى مواجهة الحكومة.
مبدئيا: هل هناك مشاكل فى ملف حقوق الإنسان فى مصر؟! الإجابة هى نعم قطعا.
السؤال الثانى: هل بعض الدول الخارجية تستغل هذا الملف لحسابات سياسية؟!
الإجابة هى نعم قاطعة. لكن هل نلوم هذه الدول حينما تفعل ذلك؟!
الإجابة هى أن ملف حقوق الإنسان صار سلاحا دبلوماسيا، تستخدمه العديد من الدول خصوصا أمريكا وأوروبا ضد العديد من الدول خصوصا الصين وروسيا وإيران، لكن بعض هذه الدول من القوة بحيث إنها لم تعد تخشى من بيانات الإدانة والشجب.
لكن الأصل فى الأشياء أن نهتم نحن فى مصر بهذا الملف ليس خوفا أو خشية من الغرب، ولكن لأن هذا هو ما ينبغى أن يكون.
من الخطأ الكبير أن يكرر بعضنا أن بايدن ليس لديه من شاغل إلا ملف حقوق الإنسان فى مصر. من يفعل ذلك لا يدرى كيف يسىء إلى سمعة مصر ويشوهها.
ما جاء فى بداية هذا المقال كلام منطقى لشخصية عاشت فى الخارج كثيرا، وتعرف كيف يفكر الغرب فى هذا الملف.
ليس من الحكمة أن يقول بعضنا: «على الغرب أن يضرب دماغه فى أقرب حائط».
هذا الكلام قد يصلح إذا كنا لا نحتاج هذا الغرب، فى السلاح والاقتصاد والأدوية والغذاء والتكنولوجيا والاستثمارات. أما وقد صار العالم قرية صغيرة، كما يقولون فعلينا أن نتعلم كيف نتعامل مع هذا العالم فى العديد من المجالات.
لا أدعى الحكمة، وأعرف أن العديد من بلدان الغرب تستخدم ملف الحريات وحقوق الإنسان للتربص بنا منذ سنوات طويلة، لكن علينا أن نقر بأننا نعطيهم الفرصة فى مرات كثيرة للإساءة إلينا.
ومن المهم أن ندرس كل خطواتنا فى هذا الملف بهدوء وروية حتى لا نوفر لهم المادة الخام للتربص.
قولا واحدا أتمنى أن يكون سجلنا فى حقوق الإنسان أبيض تماما، وألا يستخدم ضدنا فى الخارج. هذا من حيث المبدأ، وعلى أرض الواقع، فإنه لا ينبغى أن نتخذ خطوة أو خطوات معينة، فى قضية ما ونتحدث عن سياق ما، ثم نهبط فجأة أو العكس.
مرة أخرى هناك بعض المنظمات الحقوقية، تكاد لا تفعل شيئا إلا التربص بمصر، لكن هناك هيئات ومؤسسات ووزارات غربية كثيرة بدأت توجه لها سهام النقد، وترك ذلك يتفاقم ليس فى مصلحتنا إطلاقا.
نحتاج إلى إعادة التفكير فى التعامل مع هذا الملف بحيث لا يتحول إلى سيف مسلط على رقبة مصر، ويغطى على كل ما يتم إنجازه على أرض الواقع.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي